"رئيس المستقبل الراقد في هذا القبر" بتحريض أمريكي
تدخل الأمريكيون لمنعه من الوصول إلى منصب الرئاسة، إلا أن سلفادور أليندي تمكن بعد عدة مشاركات في الانتخابات الرئاسية في تشيلي من الفوز في 4 سبتمبر 1970 بفارق ضئيل عن مرشح واشنطن.
إنها إحدى الصفحات الأمريكية السوداء في التاريخ، وهي تمر دائما، كما لو كانت أمرا عاديا. كما أن وسائل الإعلام الدولية في الغالب تتحدث عنها باستسهال وتسوق الذرائع لواشنطن، وبعضها يتحدث عن تلك الأحداث الجسام، كما لو كانت مشاهد في فيلم سينمائي.
سلفادور أليندي وكان سياسيا يساريا من دعاة المساواة والاشتراكية الاجتماعية والتحرر من النفوذ الأمريكي، شارك قبل ذلك عدة مرات في الانتخابات الرئاسية في تشيلي، لكنه هزم نتيجة للضغوط الأمريكية من وراء الستار. أليندي علّق مازحا ذات مرة على إخفاقه في السباق الرئاسي بقوله: "من المحتمل أن يكتب على قبري أن الرئيس المستقبلي لتشيلي يرقد هنا"!
انتهج سلفادور أليندي سياسة وطنية وعمل على تأميم مناجم النحاس ومساعدة الطبقات الكادحة ووثق علاقاته بكوبا وبالاتحاد السوفيتي، فيما واصلت الولايات المتحدة معركتها معه في الخفاء، عادة إياه عدوا يجب القضاء عليه بأي ثمن، على الرغم من أنه رئيس منتخب ديمقراطيا.
هذا الأمر لا يهم واشنطن كثيرا. مثال تشيلي في ذلك الوقت أكد أن الولايات المتحدة بغض النظر عما تقول تريد في الواقع أنظمة موالية ومطيعه تسهل قيادتها والتحكم بها، لاسيما في أمريكا اللاتينية التي تعدها حديقتها الخلفية.
مهدت الاستخبارات المركزية الأمريكية للتخلص من "الرئيس المنتخب" سلفادور أليندي، وضخت الأموال لتنظيم "ثورة مضادة" تمثلت في احتجاجات وإضرابات تمهد الطريق لانقلاب عسكري على حكومة ديمقراطية.
لم يستمر أليندي طويلا في منصبه. ليلة 10 -11 سبتمبر عام 1973، انطلق تمرد عسكري بدأته قطع بحرية تشيلية كانت تجري مناورات مشتركة مع البحرية الأمريكية قبالة سواحل البلاد.
جرى إطلاق النار على أنصار أليندي في صفوف ضباط ورجال سلاح البحرية. عقب ذلك، أنزل المتمردون قوات قامت بالاستيلاء على مدينة فالبارايسو الساحلية.
امتد التمرد العسكري إلى العاصمة التشيلية سانتياغو فجر 11 سبتمبر، وسيطرت قوات الانقلاب على جميع المرافق الرئيسة في المدين بحلول الساعة التاسعة صباحا. لم يبق خارج السيطرة إلا قصر "لا مونيدا" الرئاسي، حيث تحصن الرئيس التشيلي مع مجموعة من أنصاره.
المحطات الإذاعية الداعمة للانقلاب العسكري بثت بيانا للمتمردين بشأن تأسيس مجلس عسكري يتكون من قائد الجيش، الجنرال أوغستو بينوشيه، وقائد القوات البحرية، الأدميرال خوسيه توريبيو ميرينو، وقائد القوات الجوية، الجنرال غوستافو لي والمكلف بقيادة فيلق الكارابينيري، الجنرال سيزار ميندوزا.
الجنرال بينوشيه وجه إنذارا نهائيا إلى سلفادور أليندي طالبه فيه بالتوقف عن المقاومة والاستسلام وتوعد بقصف القصر الرئاسي. رفض أليندي الإنذار وخاطب مواطنيه عبر الراديو للمرة الأخيرة قائلا: "في مواجهة هذه الأحداث، لدي شيء واحد أقوله للعمال، لن أستقيل! في مفترق طرق التاريخ هذا، أنا مستعد للتضحية بحياتي من أجل ثقة الناس. وأقول لهم باقتناع إن البذور التي زرعناها في أذهان آلاف الآلاف من التشيليين لم يعد من الممكن تدميرها بالكامل. لديهم القوة ويمكنهم قمعكم، لكن العملية الاجتماعية لا يمكن إيقافها بالقوة أو الجريمة. التاريخ ملك لنا، والأمم هي من تصنعه".
هاجمت قوات الانقلابيين القصر الرئاسي وقامت الطائرات الحربية بشن غارات عليه لعدة ساعات. في النهاية تمكنوا من اقتحام القصر وأطلقوا وابلا من الرصاص على جثة الرئيس سلفادور أليندي. قيل إن الرئيس التشيلي أطلق النار على نفسه في مكتبه قبل أن يصل الجنود إليه.
وثائق بشأن "مشروع فوبيلت" الخاص بعمليات الاستخبارات المركزية الأمريكية للإطاحة بالرئيس أليندي رفعت عنها السرية في عام 1998، أكدت أن واشنطن كانت وراء انقلاب الجنرال أوغستو بينوشيه، علاوة على الدعم السياسي والمالي لنظام هذه الطغمة الرهيبة والعنيفة. الوثائق أظهرت أن إمكانيات وموارد مالية غير مسبوقة خصصت لهذا الانقلاب العسكري الفاشي.
هنري كيسنجر وكان وقتها مستشارا للأمن القومي في إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون تحدث بلهجة متهكمة في 12 سبتمبر 1973 في اجتماع بواشنطن لمناقشة كيفية مساعدة نظام الانقلابيين في تشيلي قائلا إن "الرئيس قلق من أننا قد نرغب في إرسال شخص ما إلى جنازة أليندي. قلت إنني لا أعتقد أننا نفكر في هذه المسألة. أجاب مساعد وزير الخارجية:" لا، إلا إذا كنت تريد أن تذهب بنفسك".
التسجيلات الصوتية للمحادثات بين أعضاء الحكومة الأمريكية والتي كان كيسنجر يحتفظ بها، أظهرت أيضا حوارا مع الرئيس نيكسون في 16 سبتمبر، أعرب خلاله عن قلقه من احتمال كشف التدخل الأمريكي في تشيلي. نيكسون رد قائلا: "لم نفعل ذلك. أعني لقد ساعدناهم (الانقلابيين).. وفرنا أفضل الظروف الممكنة. الرئيس رد موافقا بقول: "هذا صحيح"!
كيسنجر في ذلك الحوار انتقد وسائل الإعلام الأمريكية لعدم إشادتها بمقتل أليندي، فيما وصف نيكسون ما تردده الصحافة حول هذه المسألة بأنه "هراء ليبرالي". كيسنجر قال لرئيسه نيكسون في هذا الشأن: "في حقبة أيزنهاور، كنا سنعتبر أبطالا"!
المصدر: RT
إقرأ المزيد
الكلمة الأخيرة: "اطلق النار أيها الجبان"!
اكتمل تشكل أسطورة ورمزية شخصية تشي غيفارا، عدوا شرسا "للإمبريالية" الأمريكية، بخاتمة حياته التي بدأت بأسره في بوليفيا في 8 أكتوبر عام 1967.
الاغتيالات السياسية الكبرى!
تكون الشخصيات السياسية وخاصة الرفيعة عرضة لخطر الاغتيال على الرغم من الحراسات والإجراءات الأمنية المشددة. الاغتيال السياسي يجر وراءه أحيانا عواقب وخيمة كما حدث في عام 1914.
"لم يقل أحد أن عربا اختطفوا الطائرة".. هجمات 11 سبتمبر ونظرية المؤامرة والروايات البديلة
على الرغم من أن هجمات 11 سبتمبر، صور بعضها من عدة زوايا وبثت مشاهدها القنوات التلفزيونية، إلا أن الأمر الغريب أن ملايين لا تزال تعتقد أن الأمر ليس كما ظهر.
عملة يمنية تفضح ملك قراصنة سفك دماء حجاج مكة
كشفت عملة معدنية سكت في اليمن، مكان اختباء أكثر قراصنة القرن السابع عشر دموية وقسوة. هذا القرصان يدعى هنري أفيري ويعرف أيضا باسم جون أفيري، وكانت وضعت جائزة كبيرة مقابل رأسه.
فجر القنبلة الهيدروجينية مرتين ثم أغلق الباب خلفه!
كان الزلزال الذي نجم عن تنفيذ كوريا الشمالية في 3 سبتمبر عام 2017 تجربتها النووية السادسة والأخيرة أشد قوة من السابق والصدمة أكبر حتى أن وزير الدفاع الأمريكي حينها هدد برد ساحق.
في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية.. من ضحى أكثر من غيره؟
انتهت الحرب العالمية الثانية التي استمرت 6 سنوات في 2 أغسطس عام 1945. ضحايا تلك الحرب الضروس التي غيرت مسار التاريخ، تراوحت بين 55 إلى 70 مليون قتيل.
حينما حُرمت الولايات المتحدة من احتكار مفاتيح "الجحيم النووي"!
في مثل هذا اليوم قبل 75 عاما فجر الاتحاد السوفيتي قنبلته النووية الأولى "آر دي سي - 1"، وأنهى بذلك احتكار الولايات المتحدة للسلاح النووي الذي استمر لمدة 4 سنوات.
يوم وضع القذافي يده على مقبض مسدسه.. قصة أول مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة
كان هدف معمر القذافي الأول بمجرد وصوله إلى السلطة في بلاده في 1 سبتمبر 1969، طرد القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية حتى أنه كاد أن يستخدم مسدسه أثناء المفاوضات!
التعليقات