وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير لها، إن إنريكي مورا، أحد أكبر الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أجرى محادثات حاسمة مع مسؤولين في العاصمة الإيرانية طهران أمس الأربعاء، بعد ساعات من مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية هناك، في حين أجرى بريت ماكجورك، المسؤول الأعلى للبيت الأبيض في الشرق الأوسط، مناقشات في المملكة العربية السعودية.
وأوضحت الصحيفة أن الضغوط الدبلوماسية الغربية تأتي في الوقت الذي تصاعدت فيه المخاوف بشأن صراع إقليمي أوسع نطاقا، حيث تعهدت إيران وحزب الله بشكل منفصل بالانتقام من الهجمات.
وقال مسؤولون إن المحادثات ركزت على إقناع طهران إما بعدم الرد أو القيام بعمل رمزي، بعد أن أبلغ دبلوماسيون إسرائيليون محاورين غربيين أن جيشهم لا يخطط لمزيد من العمليات.
ونقلت "فايننشال تايمز"عن دبلوماسي غربي مشارك في المناقشات قوله: "منذ الليلة الماضية، كان الجميع يضغطون على طهران حتى لا ترد واحتواء هذا الأمر".
ويتمتع إنريكي مورا، الذي يشغل منصب المدير السياسي ونائب الأمين العام للخدمة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، بخبرة واسعة في التفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي، وكان في طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الجديد مسعود بزشكيان عندما وقع هجوم أمس الأربعاء.
وقال المتحدث باسم السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي بيتر ستانو: "استغل مورا تفاعلاته مع مسؤولي الإدارة الإيرانية القادمة في طهران لنقل موقف الاتحاد الأوروبي بشأن جميع القضايا المثيرة للقلق المتعلقة بإيران بما يتماشى مع سياستنا في التعامل النقدي".
وبحسب الصحيفة، أجرت إدارة بايدن مشاورات عاجلة مع إسرائيل وحلفاء وشركاء آخرين لديهم نفوذ على إيران لمحاولة إبعاد جميع الأطراف عن شفا الصراع.
وتحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيريه الأردني أيمن الصفدي والقطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بينما تحدث وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت.
ومن المقرر أن يتوجه المسؤول الأعلى للبيت الأبيض في الشرق الأوسط، بريت ماكجورك، الذي كان بالسعودية في إطار رحلة مقررة مسبقا، إلى القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات المتعلقة بحرب غزة.
وقالت الصحيفة إن واشنطن حاولت إقناع إسرائيل بالرد بشكل مدروس على الهجوم الصاروخي في مرتفعات الجولان، حيث حذر الدبلوماسيون من عواقب الرد في عمق لبنان. ولم يؤد الهجوم في طهران إلا إلى زيادة مخاوف المسؤولين الأمريكيين من أن أي رد قد يتحول إلى صراع إقليمي.
وحاول البيت الأبيض التقليل من احتمال اندلاع حرب شاملة حتى مع اعتراف المسؤولين بشكل خاص بأن هذه اللحظة هي من بين الأكثر حساسية منذ السابع من أكتوبر.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي: "لا نعتقد أن التصعيد أمر حتمي ولا توجد أي علامة على أن التصعيد وشيك"، مضيفا أن الولايات المتحدة لا تزال تحاول التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأشار بلينكن إلى أن الولايات المتحدة ليس لديها علم مسبق أو مشاركة في الغارة على هنية، مشيرا إلى أن ذلك يؤكد على أهمية وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
ومع ذلك، أقر المسؤولون الأمريكيون بأن الهجوم في طهران أكد التحدي الذي يواجهونه في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن، حيث كان هنية المحاور الرئيسي لحماس مع الوسطاء، بحسب تقرير "فايننشال تايمز".
وقال السيناتور بن كاردين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي: "هنية كان أحد المفاوضين الرئيسيين، وهذا يجعل الأمور أكثر تحديا الآن فيما يتصل بمفاوضات الرهائن ويجعل الوضع الساخن أكثر سخونة".
وأشار مسؤولون حاليون وسابقون إلى أن مستقبل الصراع قد يعتمد على حسابات طهران أكثر من حسابات إسرائيل.
وقال جوناثان بانيكوف، ضابط الاستخبارات الكبير السابق الذي يشغل الآن منصب مدير مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي: "من المرجح أن تكون قدرة واشنطن على تشكيل الأحداث محدودة إلى حد ما".
وأضاف أنه "في الأمد القريب، فإن ردود فعل إيران وحزب الله وحماس على مقتل شكر وهنية ستؤدي إلى زيادة احتمال اندلاع حرب إقليمية أو العودة إلى الهجمات الانتقامية".
وكان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن في ساعة مبكرة من صباح أمس الأربعاء، عن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية وأحد مرافقيه، نتيجة قصف استهدف مقر إقامتهما في العاصمة طهران، مشيرا إلى أن التحقيق يجري في أسباب وملابسات هذا الحادث وسيتم إعلان النتائج لاحقا.
ونعت "حماس" رئيس مكتبها السياسي، محمّلة إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية اغتياله، وأكدت على أن الهجوم لن يمر دون رد.
المصدر: "فايننشال تايمز"