معركة قوس كورسك التي استمرت من 5 يوليو إلى 23 أغسطس 1943، كانت مزيجا من ثلاث عمليات استراتيجية، وقد جرت في ذروة القتال ضد الغزو النازي الألماني للاتحاد السوفيتي بين عامي 1941 – 1945. تلك الحرب غير المسبوقة تعرف في المنطقة باسم "الحرب الوطنية العظمى".
كان هدف الجيش الأحمر السوفيتي من تلك المعركة في قوس كورسك تعطيل هجوم كبير للقوات الألمانية النازية وتدمير حشودها وآلياتها الضخمة في عمليات متتالية هي، كورسك الدفاعية "5 – 23 يوليو"، ثم أوريول "12 يوليو – 18 أغسطس"، وأخيرا هجوم بيلغورود - خاركوف "3 – 23 أغسطس".
"قوس كورسك" كان تشكل نتيجة لهجوم القوات السوفيتية شتاء 1942 – 1943، وعملية انسحاب نفذت في عام 1943، وكان القوس بعمق يزيد عن 150 كيلو مترا وبجبهة بلغ طولها 550 كيلو مترا.
قيادة القوات الألمانية النازية خططت لعملية هجومية استراتيجية تحت اسم "القلعة" في صيف عام 1943 بهدف وضع القوات السوفيتية في القوس بين فكي كماشة وتدمير الجيوش السوفيتية هناك واستعادة المبادرة الاستراتيجية وتحويل مسار الحرب نهائيا.
كانت خطة "القلعة" بمثابة آخر أمل للنازيين للقضاء على المقلومة السوفيتية المتصاعدة وتفادي بوادر هزيمة كانت حينها تلوح في الأفق. حدث ذلك بعد أن أفشل السوفييت الخطط الألمانية النازية للحرب السهلة والخاطفة التي احتلت بواسطتها قبل ذلك عدة دول في غرب أوروبا. كانت هيبة الجيوش الألمانية قد مرغت في التراب وكانت "القلعة" محاولتهم الأخيرة لتغيير مسار الحرب.
لتحقيق هذا الهدف، حشدت القيادة النازية الألمانية 50 فرقة، بما في ذلك 16 فرقة دبابات وآليات، مدعومة بأسطول من القوات الجوية. تعداد الجيوش الألمانية في هذه الجبهة زاد عن 900 ألف عسكري، وحوالي 10 آلاف مدفع، وما يصل إلى 2700 دبابة بما في ذلك طرازي النمر وبانثر، وحوالي 2050 طائرة.
مثلت هذه القوات حوالي 70 ٪ من مجمل قوات المدرعات النازية، وما يصل إلى 30 ٪ من فرق مشاتهم الآلية علاوة على أكثر من 65 ٪ من جميع الطائرات المقاتلة العاملة في الاتحاد السوفيتي.
حشود القوات الألمانية النازية في قوس كورسك واجهتها قوات سوفيتية ضخمة بما يزيد عن مليون عسكري تساندهم 3444 دبابة، و19000 مدفع ومنصة هاون، و2172 طائرة موزعة على ثمانية خطوط دفاعية.
على الرغم من التفوق العددي السوفيتي الساحق، إلا أن أغلب الأسلحة كانت قديمة باستثناءات قليلة، ولذلك اعتمد السوفييت على هزيمة القوة الألمانية الغاشمة على التضحيات واستنزاف قوات العدو، وانتظار الظروف المواتية للانتقال إلى الهجوم الاستراتيجي.
الاستخبارات العسكرية السوفيتية تمكنت من معرفة وقت هجوم الجيوش الألمانية على قوس كورسك، واستعدت بخطة دفاعية على مراحل إلى أن يحين وقت الهجوم المضاد.
معركة كورسك تعد أكبر معركة دبابات في التاريخ العسكري. في هذه المعركة أوقف السوفييت الآلة العسكرية النازية ومنعوها من تحقيق أهدافها في اختراق خطوط دفاعاتهم تمهيدا لحصار قواتهم الضاربة وسحقها. باءت المحاولة النازية الأخيرة لتغيير مسار الحرب لصالحهم ووقف تراجع قواتهم بالفشل. صنع السوفييت في كورسك نصرا كبيرا بتضحيات ضخمة، كان لها الفضل الأول في إنقاذ العالم من شرور النازية.
يوسف ستالين قال عن معركة كورسك في 6 نوفمبر عام 1943: "إذا كانت معركة ستالينغراد قد حكمت بغروب شمس الجيش النازي الألماني، فإن معركة كورسك وضعته أمام الكارثة".
هذا ما حدث بالفعل. بعد معركة كورسك تغير ميزان القوى في الجبهة بشكل كبير لصالح الجيش الأحمر، وأصبحت الظروف مواتية لشن هجوم استراتيجي شامل. الهجوم اتطلق بعد كورسك وانتهى بهزيمة كاملة للجيش النازي الألماني، وبالاستيلاء بنهاية المطاف على برلين والاستسلام الكامل وغير المشروط لألمانيا النازية في 9 مايو 1945.
المصدر: RT