في حفل رسمي بمناسبة تسليم إقليم ماكاو وقتها أجاب الرئيس الصيني في ذلك الحين جيانغ تسه مين على هذا السؤال بشكل عام قائلا إن "ازدهار الصين المتزايد والمكانة الدولية المتزايدة أصبحا الدافع الرئيس لإعادة توحيد هونغ كونغ وماكاو مع وطنهما"، مشيرا في هذا السياق إلى أن "التطبيق الناجح لمبدأ دولة واحدة ونظامان في هونغ كونغ وماكاو يلعب دورا مهما للغاية في الحل النهائي لمشكلة تايوان".
الزعيم الصيني أكد في تلك المناسبة أن "حكومة الصين وشعبها قادران على تنفيذ إعادة توحيد الأمة بالكامل".
وهكذا بعد مرور 442 عاما من السيطرة البرتغالية، تم في منتصف ليلة 19 إلى 20 ديسمبر 1999 إنزال الأعلام البرتغالية أمام البرلمان المحلي وقصر الحاكم البرتغالي السابق فيما كان يعرف من قبل بـ "إقليم ما وراء البحار" البرتغالي.
في نفس الوقت رفعت لافتات كتب عليها اسم الصين ومنطقة ماكاو الإدارية الخاصة، كما دخلت في ذلك اليوم أول وحدة خاصة للجيش الصيني المنطقة، لتعود ماكاو إلى وطنها الطبيعي، كما ورد في البيانات الصينية الرسمية.
كانت الجولة الأولى من المفاوضات بين الصين والبرتغال حول مشكلة ماكاو قد بدأت في يونيو 1986، وفي أبريل من العام التالي تم الاتفاق على استعادة الصين سيادتها على هذا الإقليم في 20 ديسمبر 1999.
في تلك المناسبة تم الاتفاق بين الطرفين على أن تتمتع المنطقة باستقلالية كبيرة ويكون لها الحق في أن تحكم نفسها ذاتيا، "ماكاو تحكم ماكاو"، لأكثر من 400 عام. هذا ما يعنيه مبدأ "دولة واحدة ونظامان".
البرتغال كانت سعت إلى الاحتفاظ بماكاو، واتصلت حكومتها في عام 1974 بالزعيم الصيني التاريخي ماو تسي تونغ لمعرفة مدى إمكانية تحقيق هذا الهدف. ماو أجاب حينها بأن الوقت ليس مناسبا لعودة ماكاو، لكنه شدد على أن هذا الإقليم "أرض صينية تحت الحكم البرتغالي".
ما لم تستطعه بريطانيا لا تقدر عليه البرتغال:
بريطانيا ذاتها لم تستطع الاحتفاظ بهونغ كونغ على الرغم من أن المفاوضات حول مصير هذا الإقليم قد بدأت على أعلى المستويات بين بكين ولندن في سبتمبر 1982. في ذلك الوقت كانت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر المعروفة باسم السيدة الحديدة في ذروة نشوتها بالانتصار العسكري على الأرجنتين في النزاع حول جزر الفوكلاند. مع ذلك لم يكن أمام تاتشر من خيار آخر إلا التوقيع في بكين مع زعيم الصين حينها تشاو زيانغ في 19 ديسمبر 1984 على "الإعلان الصيني البريطاني المشترك بشأن نقل هونغ كونغ".
عند بداية المفاوضات في عام 1982، عرضت تاتشر على الزعيم الصيني في ذلك الوقت دنغ شياو بينغ خيارا تمثل في أن تكون السيادة على هونغ كونغ صينية فيما تبقى الإدارة بريطانية. الزعيم الصيني رد بحزم قائلا إن السيادة ليست موضوعا للنقاش، وإن بكين ستستعيد بالتأكيد سيادتها على المنطقة في عام 1997.
خبراء يقولون إن إقليم هونغ كونغ وماكاو المتجاورين أوضاعهما مختلفة. ماكاو على الرغم من وجود العديد من المباني على الطراز البرتغالي، إلا أن طبيعتها وثقافتها بقيت صينية خالصة، في حين أن هونغ كونغ التي لا يوجد بها إلا آثار مادية قليلة لحقبة الاستعمار البريطاني، تعرض سكانها لتأثير ثقافي بريطاني قوي لا يزال مائلا حتى الآن. ومع ذلك لم يكن هناك مفر من عودة الإقليمين إلى الوطن الأم بعد أن أصبحت الصين قوة اقتصادية وعسكرية هائلة لا قبل للندن ولا لشبونة بها.
صحيفة لشبونة دياريو دي نوتيسياس عبرت عن ذلك حين عادت ماكاو إلى السيادة الصينية وكتبت فيما يشبه الرثاء تقول: "كل ما تبقى من الإمبراطورية هو اللغة المستخدمة في البرازيل وأنغولا وغينيا بيساو والرأس الأخضر وماكاو وموزمبيق وسان تومي وبرينسيبي وتيمور".
المصدر: RT