هذه المناسبة كانت من بين الأحداث الهامة التي دخل بها القائد الروماني غايوس يوليوس قيصر التاريخ. أصبح تعبيرا "النرد ألقي" و"عبور روبيكون" علامتين على أن الأمر حسم، وألا عودة إلى الوراء.
في تلك الفترة أدخل إصلاح هام على الجيوش الرومانية بفضل قائد عسكري بارز يدعى غايوس ماريوس تم بموجبه دفع رواتب للجنود ما زاد من ثقتهم وارتباطهم بجنرالاتهم وتفانيهم في خدمتهم وفي القتال من أجلهم وليس من أجل الجمهورية. نتيجة لذلك، ظهر جنرالات أقوياء احتفظوا لأنفسهم بقوات مدربة خاصة إلا أنها تمركزت في المستعمرات الرومانية على الأطراف، كما كانت تقضي حينها القوانين السارية.
الحدث الأبرز في هذا السياق تمثل في تشكيل ما يسمى بالثلاثي في روما. عمليا حُكمت الجمهورية الرومانية في ذلك الوقت من قبل ثلاثة سياسيين وقادة عسكريين طموحين هم غناوس بومبي وماركوس ليسينيوس كراسوس وغايوس يوليوس قيصر. أشهر هؤلاء الثلاثة كراسوس الذي تمكن من إخماد تمرد سبارتاك الشهير وبومبي الذي حقق انتصارات مدوية في الشرق. هؤلاء الثلاثة تعاونوا وحاولوا السيطرة على مجلس الشيوخ الروماني.
ازداد نفوذ القادة الثلاثة إلى درجة أنهم لم يعودوا في حاجة إلى مجلس الشيوخ. يوليوس قيصر كان ارتبط بعلاقة مصاهرة بأحدهما من خلال زواج بومبي بابنته. انتهز القيصر الفرصة واستغل نفوذ شريكيه في عام 58 قبل الميلاد لتأمين قيادته لحملة عسكرية في جبال الألب حصل من خلالها على حرية الحركة إضافة إلى 20000 جندي.
على مدى السنوات الخمس التالية، نجح قيصر في أن يصبح القائد الأكثر نجاحا في التاريخ مخيبا آمال منافسيه اللذين ظنا أنهما بموافقتهما على تلك الحملة المحفوفة بالمخاطر سيتخلصان منه. غزا يوليوس قيصر بلاد الغال الشاسعة وهي فرنسا الحالية وقمع القبائل السلتية المتمردة. يصف الخبراء إخضاع بلاد الغال بأنه أحد أصعب المهمات العسكرية في التاريخ. قيصر تباهى في مذكرته بأنه قتل مليون شخص من سكان بلاد الغال، وأنه أسر مليون شخص وحولهم إلى عبيد.
بلغت انتصارات قيصر في بلاد الغال روما وزاد حب واحترام الناس له. يوليوس قيصر استولى على بلاد الغال على الرغم من أن مجلس الشيوخ لم يأمره بذلك، لكنه اندفع في تلك المغامرة إلى أقصى الحدود. في ذلك الوقت اضطر مجلس الشيوخ إلى تمديد فترة مهمته لمدة خمس سنوات أخرى.
التوازن الدقيق في روما بين القادة الثلاثة اختل في عام 53 قبل الميلاد بوفاة كراسوس، وتحولت قيادة مجلس الشيوخ إلى زوج ابنة قيصر ومنافسه الأول بومبي. كان بومبي الرجل القوي الوحيد في ذلك الوقت القادر على الوقوف في وجه يوليوس قيصر.
كانت القوانين الرومانية السارية تمنع أي قائد عسكري من اجتياز الحدود الرومانية في إيطاليا مع قواته، وكان يعد من ينتهك ذلك خائنا للوطن. في تلك الحقبة استفرد بومبي بقيادة روما وكان الصدام حتميا مع قيصر على الرغم من تقدم بومبي في السن وتدهور صحته بعد وفاة زوجته جوليا ابنه يوليوس قيصر.
استغل يوليوس قيصر طاعة جنوده ومحبتهم له وعبر في 10 يناير عام 49 قبل الميلاد، بقوات قوامها 5000 جندي و300 فارس نهر روبيكون وزحف نحو روما، مجازفا بإشعال حرب أهلية، بعد أن أعلن لجنود أن "النرد قد ألقيّ" ولا عودة إلى الوراء.
بعد اجتياز النهر الفاصل بين بلاد الغال وإيطاليا، تقدم يوليوس قيصر بسرعة واستولى على المدن الرئيسة في الشمال من دون أن يلاقي مقاومة كبيرة، ثم سيطر بنفس السرعة على وسط إيطاليا وأجبر بومبي على الفرار إلى اليونان. لاحقه إلى هناك وتمكن من هزيمة قواته التي كانت تزيد بثلاثة أضعاف.
في وقت لاحق قتل بومبي في الإسكندرية ولم يعد ينافسه أحد. أصبح يوليوس قيصر سيد روما الوحيد إلا أن حكمه لم يدم طويلا. في عام 44 اغتيل بثلاثة وعشرين طعنه من قبل عدد من المتآمرين من أعضاء مجلس الشيوخ واختتمت بذلك إحدى المغامرات الكبرى في التاريخ.
المصدر: RT