نقوش أثرية بأربع لغات تؤكد تعاطي المصريين القدماء للأفيون
كشفت دراسة جديدة أن تعاطي الأفيون ربما كان عادة يومية ثابتة في حياة المصريين القدماء، حيث توصل علماء من متحف ييل بيبودي إلى أدلة ملموسة على ذلك.
ويعود هذا الاكتشاف إلى فضول العلماء تجاه "البقايا العطرية" بنية اللون التي عثروا عليها داخل مزهرية أثرية مصنوعة من المرمر. وبعد تحليلها، كشفت النتائج المنشورة في مجلة Journal of Eastern Mediterranean Archaeology عن وجود مركبات النوسكابين والهيدروكوتارنين والمورفين والثيباين والبايبافيرين - وهي جميعا مؤشرات حيوية حاسمة تثبت وجود الأفيون.
ويعد هذا الكشف "أوضح دليل حتى الآن" على الانتشار الواسع لتعاطي الأفيون في المجتمع المصري القديم، وفقا للباحثين. بل إنهم يمضون إلى أبعد من ذلك، مشيرين إلى أن أواني مماثلة، بما في ذلك تلك التي عثر عليها في مقبرة الفرعون توت عنخ آمون، قد تحتوي بدورها على آثار للمواد الأفيونية.
Ce que dévoilent des traces millénaires d'opium dans un vase royal égyptien, selon l'université de Yale
— GEO (@GEOfr) November 14, 2025
➡️ https://t.co/LSQjaoN3hw pic.twitter.com/ZEJsablYZ0
وفي هذا الصدد، علق أندرو جيه كوه، الباحث الرئيسي للدراسة، قائلا: "يظهر بحثنا أن استخدام الأفيون في الحضارة المصرية القديمة لم يكن عرضيا أو متقطعا، بل كان ممارسة راسخة في الحياة اليومية إلى حد ما". وأضاف: "نرى أنه من المحتمل أن الجرار المرمرية في مقبرة الملك توت احتوت على الأفيون كجزء من تقليد قديم لتعاطي المواد الأفيونية بدأنا للتو في فهم أبعاده".

"فراغات" مجهولة في هرم منقرع تحير العلماء!
وتحمل المزهرية المرمرية نقوشا بأربع لغات قديمة هي الأكادية والعيلامية والفارسية والمصرية، وهي مهداة إلى الملك زركسيس الأول الذي حكم الإمبراطورية الأخمينية (الإمبراطورية الفارسية الأولى) بين عامي 486 و465 قبل الميلاد. وقد امتدت هذه الإمبراطورية الواسعة، التي كانت بلاد فارس مركزها، لتشمل مصر وبلاد الرافدين وبلاد الشام والأناضول وأجزاء من شرق الجزيرة العربية وآسيا الوسطى.
ويزيد من أهمية هذا الأثر اكتشاف نقش ثاني عليه يحدد سعة المزهرية بنحو 1200 مليمتر، وهي سمة وصفها الخبراء بأنها "نادرة للغاية".
وأشار كوه إلى منحى جديد في دراسة الآثار قائلا: "إلى جانب اهتمام العلماء التقليدي بالجوانب الجمالية للقطع الأثرية، يركز برنامجنا البحثي على الكيفية التي استخدمت بها هذه القطع والمكونات العضوية التي احتوتها. وهذه المعرفة تفتح لنا نافذة على الحياة اليومية للشعوب القديمة، عاداتهم الغذائية، الأدوية التي استخدموها، وحتى طرق قضاء أوقات الفراغ".

اكتشاف حصن عمره 3000 عام في شمال سيناء مرتبط برحلة الخروج التوراتية
ويذكرنا هذا الكشف باكتشاف سابق لبقايا أفيون في مجموعة من الأواني المرمرية المصرية وإبريق قبرصي عثر عليها في مقبرة عادية على الأرجح لعائلة من التجار في سيدمنت بمصر، تعود لعصر الدولة الحديثة (القرن 16 إلى القرن 11 قبل الميلاد).
ويبرز هنا عنصر التشابه المهم: فوجود الآثار الأفيونية في موقعين يعودان لعصور مختلفة (يفصل بينها أكثر من ألف عام) وينتميان لشرائح اجتماعية واقتصادية متباينة (المقابر الملكية مقابل مقابر الأسر التجارية)، يرجح بقوة أن الأفيون كان مادة مألوفة عبر مختلف طبقات المجتمع المصري القديم. ويثير هذا الاحتمال إمكانية وجود آثار للمادة نفسها في الكم الهائل من الأواني المرمرية التي تزين مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك.
يذكر أن الأفيون هو المادة اللبنية المجففة المستخرجة من كبسولات نبات الخشخاش (Papaver somniferum)، والذي يشكل المصدر الأساسي للعديد من المخدرات مثل المورفين والكودايين والهيروين. وقد استخدمته الحضارات القديمة كدواء ومادة مساعدة في الطقوس الدينية منذ آلاف السنين. حيث يعود أول ذكر موثق له إلى عام 3400 قبل الميلاد في منطقة بلاد الرافدين السفلى (جنوب غرب آسيا). ثم ازداد الطلب على هذه المادة المسببة للإدمان تدريجيا، لتنطلق رحلتها عبر طريق الحرير من البحر المتوسط إلى عمق آسيا وصولا إلى الصين، حيث أصبح لاحقا محور حروب الأفيون في منتصف القرن التاسع عشر.
المصدر: إندبندنت
إقرأ المزيد
تركيا.. اكتشاف لوحة فسيفساء عمرها 1500 عام تجسد مشاهد من قصة الخلق في المسيحية المبكرة (صور)
كشفت تركيا عن لوحة فسيفساء أرضية مذهلة يعود تاريخها إلى 1500 عام، تصور مشاهد من قصة الخلق والتكوين وفق المعتقدات المسيحية المبكرة.
العثور على "بومبي الإسلامية" الغارقة منذ 6 قرون
أعلن باحثون من الأكاديمية الروسية للعلوم عن العثور على آثار مدينة غارقة تحت مياه بحيرة "إيسيك كول" في قرغيزستان، في كشف يذكر بالأسطورة الشهيرة لأطلنطس.
أطلس رقمي جديد يكشف الحجم الحقيقي للإمبراطورية الرومانية
كشف "أطلس" رقمي جديد نشر يوم الخميس عن أن شبكة الطرق الرومانية القديمة التي امتدت لمسافة مذهلة تزيد بنسبة 50% عما كان معروفا سابقا، وهو ما يتحدى التصورات السائدة منذ زمن طويل.
تونس.. اكتشاف كنز فينيقي نادر يفشي أسرار طقوس قرطاج الدينية
أعلنت وزارة الشؤون الثقافية بتونس عن العثور على قناع نادر مصنوع من المرمر يعود تاريخه إلى نهاية القرن الرابع قبل الميلاد بموقع "توفاة صلامبو" في مدينة قرطاج.
"الحقيقة المفقودة" تُكشف بعد 6 قرون.. "أسطورة" أدبية عربية وراء رواية اجتياح الطاعون لطريق الحرير
لأكثر من ستة قرون، ظلت قصة الانتشار السريع للطاعون الأسود عبر طرق الحرير تروى كحقيقة تاريخية راسخة. لكن بحثا جديدا يكشف أن هذه الرواية قد تكون مجرد أسطورة نجمت عن سوء فهم أدبي.
التعليقات