ويتميز هذا الكائن، الذي يعني اسمه حرفيا "الحبار مصاص الدماء من الجحيم"، بمظهر فريد يجمع بين صفات عدة كائنات. فجسمه الداكن وعيناه الكبيرتان اللتان تتلونان بالأحمر أو الأزرق، والأغشية التي تشبه العباءة بين أذرعه الثمانية، كلها صفات جعلت منه لغزا حيا لعلماء الأحياء البحرية.
ورغم تصنيفه ضمن فصيلة الأخطبوطات، إلا أن تحليله الجيني كشف أنه يحمل خصائص وراثية مشتركة مع الحبار (squids) والسبيدج (cuttlefish)، ما يضعه في موقع وسطي فريد في شجرة التطور.
وبلغ حجم الخريطة الوراثية لهذا الكائن أكثر من 11 مليار وحدة وراثية، وهو ما يعادل أربعة أضعاف الجينوم البشري وضعف أكبر جينوم معروف للحبار. وهذا الكنز الوراثي العملاق كشف أن "الحبار مصاص الدماء" يحتفظ بصفات جينية تعود إلى أكثر من 300 مليون سنة، عندما انقسمت رأسيات الأرجل إلى فرعين رئيسيين: كائنات ذات ثمانية أذرع مثل الأخطبوط، وأخرى ذات عشرة أذرع مثل الحبار.
والمفارقة أن هذا الكائن، رغم اسمه المرعب، ليس مفترسا شرسا كما قد يتصور البعض. فهو يتغذى بهدوء على المواد العضوية الميتة في قاع المحيط، بعيدًا عن عادة مص الدماء التي يوحي بها اسمه. يعيش في بيئة قاسية حيث يندر الغذاء ويغيب الضوء، مما يجعله مثالًا رائعا على التكيف مع الظروف المتطرفة.
يكشف هذا الاكتشاف العلمي أن الأسلاف القديمة للأخطبوطات الحديثة كانت أشبه بالحبار مما كنا نعتقد، وأن إعادة تنظيم جينية كبيرة مرت بها هذه الكائنات ساهمت في التنوع المذهل الذي نراه اليوم في عالم رأسيات الأرجل. بهذا يصبح الحبار مصاص الدماء ليس مجرد كائن غريب، بل نافذة حية نطل من خلالها على ماضي بعيد، وشاهدًا حيًا على عجائب التطور في أعماق المحيطات.
المصدر: إندبندنت