جاء ذلك فيما نقلته "بلومبرغ" عن كبير الباحثين المساعد في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام بيتر توبيتشكانوف، في سياق حديث الجريدة عن زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى روسيا اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء، حيث تابع الموقع الرسمي للجريدة أنها الزيارة الأولى منذ 5 سنوات، في الوقت الذي "تعمّق فيها روسيا من احتضانها للصين، منافسة دلهي".
وقد علق وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا على الزيارة بأنه نظرا لعدم عقد مؤتمرات قمة بين الرئيسين مؤخرا، فإن "عددا من القضايا على جدول الأعمال قد تراكمت، وتحتاج إلى معالجة".
وقال دبلوماسيون هنود كبار، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، إنه من غير المرجح صدور إعلانات كبيرة، فيما تهدف زيارة مودي إلى "إرسال إشارة إلى أن الجانبين ما زالا قريبين". وتعود علاقات روسيا بالهند إلى فترة الحرب الباردة، حيث تعد الهند أكبر مستورد للأسلحة والنفط الروسيين، ووصف وزير الخارجية كواترا العلاقة بين البلدين بأنها ظلت "مرنة".
وفي معرض إشادته بصداقته مع بوتين، قال رئيس الوزراء الهندي مودي قبيل إقلاعه إلى موسكو إن البلدين "أحرزا تقدما على عدد من الجبهات خلال العقد الماضي، بما في ذلك في مجالات الطاقة والأمن والتجارة والاستثمار"، وتابع: "أتطلع إلى مراجعة جميع جوانب التعاون الثنائي مع صديقي الرئيس فلاديمير بوتين وتبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية"، وأعرب عن رغبته في "لعب دور داعم للسلم والاستقرار في المنطقة".
وتراقب الهند عن كثب اقتراب روسيا من الصين، التي تمثل بالنسبة لروسيا، وفقا لـ "بلومبرغ"، "شريان حياة اقتصاديا ودبلوماسيا وسط العقوبات المفروضة على روسيا" بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، حيث وصف الرئيس بوتين العلاقات مع الصين، خلال قمة أمنية عقدت في كازاخستان الأسبوع الماضي، بأنها "الأفضل في التاريخ".
وقد تدهورت العلاقات بين الهند والصين إلى أدنى مستوياتها منذ اندلاع نزاع حدود وتحوله إلى أعمال عنف عام 2020، وبرغم اتفاق الجانبين على إجراء محادثات لحل الخلاف، إلا أن التوتر لا يزال سائدا بين البلدين.
ويتابع توبيتشكانوف: "إن الهند، الواقعة بين روسيا والصين والغرب، تسعى إلى مزيد من القدرة على التنبؤ من روسيا، وهي مستعدة للعب دور أكبر في تعزيز السلام في أوكرانيا".
وأضاف: "مع ذلك، قد يواجه بوتين، خلف الأبواب المغلقة، أسئلة من مودي حول العلاقات الوثيقة المتزايدة بين روسيا والصين".
ووفقا لـ "بلومبرغ"، ستكون زيارة مودي هذه هي الزيارة الثنائية الأولى لموسكو منذ فوزه بفترة رئاسية ثالثة الشهر الماضي. ويمثل قراره بالسفر إلى روسيا بدلا من الدول المجاورة مثل بوتان وجزر المالديف وسريلانكا خروجا عن التقاليد بالنسبة للقادة الهنود. بالنسبة لموسكو، تساعد الرحلة في دحض المزاعم الغربية بشأن عزلة بوتين بسبب العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، وتسهم في تعزيز العلاقات مع شريك تجاري مهم، ومشتر رئيسي للنفط الروسي.
وقال كواترا إن الإجراءات الرامية إلى تقليل الخلل التجاري بين البلدين من المرجح أن تحتل مكانا بارزا في المحادثات، حيث تستورد الهند حاليا ما قيمته 60 مليار دولار سنويا من السلع من روسيا، التي تشتري من الهند ما قيمته أقل من 5 مليارات دولار. وأضاف أن تصرفات الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يمكن أن تطرح أيضا على طاولة المحادثات.
وقد تكون صفقات الأسلحة المستقبلية أيضا على جدول الأعمال، وفقا لمدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات (وهو مركز أبحاث دفاعي مقره موسكو) رسلان بوخوف، الذي تابع أن روسيا "يمكنها أن تزود الهند بأنظمة دفاع جوي جديدة وطائرات مقاتلة من طراز Su-30MKI، بالإضافة إلى الإنتاج المرخص لمروحيات Ka-226T. وتواجه الهند أزمة حادة في الطائرات المقاتلة، وتدرس شراء عشرات أخرى من روسيا لتحل محل تلك التي فقدت في الحوادث.
وبرغم اعتبار الولايات المتحدة الهند "شريكا" في تنافسها مع الصين، إلا أن رفض ناريندرا مودي إدانة العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا تسبب في إحباط لواشنطن، كما يحقق المدعون الأمريكيون أيضا في مؤامرة مزعومة للقتل مقابل أجر على الأراضي الأمريكية، يقولون إن مسؤولين هنودا كبارا شاركوا فيها.
وبالإضافة إلى المحادثات مع بوتين، من المتوقع أن يلتقي مودي بأعضاء من الجالية الهندية في روسيا، حيث يقيم هنا نحو 14 ألف هندي، من بينهم 4500 طالب يدرسون في المؤسسات التعليمية الروسية للحصول على المؤهلات العليا وما فوقها.
المصدر: بلومبرغ