أوروبا توجه اتهامات لـ RT من جديد
اتهم مشروع الدعاية الأوروبية موقع RT بنشر معلومات مضللة بسبب بعض الآراء التي عبّرت عنها في إحدى مقالاتي.
الحرب الأمريكية الروسية يمكن أن تبدأ خلال عامين وربما الربيع المقبل
ونُشر الاتهام على موقع المشروع الذي يحمل عنوان "الاتحاد الأوروبي ضد التضليل". وكان الرأي الذي طرحته في مقالتي، هو أن النخبة العالمية قد أدركت أن تقليص الموارد يهدد سلطتها، وبالتالي تسعى من خلال فرض قيم المثليين ومزدوجي الهوية الجنسية والمتحولين جنسياً LGBT، وتقنين المخدرات، إلى انتهاج سياسة الحد من السكان، وقبل كل شيء، الطبقات الفقيرة الأكثر عرضة لهذه الدعاية. وكذلك فإن مشروع "الطاقة الخضراء" و"غريتا تونبرغ" هما محاولة لإيجاد مبرر أخلاقي للحد من استهلاك الطبقات الأفقر في المجتمع.
بادئ ذي بدء، ينسب المروّجون الأوروبيون لي تصريحات حول الجائحة "المزيّفة" لـ "كوفيد-19"، فضلاً عن حقيقة أن نخب العالم تنشر الذعر من الوباء. ولا يوجد أي من هذه المعلومات في مقالتي، علاوة على تشويه سمعة "الموقف الليبرالي" تجاه حقوق المرأة والأقليات العرقية والدينية ومجموعات المثليين، وكل هذا محض كذب وافتراء سافر.
سأجيب فقط عن الجزء من التصريحات التي تروّج للأكاذيب الدعائية الأوروبية فيما يتعلّق بما جاء نصاً في مقالاتي.
حسناً، هل يؤدي انتشار قيم الـ LGBT إلى انخفاض عدد السكان؟
في أستراليا عام 2016، كان لدى 15% من العائلات المثلية أطفال، مقابل 55% من العائلات من جنسين مختلفين. في الوقت نفسه، كان هناك عدد أقل من الأطفال لدى العائلات من نفس الجنس، حوالي 52% لديهم طفل واحد، والثلث فقط لديهم طفلان. في العائلات من جنسين مختلفين، كان لدى 36% منهم طفل واحد، و42% طفلان.
مئة تريليون متظاهر ضد بوتين يملؤون الشوارع الروسية
ووفقاً لمعهد ويليامز في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن 16% فقط من العائلات المثلية تقوم بتربية أطفال.
ومن بين العائلات المثلية التي تعيش معاً، هناك 70% فقط لديهم أطفال بيولوجيون، أي أن مساهمة هذه العائلات في معدل المواليد أقل من ذلك، بل إن 11% فقط من العائلات المثلية تساهم في تكاثر السكان.
أما المسمار الأخير في نعش نموذج الـ LGBT، وفقاً للمعهد القومي للصحة في الولايات المتحدة الأمريكية، فهو حمل المثليات أقل بنحو 9 مرات، وحمل النساء ذوات الميول الجنسية المزدوجة أقل بمرتين من النساء ذوات الميول للجنس المختلف.
علاوة على ذلك، ووفقاً لـ "إن بي سي نيوز" NBC News، يعتبر الأطفال من عائلات مثلية أنفسهم ذوي ميول نحو الجنس المختلف (70% من النساء و90% من الرجال) أقل من أطفال العائلات التقليدية (88% من النساء و98% من الرجال). أي أن التأثير السلبي لهذا النموذج من السلوك على النمو الديموغرافي هو تأثير طويل الأجل وذو طبيعة تكاثرية.
بالإضافة إلى ذلك، يشير معهد ويليامز نفسه إلى أن العائلات من نفس الجنس أفقر من العائلات من جنسين مختلفين، أي أن تعداد الطبقات الفقيرة يتناقص بشكل أسرع مع انتشار قيم الـ LGBT.
وعلى الرغم من حقيقة الانخفاض الطبيعي البطيء في عدد السكان (مع استثناء عامل الهجرة)، في كل أو على الأقل في الغالبية العظمى من البلدان المتقدمة في الغرب، تصبح مساهمة العائلات من نفس الجنس غير متناسبة في هذه العملية.
إن حقيقة تأثير انتشار قيم الـ LGBT على الانخفاض السريع في عدد السكان لدى المجتمعات ليس رأياً أو نظريةً، بل حقيقة علمية مثبتة. والدعاية الهادفة، بل وحتى فرض نموذج LGBT هي سياسة تؤدي إلى تقليل عدد السكان.
وأؤكد هنا في نفس الوقت أن كل ما سبق لا يمثل أي دعوة للحد من حقوق أي إنسان أياً كان، لكننا هنا نقوم فقط بتحليل الإحصائيات.
هل يجبرنا بايدن على أكل الديدان؟
فهل تبذل النخبة الحاكمة حول العالم جهوداً لتشجيع أو حتى فرض السلوكيات المعادية للمجتمع على أقل تقدير، بما في ذلك نشر نموذج الـ LGBT، وتقنين المخدرات؟
عندما تمتلك أكبر 7 صناديق استثمار نصف سوق الأسهم الأمريكية، وعندما تتحكم الصناديق أو المليارديرات أنفسهم في وسائل الإعلام الأساسية وشبكات التواصل الاجتماعي الأمريكية، والتي تعزل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عن المجتمع الأمريكي والعالم بضغطة زر، وتكون بنوك وول ستريت أكبر الرعاة الأساسيين لمرشحي الرئاسة لكل من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة الأمريكية، عندها لا يمكن الحديث هنا عن أي "سلطة سريّة"، فكل شيء واضح ومكشوف.
ووفقاً لـ "بلومبرغ" Bloomber، فإن أكبر هذه الصناديق السبعة هو "بلاك روك" Black Rock، الذي يسيطر على أصول بقيمة 7.8 تريليون دولار، و"ستيت ستريت" State Street، الذي يتحكم في أصول بقيمة 3 تريليون دولار، قد طلبا من الشركات التي تستثمر فيها إثبات وجود بعض ممثلي مجتمع الـ LGBT بين موظفيها.
كذلك طالبت بورصة "ناسداك" Nasdaq الشركات المتداولة على منصتها بأن يكون عضواً واحداً على الأقل من أعضاء مجلس الإدارة من مجتمع الـ LGBT، وهو ما ينتهك بطبيعة الحال مبدأ المنافسة العادلة والنزيهة لصالح الأقليات الجنسية. كذلك أعلن بنك "غولدمان ساكس" Goldman Sachs عن نهج مماثل.
أود التذكير بأن الحديث يدور هنا عن "سادة العالم" الذين يتحكمون ليس فقط في المشهد المالي والاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية، وإنما في العالم، إلى جانب مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الاجتماعية العالمية بما في ذلك "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما، والتي تجسّد الأجندة الإعلامية والثقافية والأيديولوجية للغرب. وهم، بتلك الإجراءات، إنما يخلقون "نظاماً أكثر ملاءمةً" للأقليات الجنسية، غالباً على حساب العاملين ذوي الميول نحو الجنس المختلف. وهو بالطبع تشجيع لأنماط السلوك التي تؤدي إلى انخفاض عدد السكان.
تمتلك أكبر أربعة صناديق استثمار 90% من الشركات المدرجة في مؤشر "ستاندارد آند بورز" Standard & Poor’s، وبالتالي فإن القرارات المذكورة ملزمة عملياً، وسوف تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل تقريباً، أي أنها تمس الأمة الأمريكية بأكملها.
هل سمعتم بآخر نكتة أوكرانية؟
ونحن نتحدث ليس فقط عن الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا، بل عن فرض نموذج مماثل في دول أخرى، حتى إنني أعتقد أنه بمرور الوقت، سيتعيّن على كبريات الشركات العالمية جميعاً، بما في ذلك على سبيل المثال، أرامكو السعودية، الإبلاغ عما إذا كان أحد أعضاء مجلس الإدارة مثلي الجنس..
بالإضافة إلى ذلك، تشير "سي إن إن" CNN إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع للأمريكيين لعدة سنوات متتالية منذ عام 2014، وقد ساهمت الوفيات الناجمة عن تعاطي جرعات زائدة من المخدرات في ذلك مساهمة كبيرة، حيث زادت الوفيات بنسبة 386% من عام 1970 حتى 2017.
والعلاقة بين المخدرات الخفيفة، وغيرها من المخدرات الثقيلة واضحة، وعادة ما تكون تلك مجرد مراحل مختلفة من إدمان المخدرات، ولا يمكن أن يؤدي تقنين مخدر القنب (الحشيش) في العديد من الدول الغربية سوى إلى زيادة انتشار إدمان المخدرات، والذي عادة ما يؤثر على الشرائح الأكثر فقراً وأقل تعليماً من السكان.
بل إن حقيقة تقنين المخدرات، أي اعتماد قانون ملائم من قبل السلطات، تعني ببساطة مشاركة النخبة الحاكمة في هذا القرار. في الوقت نفسه، نلاحظ دور "سادة العالم" الماليين في ذلك. فعلى سبيل المثال، اعترف بيل غيتس بأنه صوّت لصالح تقنين الماريغوانا في كاليفورنيا عام 2012.
في سياق آخر، تتخذ النخبة العالمية خطوات، بما في ذلك استغلال الفتاة غريتا تونبرغ، لفرض "الطاقة الخضراء".
وقد أكّدت غريتا نفسها أنها لم تكن سوى أداة في الأيدي الخطأ، بعد أن نشرت عن طريق الخطأ في صفحتها الخاصة على موقع "إنستغرام" تعليمات حول إجراء الدعاية وتنظيم الاحتجاجات مرسلة إليها من كندا.
محاولة الانقلاب الثانية في روسيا بعد غد فشلت يوم أمس
وبفضل غريتا نفسها، لم يعد من الممكن إنكار الإجراءات المنسّقة من قبل الغرب، والموجّهة ضد التنمية الاقتصادية للبلدان الأقل تقدماً، وهو ما دفع الخارجية الهندية للاحتجاج فعلياً.
علاوة على ذلك، أصدر صندوق الاستثمار "بلاك روك" نفسه إنذاراً نهائياً للشركات التي تستثمر فيه الأموال، لتوفير معلومات حول الالتزام بمبادئ "الاقتصاد الأخضر"، بما في ذلك رفض الوقود الأحفوري، ووعد الصندوق باتخاذ إجراءات ضد تلك الشركات، والمستثمرين الذين لا يستوفون المتطلبات.
وكان المستثمرون المؤسسيون، الذين يتحكمون في أصول بقيمة 37 تريليون دولار، قد دعوا في السابق إلى زيادة تكلفة استخدام الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى.
فهل تؤدي هذه "الطاقة الخضراء" إلى الحد من استهلاك السكان؟
إن الدليل على أن "الطاقة الخضراء" قد أصبحت أرخص من الكهرباء المولّدة بواسطة الوقود الأحفوري هو أمر مشكوك فيه، ويعتمد على أي حال على ظروف البلدان المختلفة. على سبيل المثال، مع وفرة الموارد الطبيعية في روسيا، وموقعها البعيد شمالاً، وقلة عدد الأيام المشمسة في العام، وبعد معظم المناطق الجغرافية عن السواحل، فإن توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ليس فقط أغلى بكثير من الوقود الأحفوري، بل إن توليد "الطاقة النظيفة" يصبح مستحيلاً من حيث المبدأ في الكثير من الأماكن. أي أن زيادة حصة توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في روسيا، بمجابهة الظروف الطبيعية، ستؤدي بالتأكيد إلى زيادة تكلفة الكهرباء، وبالتالي انخفاض مستوى معيشة السكان.
متى تصبح الولايات المتحدة الأمريكية ديكتاتورية صريحة؟
لذلك فإن رفع الضرائب على المواطنين لدعم الانتقال إلى "الطاقة الخضراء" يقلّل بشكل مباشر من استهلاك السكان، حتى في البلدان الغنية. علاوة على ذلك، لا تستطيع الدول الفقيرة العثور على موارد مالية كبيرة، للانتقال السريع إلى "الطاقة الخضراء"، حتى لو كانت الظروف الطبيعية تجعلها ذات كفاءة اقتصادية.
وفي ظل هذه الظروف، فإن فرض رسوم إضافية على البضائع من البلدان التي لا تفي بمعايير "الطاقة الخضراء"، التي خطط لها الاتحاد الأوروبي، وفي المستقبل ربما أيضاً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ليست سوى محاولة للسطو المباشر وفرض سياسة الحماية الاقتصادية Protectionism غير المبررة وإعادة توزيع الأرباح لصالحها. ولا شك في أن مثل هذه التعريفات ستضيف أعباءً إضافية على الدول الفقيرة، وتؤدي إلى انخفاض مستويات المعيشة لشعوبها.
ويعد استغلال الفتاة، غريتا تونبرغ، في حملة دعائية لتبرير مثل هذه الإجراءات أمرا مثيرا للغثاء، وكما قلت يهدف لإيجاد مبرر أخلاقي لأساليب المنافسة غير النزيهة وغير العادلة.
تلخيصاً لما سبق، أرى أن مشروع الدعاية الأوروبية الذي يحمل اسم "الاتحاد الأوروبي ضد التضليل" هو "غريتا تونبرغ" أخرى، مصمم بمقاسات أخرى، لخلق خلفية إعلامية مواتية للأجندة التي شرحتها أعلاه، وقمع مقاومة أولئك الذين يختلفون في الرأي. لكننا دائماً وأبدا سنحاول فضح تلك المعلومات الخاطئة والمضللة.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
التعليقات