يمكن الإشارة في هذا السياق إلى عدم وجود أي وثيقة أمريكية قبل استسلام اليابان، تشير إلى أنه سيتم استخدام قنبلتين نوويتين فقط. مثل هذا الاعتقاد جرى ترسيخه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية من خلال سلسلة من المذكرات صدرت عن مشاركين في "مشروع منهاتن" الخاص بهذا السلاح الفتاك، أفيد فيها بأن قنبلتين نوويتين ستكون كافيتين.
الحقيقة أن المسؤولين الأمريكيين قبل تنفيذ الغارتين الجويتين النوويتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، لم يكونوا متأكدين من أن جحيمين نوويين سينهيان الحرب.
بعد ثلاثة أيام من اختبار "ترينيتي" النووي الأول، كتب الجنرال ليزلي غروفز، المسؤول عن "مشروع منهاتين" إلى الفيزيائي روبرت أوبنهايمر مدير "مشروع مانهاتن"، مفيدا بأنه سيكون من الضروري إسقاط "الولد الصغير" و"الرجل البدين" وربما قنبلتين أخريين من طراز "الرجل البدين".
ربان الطائرة القاذفة التي أسقطت قنبلة "الولد الصغير" النووية العقيد بول تيبيتس، كان يرى أن إجبار اليابان على الاستسلام سيتطلب خمس قنابل نووية.
كان تحت إمرته في ذلك الوقت، خمسة عشر قاذفة بعيدة المدى، وطواقم مدربة جاهزة للانقضاض في حال تم الاحتياج إلى إلقاء المزيد من القنابل النووية نهاية الحرب العالمية الثانية.
الطلقة النووية الثالثة:
بعد أربعة أيام من قصف مدينة ناغازاكي، أجرى مسؤولان عسكريان أمريكيان في 13 أغسطس 1945 محادثة هاتفية حول عدد القنابل التي سيتم تفجيرها فوق اليابان ومواعيدها.
بحسب هذه المحادثة الهاتفية التي رفعت عنها السرية، كانت توجد قنبلة نووية ثالثة كان من المقرر إسقاطها في 19 أغسطس.
هذه " الطلقة النووية الثالثة" كانت ستكون قنبلة "الرجل البدين" الثانية، مثل تلك التي أسقطت على ناغازاكي. كما تطرق هذان المسؤولان إلى خطة للولايات المتحدة لإسقاط ما يصل إلى سبع قنابل أخرى بحلول نهاية أكتوبر.
موقع إسقاط القنبلة النووية الثالثة المحتملة لم يتم تحديده، إلا أن مسؤولا أمريكيا واحدا على الأقل دعا إلى أن يكون هدف "الطلقة النووية الثالثة"، طوكيو، مشيرا إلى أن مهاجمة العاصمة اليابانية ستسبب أضرارا نفسية هائلة لأي مسؤول حكومي لا يزال في المدينة. هذا المسؤول الأمريكي كان يرى أن هذا الأمر أكثر أهمية بكثير من القوة المدمرة للقنبلة ذاتها.
علاوة على كل ذلك، تظهر الوثيقة المرفقة بهذا التقرير، وهي عبارة عن أمر بمهاجمة المدن اليابانية بالقنابل النووية، نقل فيه توماس هاندي، القائم بأعمال رئيس أركان الجيش الأمريكي، تعليمات قائد القوات الجوية الاستراتيجية كارل سباتز بـ "تسليم أول قنبلة خاصة بمجرد أن يسمح الطقس بذلك.. بعد حوالي 3 أغسطس 1945. قائمة الأهداف: هيروشيما وكوكورا ونيجاتا وناغازاكي.
في هذه الوثيقة تم أيضا الإذن بتنفيذ المزيد من الهجمات النووية "سيتم تسليم قنابل إضافية على الأهداف المذكورة أعلاه حال توفرها".
فيما كان الجيش الأمريكي يواصل الاستعداد لتوجيه ضربة نووية ثالثة ضد اليابان، أمر الرئيس الأمريكي ترومان، حين علم أن قنبلة ثالثة ستكون جاهزة في غضون أسبوع تقريبا، بعدم إلقاء المزيد من القنابل النووية من دون موافقته المباشرة.
حين سئل ترومان في وقت لاحق عن سبب ميله إلى وقف الضربات النووية على اليابان، قال إن فكرة القضاء على 100000 شخص آخر وقتل "كل هؤلاء الأطفال" كانت مروعة للغاية.
مع ذلك، حتى عقب استسلام اليابان في 15 أغسطس، كان لدى الأمريكيين مخاوف من حدوث انقلاب عسكري في طوكيو قد يتسبب في استئناف الحرب، ولذلك استمرت الاستعدادات لتوجيه "طلقة نووية الثالثة" ضد اليابان حتى يوم 2 سبتمبر، وهو التاريخ الذي بدأ فيه الاحتلال الأمريكي لهذا البلد الذي نكب نوويا مرتين، في أول استخدام لهذا السلاح الرهيب في التاريخ.
المصدر: RT