الطلقة الأخيرة في المغرب.. "بعد عبوركم المضيق لم يعد لديكم أمهات أو صديقات أو عائلات"!
قرر الإسبان الاستعانة بالمرتزقة لمواجهة المقاومة المغربية الباسلة، التي لم تتوقف عن مقاومتهم. وكان تأسيس الفيلق الإسباني الأجنبي في 28 يناير 1920 محاولة لتعزيز قواتهم المنهكة.
كان الجيش الإسباني في ذلك الوقت يعتمد على الخدمة العسكرية الإلزامية، وكانت صفوفه تعاني من الفساد والسرقة. كما قام الأغنياء بتجنب إلحاق أبنائهم بالخدمة العسكرية، وأرسلوا بدلًا منهم أبناء الأسر الفقيرة مقابل مبالغ مالية.
نتيجة لقلة التدريب وضعف الروح المعنوية، لقي الآلاف من جنود الإسبان مصرعهم خلال المعارك مع المغاربة في ثورات الريف المتلاحقة، تحت قيادة محمد أمزيان، وفيما بعد محمد عبد الكريم الخطابي.
خسائر الإسبان على الأراضي المغربية مطلع القرن العشرين كانت كبيرة جدًا، لدرجة أنها تسببت في اضطرابات واحتجاجات اندلعت في برشلونة وعدة مدن إسبانية أخرى.
شعر القادة العسكريون الإسبان آنذاك بوجود حاجة ملحة لتشكيل وحدات عسكرية محترفة قادرة على مواجهة قوات المقاومة المغربية. ولتنفيذ هذه المهمة، تقرر تشكيل فيلق أجنبي يشبه نظيره الفرنسي الشهير.
قسم الفرنسيون والإسبان الأراضي المغربية بموجب اتفاقية الجزيرة الخضراء عام 1906 إلى قسمين: أحدهما تحت الحماية الإسبانية، والآخر لفرنسا. وفي المقابل، برزت بشكل دوري في المغرب حركات مقاومة سعت إلى طرد الغزاة. نتيجة للمقاومة المغربية البطولية تحت قيادة عبد الكريم الخطابي، شكل الإسبان فيلقهم الأجنبي في عام 1920.
خوسيه ميلان أستراي، الذي يعود له الفضل في تأسيس الفيلق الإسباني الأجنبي، وُلد عام 1879. التحق بأكاديمية المشاة في مدينة طليطلة، وتخرج منها بعد عام ونصف برتبة ملازم ثان.
شارك أستراي في المعارك في الفلبين قبل أن يتجاوز سن السادسة عشرة، واشتهر هناك عندما تمكن مع ثلاثين جنديًا من صد عدد كبير من المتمردين في بلدة سان رافائيل. إلا أنه فقد في إحدى المعارك هناك عينه وذراعه.
عرض هذا الضابط، الذي ترقى بسرعة في الرتب العسكرية وأصبح جنرالًا عام 1919، تشكيل فيلق أجنبي لإخماد الثورة في المغرب. ومع ذلك، فضل هذا الجنرال، الذي كان يبلغ من العمر 88 عامًا آنذاك، أن يختلف الفيلق الإسباني عن نظيره الفرنسي، بحيث لا يقتصر على المرتزقة الأجانب فقط، بل يكون المجندون المحترفون الإسبان هم الأغلبية.
تمت الموافقة على اقتراح تشكيل الفيلق الأجنبي رغم الظروف غير المواتية في إسبانيا آنذاك، بالإضافة إلى انتشار الأفكار المناهضة للاستعمار.
انخرط الفيلق الإسباني الأجنبي في القتال في المغرب وهو في مرحلة التشكيل، ونفذ عمليات عسكرية عديدة هناك. قال المؤرخون العسكريون الإسبان إن هذا الفيلق تم "تعميده بالنار" على الفور في ساحات القتال.
من اللافت أن فرانسيسكو فرانكو، دكتاتور إسبانيا الشهير وحاكمها المطلق بين عامي 1936 و1973، قاد أول كتيبة للفيلق الأجنبي وكان برتبة رائد.
عندما وصل فرانكو وأفراد كتيبته إلى مدينة سبتة في طريقهم إلى المغرب، استقبلهم الجنرال خوسيه ميلان أستراي، مؤسس الفيلق، وخاطبهم قائلًا: "لقد فررتم من براثن الموت، وتذكروا أنكم كنتم أمواتًا بالفعل. لقد انتهت حياتكم. أتيتم إلى هنا لبدء حياة جديدة، والتي يجب أن تدفعوا ثمنها بالموت. جئتم إلى هنا للموت. يعيش الموت!"
وأضاف الجنرال مخاطبًا أفراد أول كتيبة للفيلق الأجنبي: "منذ اللحظة التي عبرتم فيها مضيق جبل طارق، لم يعد لديكم أمهات أو صديقات أو عائلات. ابتداءً من اليوم، سيتم استبدالهم جميعًا بالفيلق."
ذكرت الكاتبة الإسبانية غابرييلا هودجز في كتاب لها عن فرانكو أنه كان أشد قسوة من قائد الفيلق الأجنبي ومؤسسه الجنرال أستراي، وأنه هو من أصر على تنفيذ عقوبة الإعدام للحفاظ على الانضباط العسكري بين أفراد وحدته. كتبت هودجز عن ذلك تقول: "ذات يوم، أمر دون تردد بإطلاق النار على أحد جنود الفيلق فورًا، وألقى طبقًا يحتوي على فضلات طعام في وجه ضابط، ثم أمر زملاء الجندي المذهولين بالسير على الجثة." وأضافت أن الجنرال ميلان ونائبه لم يحاولا "الحد من فظائع الفيلق ضد السكان المحليين، حتى عندما قطعوا رؤوس السجناء وعرضوها كجوائز تذكارية."
بمثل هذه الروح الفاشية، واجه الإسبان المقاومة الباسلة في المغرب ضد الدخلاء الأجانب. في إحدى المناسبات، اكتسحت جموع من المقاومين المغاربة مواقع عسكرية إسبانية يتمركز بها الفيلق الأجنبي، وتمكنت من محاصرتها. بعث ملازم شاب كان يقود القوة المحاصرة برسالة أخيرة إلى قيادته بواسطة المبرقة الشمسية وشفرة مورس، قال فيها: "لدي 12 طلقة. حين تسمعون صوت آخر طلقة، أرسلوا النار علينا حتى يموت الإسبان والمغاربة معًا."
المصدر: RT
إقرأ المزيد
مالك شباز قبل وبعد "الحج إلى مكة"!
غير مالكوم ليتل اسمه مرتين، الأولى تحول فيها إلى "مالكوم إكس " وتعني "المجهول"، حين أسلم وهو في السجن، والثانية أصبح فيها "الحاج مالك شباز"، بعد أدائه فريضة الحج في وقت لاحق.
مليونيرة أمريكية تشهر السلاح ضد الرأسمالية!
ماذا يمكن أن يقلب حياة شابة من عائلة فاحشة الثراء لم تتجاوز من العمر 19 عاما ترك لها جدها ثروة تقدر بحوالي 30 مليار دولار؟ قد يتبادر الكثير لكن ما حدث لها لا يمكن تخيله.
سر "طبيب الموت" ولغز "عاصمة التوائم"!
يحيط بمدينة كانديدو غودوي الواقعة شمال البرازيل غموض من نوع خاص. في هذه المدينة تصل نسبة ولادة التوائم الى 10 بالمئة في حين أنها على المستوى العالمي لا تتعدى 1 بالمئة.
الملك الذي فقد رأسه: "أنتم جلادون ولستم قضاة"!
لم يفقد ملك إنجلترا تشارلز الأول رأسه فقط بإعدامه في 30 يناير 1649، بل وتحولت بلاده إلى جمهورية لنحو عقد من الزمن.
مذبحة أثناء صلاة العشاء..
قتل الإرهابي الذي نفذ في 29 يناير 2017 هجوما مسلحا على مسجد تابع للمركز الثقافي الإسلامي بمنطقة كيبيك بكندا 6 مسلمين وأصاب آخرين كانوا تجمعوا لأداء صلاة العشاء.
تشرشل: "سأعود إلى رشدي في الصباح وستظلين قبيحة إلى الأبد"!
جمعت شخصية ونستون تشرشل الكثير من المتناقضات. عُرف بعناده وبإرادته الصلبة وبلسانه الحاد وآرائه العنصرية وبتدخينه للسيجار وبإدمانه للكحول وبأنه توفى بعد أن ناهز سن التسعين.
محاولة اغتيال القذافي.. اللغز الإيطالي الأبدي!
يصر مسؤولون إيطاليون سابقون من أعلى المستويات على مدى سنوات أن حادثة إسقاط طائرة أوستيكا في 27 يونيو 1980 كان نتيجة لعملية عسكرية استهدفت اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي.
ملابسات هزيمة مذلة وسر "تحرير الأرواح من الأحشاء"!
تعرضت القوات البريطانية في 22 يناير 1879 إلى هزيمة مذلة في معركة "إيساندلوانا" ضد 20 ألف مقاتل من شعب الزولو. ما جرى يعد من أقسى الهزائم في التاريخ الاستعماري البريطاني.
انتقام "كادوغو" الرهيب من سيد "القصر الرخامي"!
كان اغتيال رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية لوران كابيلا حدثا صادما يعكس الفوضى العارمة في هذا البلد الواقع وسط إفريقيا، والذي يعد ثاني أكبر دولة فيها من حيث المساحة بعد الجزائر.
قصة الذئاب البشرية الضارية وأولاد المناجل!
يوصفون بأنهم ذئاب بشرية ضارية تستعمل في هجماتها العنيفة الأسلحة النارية والمناجل والقضبان الحديدية ويتنكر أفرادها عادة في زي الشرطة.
التعليقات