الرسالة "الصاروخية" التي أوقفت مخطط تدمير مصر..
حاولت إسرائيل تغيير مجرى التاريخ في عام 1956 بعد أن وضع رئيس وزرائها دافيد بن غوريون نص الاتفاق السري مع بريطانيا وفرنسا بجيبه وبدأ غزو مصر، رسالة من موسكو أجهضت المخطط.
كان نص الرسالة التي بعث بها رئيس مجلس وزراء اتحاد الجمهوريات السوفياتية، نيكولاي بولغانين في 5 نوفمبر 1956 إلى كل من رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن ورئيس الوزراء الفرنسي جوى مولييه، ورئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن غوريون، واضحا لا يحتمل التأويل.
رئيس الوزراء السوفيتي وضع في تلك الرسالة التي وصفها أحد الصحفيين بـ"الصاروخية" النقاط على الحروف، وأنذر القادة الثلاثة من مغبة مواصلة العدوان على مصر، مشيرا إلى أن بلاده "مصممة على استخدام القوة لسحق المعتدين".
نص رسالة المسؤول السوفيتي الرفيع إلى رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن:
المحترم السيد رئيس الوزراء.
ترى الحكومة السوفيتية ضرورة في لفت انتباهكم إلى أن الحرب العدوانية التي شنتها بريطانيا وفرنسا ضد الدولة المصرية، والتي لعبت فيها إسرائيل دور المحرض، محفوفة بعواقب خطيرة للغاية على قضية السلام العالمي.
قررت الدورة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة الوقف الفوري للأعمال الحربية وانسحاب القوات الأجنبية من أراضي مصر. متجاهلة ذلك تكثف بريطانيا وفرنسا وإسرائيل العمليات العسكرية، وتواصل القصف الهمجي للمدن والقرى المصرية، وتنزل قواتها على الأراضي المصرية، وتحول مناطقها المأهولة بالسكان إلى أنقاض، وتقتل المدنيين...
ما هو الموقف الذي ستكون عليه إنجلترا نفسها إذا تعرضت للهجوم من قبل دول أقوى بجميع أنواع الأسلحة المقاتلة الحديثة؟ ربما مثل هذه الدول لا يمكنها حاليا إرسال أساطيل بحرية أو جوية إلى شواطئ إنجلترا، ولكن يمكنها استخدام وسائل أخرى، مثل تكنولوجيا الصواريخ. إذا تم استخدام أسلحة صاروخية ضد إنجلترا أو فرنسا، فمن المحتمل أن تصفوه بأنه عمل بربري. مع ذلك، بماذا يختلف عن الهجوم اللاإنساني الذي نفذته القوات المسلحة لإنجلترا وفرنسا على مصر العزلاء تقريبا؟
لقد أرسلت الحكومة السوفيتية بالفعل إلى الأمم المتحدة، وكذلك إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، اقتراحا لاستخدام القوات البحرية والجوية، جنبا إلى جنب مع أعضاء الأمم المتحدة الآخرين، لإنهاء الحرب في مصر، ووضع حد للعدوان. نحن مصممون تماما على استخدام القوة لسحق المعتدين واستعادة السلام في الشرق.
نحن نأمل أن تظهروا في هذه اللحظة الحرجة التعقل الواجب وأن تستخلصوا الاستنتاجات المناسبة من هذا الأمر.
المارشال نيكولاي بولغانين الذي كان تولى وزارة الدفاع في الاتحاد السوفيتي بين عامي "1953-1955"، خاطب في رسالة أخرى رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن غوريون قائلا:
"تلبية لإرادة الآخرين، بناء على تعليمات من الخارج، تلعب الحكومة الإسرائيلية بطريقة إجرامية وغير مسؤولة بمصير العالم، ومصير شعبها. إنها تزرع الكراهية تجاه دولة إسرائيل بين شعوب الشرق، والتي لا يمكن إلا أن تؤثر على مستقبل إسرائيل وهي ستثير الشك في وجود إسرائيل كدولة".
بعد هذه الرسالة "الصاروخية" الحازمة، توقفت الأعمال الحربية، إلا أن وحدات من قوات الغزاة بقيت على الأراضي المصرية.
وكالة أنباء تاس السوفيتية في ذلك الوقت نشرت بيانا في 10 نوفمبر 1956 جاء فيه: "ذُكر في الدوائر القيادية لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، أنه إذا لم تسحب بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، خلافا لقرار الأمم المتحدة، جميع قواتها من مصر، وتحت ذرائع مختلفة، تؤخر تنفيذ هذه القرارات وتراكم القوات، ما يخلق تهديدا باستئناف الأعمال الحربية ضد مصر، فإن الهيئات ذات الصلة في الاتحاد السوفيتي لن يمنعوا سفر المواطنين المتطوعين السوفييت الذين يرغبون في المشاركة في نضال الشعب المصري من أجل استقلاله".
هكذا أجهض موقف الاتحاد السوفيتي الحازم والاستثنائي، الغزو الإسرائيلي البريطاني الفرنسي لمصر لإعادتها إلى الوراء وإخضاعها. غزو ثلاثي كان مُهد له باتفاق سري مكتوب وضعه رئيس الوزراء الإسرائيلي في جيبه بنشوة عارمة، إلا أن الفرحة لم تدم طويلا.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
"أمة القنابل العنقودية".. تصنعها وتستخدمها وتصدرها ولا تعبأ بأحد
لا تشتهر إسرائيل فقط باستخدام القنابل العنقودية بكثافة بما في ذلك خلال حربها الأخيرة على لبنان، بل تصنعها وتصدرها ولا تعبأ بأحد حتى أن صحفيا وصفها بأنها "أمة القنابل العنقودية".
ستالين بشأن ليبيا: "من قرر هذا الأمر؟"!
قد لا يعلم الكثيرون أن الزعيم السوفيتي يوسف ستالين خاض نقاشات حادة مع رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل حول ليبيا في فترة مبكرة، بنهاية الحرب العالمية الثانية مباشرة.
بنادق الشرطة المصرية في مواجهة الدبابات البريطانية!
سعى المصريون بكل الوسائل الممكنة إلى التخلص من الوجود العسكري البريطاني واستعادة السيادة على قناة السويس حتى قبل ثورة 23 يوليو 1952، وبذلوا في سبيل ذلك الكثير من التضحيات.
ماذا لو كانت "إسرائيل" داخل أراضي الولايات المتحدة؟!
على مدى فترة طويلة من الزمن ظهرت العديد من المشاريع لإقامة وطن قومي لليهود في مناطق متعددة من العالم إحداها تبنتها ألمانيا النازية في 12 نوفمبر 1938، وكان مكانها جزيرة مدغشقر.
خطأ تقني كاد يطلق إشارة فناء البشرية
كان التحذير من هجوم سوفيتي صاروخي هائل الحجم فجر 9 نوفمبر 1979 مرعبا إلى درجة أن مستشار الأمن القومي الأمريكي زبيغنيو بريجنسكي كتب قائلا: "أردت أن أتأكد من أننا لن نموت وحدنا"!
من هذا القمقم خرج مارد "الجحيم النووي"!
بدأت الولايات المتحدة في 6 نوفمبر 1944، عمليات إنتاج البلوتونيوم المستخدم في صنع القنابل النووية في موقع مجمع هانفورد الواقع على نهر كولومبيا بوسط جنوب ولاية واشنطن.
هزيمة إمبراطورية بسلاح "الأفيون"!
حاولت الصين وقف تجارة الأفيون وانتشار الإدمان، وصادرت السلطات ربيع عام 1939 حوالي 1400 طن من الأفيون تعود للتجار البريطانيين وأتلفتها، وردت بريطانيا لاحقا بإعلان الحرب.
تفاصيل اتفاق اسرائيلي بريطاني فرنسي سري ضد مصر
بعد تأميم قناة السويس اتفق مندوبون من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في 24 أكتوبر 1956 إثر محادثات سرية استمرت 48 ساعة على "مسرحية" هزلية لغزو مصر وإسقاط نظام جمال عد الناصر الوطني.
على أرض عربية.. تفاصيل أول عملية قرصنة جوية تنفذها دولة
نفذت أول عملية قرصنة جوية في التاريخ من قبل دولة في 22 أكتوبر عام 1956. صاحبة الفعلة هي فرنسا التي تقدم دائما على أنها دولة متحضرة، إلا أن ذلك لم يمنعها من قطع الطرق حتى في الجو.
قاسم مشترك خطير بين نتنياهو وغولدا مائير
مع حروب إسرائيل المتتالية الحالية وسلسلة الاغتيالات الطويلة في وضع يندر بخطر حرب شاملة في المنطقة تظهر قواسم مشتركة عديدة بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وغولدا مائير.
التعليقات