مباشر

ستالين بشأن ليبيا: "من قرر هذا الأمر؟"!

تابعوا RT على
قد لا يعلم الكثيرون أن الزعيم السوفيتي يوسف ستالين خاض نقاشات حادة مع رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل حول ليبيا في فترة مبكرة، بنهاية الحرب العالمية الثانية مباشرة.

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 289، بشان استقلال ليبيا الموحدة، كان صدر في 21 نوفمبر 1949 بموافقة أغلبية ساحقة وأيدته 46 دولة ومن دون أي اعتراض مع امتناع 9 دول عن التصويت.

لاحقا في 10 ديسمبر من نفس العام عينت الجمعية العامة للأمم المتحدة الهولندي، أدريان بيلت مندوبا للأمم المتحدة في ليبيا وفوضته بتنفيذ القرار الخاص باستقلال ليبيا، كما عينت ست دول لإسداء النصح له وهي مصر وفرنسا وايطاليا وباكستان والمملكة المتحدة والاتحاد السوفييتي.

الاتحاد السوفيتي سعى منذ عام 1945 وحتى حصول ليبيا على استقلالها في ديسمبر عام 1951 إلى منع بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة من الاستفراد بليبيا، وتركزت جهوده بشكل خاص على تزامن الاستقلال مع جلاء القوات والقواعد العسكرية الأجنبية عن أراضيه.

ستالين في مواجهة تشرشل:

مسألة المستعمرات الإيطالية وأهمها ليبيا بمقاطعاتها الثلاث، طرابلس وبرقة وفزان، كانت أثيرت لأول مرة خلال القمة السوفيتية الأمريكية البريطانية في بوتسدام عام 1945.

خلال المداولات بين قادة الدول الثلاث، استشهد ستالين بتصريح صادر عن عضو مجلس العموم البريطاني أنتونى إيدين قال فيه إن "إيطاليا  فقدت مستعمراتها إلى الأبد"، ووجه سؤالا إلى الرئيس الأمريكي هاري ترومان وممثلي بريطانيا ونستون تشرشل وكليمنت أتلي قائلا: "من قرر ذلك؟"، وإذا فقدت إيطاليا مستعمراها، فلمن ستذهب ممتلكاتها؟".

الزعيم السوفيتي أبدى وقتها اهتماما خاصا بليبيا على الرغم من بعدها عن الأراضي السوفيتية، وأظهر أن بلاده لن تترك هذه المنطقة بموقعها الحيوي لتتقاسمها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

تشرشل أجاب على تساؤل ستالين قائلا: "أستطيع أن أجيب على هذا الأمر بأن الجيش البريطاني بجهود متواصلة وخسائر كبيرة واستثنائية، غزا وحده هذه المستعمرات". ستالين بدوره رد بنفس الأسلوب قائلا: "واستولى الجيش الأحمر على برلين".

رئيس الوزراء البريطاني عقّب على تصريحات ستالين بقوله: "نحن لا نسعى إلى الحصول على ممتلكات جديدة نتيجة لهذه الحرب، على الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدناها. أما بالنسبة لتصريح السيد إيدن حول الخسارة النهائية للمستعمرات الإيطالية، فذلك لا يعني أن إيطاليا ليس لها الحق في العودة إلى هذه المستعمرات... هذا الأمر لا يمنع مناقشة المشكلة برمتها أثناء الإعداد لمعاهدة السلام مع إيطاليا".

هذا التصريح البريطاني كان يعني ضمنيا أن الدول الغربية وافقت على دور للاتحاد السوفيتي في تحديد وضع ليبيا المستقبلي على الرغم من عدم رضاها بشكل عام عن المواقف السوفيتية. لاحقا لم يقدم القادة الغربيون أي تنازلات للاتحاد السوفيتي في هذه المسألة.

تكرر الأمر خلال المباحثات بشأن المستعمرات الإيطالية. طرح تشرشل على ستالين سؤالا مباشرا: "ما الذي يريده الاتحاد السوفيتي بالضبط؟"، ستالين رد من دون تردد: "نود أن نعرف ما إذا كنتم تعتقدون أن إيطاليا فقدت مستعمراتها إلى الأبد، وإذا كنتم تعتقدون أنها فقدت مستعمراتها، فمن هي الدول التي ستنقل إليها الوصاية؟ إذا كان من السابق لأوانه الحديث عن هذا الأمر، فيمكننا الانتظار، ولكن يوما ما سيتعين علينا التحدث عنه".

استمرت الخلافات بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا حول تحديد مستقبل ليبيا خلال مؤتمر وزراء خارجية الدول الكبرى الأربع، الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في بوتسدام خريف عام 1945.

وزير خارجية الولايات المتحدة جيمس بيرنز صرّح حينها قائلا إن بلاده تقترح، بالنظر إلى الاختلافات الحادة بين القوى العظمى، نقل المستعمرات الإيطالية إلى عهدة الأمم المتحدة ومنح ليبيا الاستقلال في غضون عشر سنوات.

المقترحات السوفيتية بشأن مستقبل ليبيا:

تواصلت الجهود السوفيتية في هذا الشأن، وقدم أندريه غروميكو في 9 مايو 1949 إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة مقترحات سوفيتية بشأن تحديد مصير ليبيا شملت منحها الاستقلال بعد عشر سنوات، وفي وقت لاحق قلصت موسكو المدة إلى خمس سنوات. كان من المقرر أن تتولى إدارة ليبيا لجنة مختلطة متعددة الأطراف تابعة للأمم المتحدة.

المقترحات السوفيتي شددت على ضرورة أن يتزامن استقلال ليبيا بشكل صارم بتصفية القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية التي أقيمت بالفعل على أراضيها بحلول ذلك الوقت.

المندوب السوفيتي لدى الأمم المتحدة قدم مرة أخرى مقترحات للجمعية العامة في أكتوبر 1949 دارت حول "منح الاستقلال الفوري لليبيا والانسحاب من أراضيها في غضون ثلاثة أشهر من قبل جميع القوات الأجنبية والأفراد العسكريين، علاوة على تصفية القواعد العسكرية". الدول الغربية لم تتجاوب بالطبع، وأعلنت بريطانيا أن استقلال ليبيا يمكن أن يصبح حقيقة واقعة "في غضون ما لا يقل عن ثلاث إلى أربع سنوات".

بنهاية المطاف نالت ليبيا استقلالها في 24 ديسمبر 1951، وأصبح محمد إدريس السنوسي ملكا عليها، فيما استمرت القوات والقواعد العسكرية الأجنبية في التواجد على أراضيها حتى 1 سبتمبر عام 1969، بوصول معمر القذافي إلى السلطة في انقلاب عسكري، وما تلى ذلك من طرد القواعد البريطانية في 28 مارس من عام 1970، والأمريكية في 11 يونيو من نفس العام.

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا