القتل بمدافع الهاوتزر والاعتذار بعد نصف قرن!
بدلا من الحضور بابتسامة عريضة لاستلام جائزة الأوسكار لأفضل ممثل، أرسل نيابة عنه شابة من الهنود الحمر الأمريكيين لتقول ما أفسد الحفل وأثار غضب وحنق الكثيرين.
حين أُعلن في 27 مارس 1973 على خشبة مسرح دوروثي تشاندلر في لوس أنجلوس اسم الممثل مارلون براندو، الذي منح جائزة الأوسكار على دوره في فيلم "العراب"، صعدت منصة الشرف ممثلة تبلغ من العمر 26 عاما ترتدي زيا تقليديا للهنود الحمر.
تقدمت الشابة وتجاوزت التمثال الذهبي الصغير الذي كان في انتظارها وخاطبت الحضور قائلة: "مرحبا. اسمي ساشين ليتل فيذر، أنا من أباتشي.. أمثل مارلون براندو هذا المساء. آسف جدا لأنه لا يستطيع قبول هذه الجائزة السخية للغاية. والسبب في ذلك هو الطريقة التي تتعامل بها صناعة السينما مع الهنود الأمريكيين اليوم".
وفيما تعالت الهمهمات وعلامات الانزعاج، واصلت ساشين ليتل فيذر الحديث نيابة عن النجم مارلون براندو قائلة: "منذ 200 عام ونحن نقول للشعب الهندي الذي يقاتل من أجل أرضه وحياته وأسرته وحقه في الحرية، القوا أسلحتكم، وسنبقى معا. فقط بوضع أسلحتكم أيها الأصدقاء يمكننا التحدث حينها عن السلام والتوصل إلى اتفاق يعود بالنفع عليكم. عندما ألقوا أسلحتهم قتلناهم. لقد كذبنا عليهم. لقد خدعناهم وسلبناهم أراضيهم. أجبرناهم على توقيع اتفاقيات احتيالية، أطلقنا عليها اسم العقود، ولم نلتزم بها أبدا".
وفيما تواصلت الهمهمات وعلامات الاستنكار في الحفل الذي شاهده على الهواء مباشرة 85 مليون شخص، استمرت الشابة قائلة: "في هذه المرحلة، قد تقولون لأنفسكم، ما علاقة كل هذا بجوائز الأوسكار؟ لماذا تقف هذه المرأة هنا، تفسد مساءنا، وتغزو حياتنا بأشياء لا تهمنا ولا نهتم بها؟ أعتقد أن الإجابة على هذه التساؤلات غير المعلنة هي أن مجتمع السينما مسؤول مثل أي مجتمع آخر عن إهانة الهندي والسخرية من شخصيته من خلال وصفه بأنه وحشي وعدواني وشرير. من الصعب بما فيه الكفاية بالنسبة للأطفال أن يكبروا في هذا العالم. عندما يشاهد الأطفال الهنود التلفاز والأفلام، وعندما يرون عرقهم يُصور بالطريقة التي يظهرون بها في الأفلام، فإن عقولهم تتعرض لصدمة بطرق لا نتخيلها أبدا".
حفل الأوسكار جرى وقتها على خلفية صدامات مسلحة بين السكان الأمريكيين الأصليين المطالبين بحقوقهم والشرطة الأمريكية في محمية "الركبة الجريحة" استمرت ربيع عام 1973 لأكثر من 71 يوما.
حاصرت أجهزة الأمن الأمريكية وقتها المنطقة وحاولت إجبار المتحصنين داخلها على إلقاء أسلحتهم، ما تسبب في عاصفة من الاحتجاجات في جميع أرجاء البلاد. في ذلك الوقت كان مارلون براندو بين الأوائل الذين دافعوا عن الهنود الحمر.
هذا الممثل والناشط أمريكي الشهير الذي توفى في 1 يوليو 2004، كان خصص عدة صفحات من كتاب سيرته الذاتية للإبادة الجماعية التي تعرض لها الهنود الأمريكيين من بينها الفقرات التالية:
بعد أن انتُزعت أراضيهم، حُشر الناجون في محميات، وأرسلت الحكومة مبشرين لمحاولة إقناع الهنود باعتناق المسيحية. بعد أن أوليتُ اهتماما بالهنود الأمريكيين، اكتشفت أن الكثيرين لم يكونوا يعتبرونهم بشرا. وكان هذا هو الحال منذ البداية.
كان كوتون ماثر، الأستاذ في كلية هارفارد، والدكتور الفخري من جامعة غلاسكو.. يقارن الهنود بأبناء الشيطان ويعتبر أن قتل المتوحشين الوثنيين الذين وقفوا في طريق المسيحية من إرادة الرب.
في عام 1864، قال العقيد جون تشيفينتون، وهو عسكري أمريكي، أثناء إطلاقه النار على قرية هندية تالية بمدافع الهاوتزر، إنه لا يجب استثناء الأطفال الهنود، لأن القملة تنمو من بيضة القمل. قال لضباطه: (لقد جئت لقتل الهنود، وأعتبر ذلك حقا وواجبا شريفا. ومن الضروري استخدام أي وسيلة تحت سماء الرب لقتل الهنود).
قوبل موقف النجم السينمائي الأمريكي والحديث عن قضية الهنود الحمر الذي عد وقتها بمثابة أول بيان سياسي في تاريخ دورات توزيع جوائز الأوسكار، بعبارات وتعليقات ساخرة من بعض نجوم هوليود الكبار.
في اليوم التالي، انصب اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية على ما جرى وعلى رفض براندو تسلم جائزة الأوسكار، فيما هاجم في وقت لاحق الناقد السينمائي الأمريكي روجر إيبرت ساشين ليتل فيذر، وقال إنها لا تنتمي مطلقا للأباتشي، وأنها ممثلة مكسيكية من الفئة "ب"، وأنها قامت بهذا الدور في حفل الأوسكار للترويج لنفسها.
تغيرت الأحوال بعد مرور ما يقرب من نصف قرن على هذه الحادثة. صدر اعتذار رسمي للمثلة ساشين ليتل فيذر من قبل أكاديمية السينما الأمريكية عن الإهانات التي تعرضت لها، وجرت الإشادة بشجاعتها.
ليتل فيذر ردت على الاعتذار قائلة: "نحن الهنود أناس صبورون للغاية، لقد مرت 50 عاما فقط! يجب أن نحافظ دائما على روح الدعابة حيال هذا الأمر".
المصدر: RT
إقرأ المزيد
رسالة إلى العالم واثنتان إلى جنديين إسرائيليين!
بلسان الشاعر محمود درويش، خاطب ريتشارد غير، النجم السينمائي الأمريكي في نشاط للتضامن مع أهالي غزة الشهر الماضي، العالم عبر مقطع فيديو بالإنترنت، ونقل المأساة المتواصلة منذ عقود.
تفجير تحت الأرض.. لحظة حسمت مصير جيش كان "لا يُقهر"
اكتملت في 7 مايو 1954 هزيمة الفرنسيين الكبرى في فيتنام في معركة "ديان بيان فو" باستسلام جماعي لقواتهم بما في ذلك قياداتها وعلى رأسهم الجنرال كريستيان دي كاستريس.
"سلاح السرطان" واليد الخفية!
رصد في أمريكا اللاتينية إصابة عدد من قادتها المعادين للولايات المتحدة بالسرطان، وامتد إصبع الاتهام إلى واشنطن. الشبهات زادت يعد وفاة الزعيم الفنزويلي هوغو تشافيز بسرطان الأمعاء.
بردعة مسامير وإيهام بالغرق.. أفظع وسائل تعذيب محاكم التفتيش!
ظهرت محاكم التفتيش بأمر من الملكين الإسبانيين فرديناند وإيزابيلا عام 1478، وكان الهدف الرئيس منها التخلص من معتنقي اليهودية والإسلام وكذلك أي معتقدات أخرى معارضة للكاثوليكية.
العملاق الصيني بين القوة والشيخوخة!
تجاوز عدد سكان دولة واحدة في العالم هي الصين في 29 أبريل 1982 عتبة المليار نسمة، فما هي المؤشرات السابقة؟ وإلى أين يسير التنين الصيني في هذا المجال؟
اختفى هدير الشلالات وظهرت البنادق والسيوف و"توماهوك"!
في ظلمة حالكة ليلة 29 مارس 1848، توقف فجأة هدير المياه في شلالات نياجرا على الحدود الكندية الأمريكية. تجمد كل شيء ولم تعد المياه تتساقط.
بيع عرش في مزاد علني!
شهدت الإمبراطورية الرومانية في 28 مارس عام 193 ميلادية، حادثة غير مسبوقة قام خلالها الحرس "البريتوري"، أي قوات الحرس التي تتولى حماية الإمبراطور، ببيع المنصب الشاغر في مزاد علني.
قصة اختراع فلاح روسي لـ "عربة ذات قضبان لا نهاية لها"!
تمكن فلاح بسيط في روسيا القيصرية من تحقيق إنجاز فريد في ظروف قاسية واستثنائية وتمثل في صنع "عربة ذات قضبان لا نهاية لها".
حلم "باريس" المستحيل!
شهدت فرنسا في 26 مارس 1871 حدثا بارزا تمثل في انتخاب مجلس "كومونة باريس" الذي تولى السلطة بشكل مستقل عن الدولة الفرنسية.
مدينة "البندقية" ولغز أخشاب الصنوبر الروسية!
تقول الأسطورة إن مدينة البندقية بشمال إيطاليا تأسست في الساعة الثانية عشر ظهر يوم 25 مارس عام 421. غارت مياه البحيرة وظهر للعالم "سيل من الجمال الذي لا يوصف".
"مصر" وكنوز أسطورية تحت الماء!
حالف الحظ صيادي كنوز بقيادة أرجنتيني يدعى هيرمان مورو في 25 مارس 1997، باكتشاف السفينة الشراعية الإسبانية "لا كابيتانا" التي كانت غرقت قبالة سواحل الإكوادور عام 1654.
عجائب خط الاستواء ومحنة الحلاقة بشفرات الفؤوس!
يمكن وصف نجاح سكان الإكوادور القدماء في تحديد خط الاستواء بدقة، بأنه إنجاز مدهش ومثير سبق عصره بقرون طويلة.
قصة "فيل" كان يعرف اللغتين البرتغالية والهندية!
في مناسبة قيل إن روما لم تشهدها منذ عهد حنبعل، وصل فيل أبيض في 19 مارس 1514 ضمن سفارة حملت هدايا ثمينة ومدهشة من ملك البرتغال مانويل الأول إلى البابا ليو العاشر دي ميديشي.
التعليقات