قصة زعيم أذابوا جسده وبقيت سنّه تشهد في جيب القاتل
مرت 100عام على ولادة باتريس لومومبا، وانقضت 64 عاما على اغتياله وتقطيع جسده وتذويبه في حمض الكبريتيك، إلا أن ملف قضيته لا يزال مفتوحا، واسمه يتردد رمزا للبطولة ولوحشية الجناة.
ناضل لومومبا بصلابة من أجل حرية بلاده الكونغو الديمقراطية واستقلالها عن بلجيكا ولم يتمكن السجن الذي زج به من وقفه أو إسكاته.
واجه البلجيكيين وفضح أساليبهم الوحشية الاستعمارية أمام العالم، ولم يوفر مليكهم بودوان الأول الذي جلس على عرش البلاد من عام 1951 حتى وفاته عام 1993. انتقده بشدة في حفل استقلال الكونغو في 30 يونيو 1960 وتحدى تمجيده للاستعمار البغيض.
كان المستعمرون البلجيكيون في الكونغو، كما أي قوة استعمارية أخرى، يصفون أنفسهم بالحضارة والتطور وسكان هذا البلد الإفريقي بالتخلف والوحشية، إلا ان الممارسات على الأرض تعكس تماما طرفي هذه المعادلة المهينة.
لأن باتريس لومومبا قاوم المستعمر ودافع عن حقوق الأفارقة الأساسية، قُتل ظلما وعدوانا ثم دفن قبل أن تستخرج جثته مجددا وتقطع إربا ثم تذاب في حمض الكبريتيك.
لم يبق منه شيء إلا قطعتين من إصبعين وسن مطلية بالذهب احتفظ بها ضابط بلجيكي على مدى عقود طويلة بمثابة "غنائم صيد عسكري"، فمن هو المتوحش يا تُرى؟
قاوم هذا المناضل الإفريقي كل الضغوط وخاض الانتخابات وتمكن من تشكيل ائتلاف وحصل من البرلمان على منصب رئيس الوزراء، إلا أن ذلك لم يرق للبلجيكيين وللأمريكيين. رأوا في موقفه الحازم المعادي للاستعمار والاستغلال الغربي لثروات بلاده، خطرا داهما على مصالحهم، فقرروا التخلص منه بأي ثمن وبأي وسيلة.
بعد أيام من استقلال جمهورية الكونغو الديمقراطية عن الاستعمار البلجيكي وتولي باتريس لومومبا منصب رئيس الوزراء، انفصلت مقاطعة كاتانغا بقيادة مويس تشومبي، وبدعم من شركات التعدين والقوات البلجيكية.
دخلت الاستخبارات الأمريكية على الخط وشاركت في المؤامرة لإقصاء لومومبا الذي طلب مساعدة الاتحاد السوفيتي بعد أن عجزت الأمم المتحدة عن التحرك.
دُفع برئيس جمهورية الكزنغو الديمقراطية "جوزيف كاسا فوبو" إلى عزل لومومبا في سبتمبر 1960، ثم قام العقيد "جوزيف ديزي موبوتو" الذي عُرف فيما بعد باسم "موبوتو سيسي سيكو" بانقلاب دبّرته الاستخبارات المركزية الأمريكية. اعتقل لومومبا وزج به في السجن، ثم أخرج منه وسُلم لقوات المتمردين في كاتانغا.
بحماية مرتزقة بلجيكيين قام متمردو مقاطعة كاتانغا بتعذيب أول رئيس وزراء في جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل إعدامه رميا بالرصاص بالقرب من مدينة "لوبومباشي".
فيما بعد، للتأكد من طمس جميع أدلة الجريمة، أشرف مفوض في الشرطة البلجيكية يدعى "جيرارد سويت" على نبش قبر لومومبا واستخراج الجثة وتقطيعها وإذابة أجزائها في حمض الكبريتيك، ثم إحراق ما تبقى من بقايا.
جيرارد سويت اعترف في وقت لاحق بأنه احتفظ بسن مطلية بالذهب وقطعتي أصابع، ووصف فعلته بأنها "انحدار إلى أعماق الجحيم".
هذا البلجيكي كشف علنا عن وجود سن لومومبا الذهبية في حوزته أثناء مشاركته في فيلم وثائقي عام 1999، وقام بعرضها كتذكار صادم. بعد وفاته في عام 2000، ورثت عنه السن ابنته غوديليف وقامت بعرضها على وسائل الإعلام البلجيكية في عام 2016.
سارعت السلطات البلجيكية إلى مصادرة "السن الذهبية"، وقامت ابنة لومومبا بحملة ضغط على مدى سنوات لاستعادته.
في عام 2002 وفي سابقة هي الأولى، عبّر الملك فيليب عن "اسفه العميق" لاستغلال الكونغو!، فيما أقر رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو بـ"المسؤولية الأخلاقية" لبلجيكا في مقتل لومومبا خلال حفل رسمي في بروكسل أعيدت فيه رسميا "السن الذهبية".
وضعت السن المطلية بالذهب في نعش نُقل جواء إلى عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا، حيث دفنت في ضريح في الذكرى 62 لاستقلال البلاد في 30 يونيو 2022.
سعي مدعون عامون بلجيكيون في يونيو 2025 إلى محاكمة آخر مشتبه به في هذه القضية لا يزال على قيد الحياة، وهو دبلوماسي سابق يدعى إتيان دافينيون ويبلغ من العمر 92 عاما. جلسة الاستماع في هذه القضية حددت في 20 يناير 2026.
بنهاية المطاف، وبعد الفوضى العارمة المزمنة والتمردات والحروب المتواصلة التي جُرت إليها جمهورية الكونغو الديمقراطية، زائير في فترة حكم الدكتاتور موبوتو، لم يعد يثق أبناء لومومبا في أحد حتى أن نجله جاي باتريس عارض إعادة "سن" والده خشية من أن يستغلها "السياسيون لتسجيل نقاط" لصالحهم.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
من أين جاءت "الولايات المتحدة"؟ وكيف ظهرت "أمريكا"؟
غير "الكونغرس القاري الثاني" رسميا في 9 سبتمبر 1776 اسم البلاد إلى "الولايات المتحدة الأمريكية". الاسم الجديد حل محل "المستعمرات المتحدة" الذي كان أقره الكونغرس في 7 يونيو 1775.
حنظلة: "محسوبك إنسان عربي وبس"!
جعل ناجي العلي رسوماته الساخرة بأسلوبها الصريح وشخصياتها و"حكاياتها" البسيطة في متناول الجميع، فيما أثارت صراحته الشديدة غضب الكثيرين، وعجلت برحيله المفاجئ قبل سن الخمسين.
سر الأسرار: "لا تخرج من سجنك مهما طال قبل أن تفكر 7 أيام"!
حين أبلغ بأن أبواب السجن ستفتح أمامه من دون قيد أو شرط بعد 27 عاما قضاها خلف الجدران، لم يهرول إلى الباب، بل طلب مهلة لمدة أسبوع. هذا ما فعله نيلسون مانديلا في 10 فبراير 1990.
منشط "النازيين" القاتل!
حلم بعض القادة العسكريين على مر التاريخ بامتلاك جيش لا يشعر بالتعب. جيش من المقاتلين الحديديين القادرين دائما على تجاوز أي عقبات، لا يعطلهم نوم، ولا يوقفهم جوع أو عطش ولا ألم.
السائح الجزائري بطل العرض العسكري في فرنسا!
وجد سائح عربي نفسه فجأة في بؤرة حدث خطير في 14 يوليو 2002. كان يشاهد في باريس العرض العسكري بمناسبة سقوط سجن الباستيل حين دوى طلق ناري بالقرب منه.
الفارس الذي مات وسيفه بيده!
يعرف الكثيرون "أبو عبد الله الصغير"، آخر ملوك الأندلس، وربما والدته عائشة وعبارتها الشهيرة "ابكِ كالنساءِ ملكا لم تدافع عنه كالرجال"، لكن قلة تعرف الفارس الأسطوري إبراهيم العطار.
"تيسلا" بين الحقيقة والخيال!
تحمل شركة "تيسلا" للسيارات الكهربائية والتي يعد إيلون ماسك حاليا أكبر المساهمين فيها، اسم المخترغ والعالم في مجال الكهروميكانيكا "نيكولا تيسلا" الذي دارت حوله أساطير عديدة.
توأم أسود لأسرة بيضاء.. وخيانة زوجية تبطلها "مصاصة"!
تصوروا وقع الصاعقة التي نزلت على رأس زوجين بريطانيين وهما يحملقان في التوأم الذي وُلد لهما بعد طول انتظار. الولادة كانت منتظرة، لكن الأمر الصادم أنهما أسودان عكس والديهما!
بين كارثة "القطار العظيم" وغرق "ملكة البحر"!
وقعت "حادثة القطار العظيم"، وهي أكبر كارثة للسكك الحديدية في الولايات المتحدة في الساعة 07:20 صباح يوم 9 يوليو 1918، حينما تصادم قطاران فجأة وجها لوجه.
قالوا: "القبلة كشربة ماء مالح تزيد العطش".. ما أخطارها وفوائدها؟
سجل شهر فبراير 2013 رقما قياسيا في تايلاند في أمر ربما لن يخطر على بال أحد. الأمر تعلق بقبلة استمرت بين زوجين لمدة 58 ساعة و35 دقيقة.
اليوم الأخير في حياة "ساحرة" البلاط!
شهد البلاط الفرنسي حركة تململ مما اعتبر خطر "ساحرة" أجنبية بعيد اغتيال الملك هنري الرابع عام 1610 وتولي ماريا دي ميديشي الوصاية على عرش ابنها الصغير لويس الثالث عشر.
حين أدينت المقاتلة الأمريكية "إف – 16" بالقتل الخطأ!
من الكوارث الجوية المختلفة نوع يحدث نتيجة تصادم طائرات عسكرية بأخرى مدنية. في حادثة من هذا النوع انطلقت في 7 يوليو 2015 المقاتلة الأمريكية "إف – 16" مثل صاروخ ودمرت طائرة مدنية.
ستالين: "يجب أن تكون شجاعا جدا لتكون جبانا في الجيش الأحمر"!
وجه الزعيم السوفيتي يوسف ستالين في 3 يوليو 1941 أول خطاب للشعب السوفيتي منذ بدء الغزو الألماني النازي. في تلك اللحظات العصيبة، أعلن ستالين الصراع الجاري "حربا وطنية عظمى".
الصرخة المكتومة "يا إلهي ماذا فعلنا"؟
قبل ساعات من تنفيذ المهمة، اعتلى المقدم طيار بول تيبيتس ظهر طائرته، وكتب عليها اسم أمه "إينولا غاي تيبيتس". بعد ساعات انطلق إلى سماء مدينة "هيروشيما"، ونزل الموت كالصاعقة.
حتى أنت يا ابنة أمي وأبي!!
علّق أحد الكتاب على فرار "خوانيتا"، شقيقة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو من كوبا في 29 يونيو 1964، بنفس الطريقة التي وردت على لسان يوليوس قيصر، وكتب يقول: "حتى أنت يا أختي"!
"غيلدا" والـ "الجمال النووي الفتاك"
نظروا إلى القنبلة النووية على أنها حسناء فاتنة. أطلقوا عليها اسم "غيلدا"، وكتبوا على غلافها "ريتا هايورث"، وهو اسم ممثلة الإغراء التي لعبت دورها في فيلم بنفس الاسم.
انتقام "كادوغو" الرهيب من سيد "القصر الرخامي"!
كان اغتيال رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية لوران كابيلا حدثا صادما يعكس الفوضى العارمة في هذا البلد الواقع وسط إفريقيا، والذي يعد ثاني أكبر دولة فيها من حيث المساحة بعد الجزائر.
التعليقات