كان يُعتقد أن رجال الملح الإيرانيين كانوا يقومون بتعدين الملح عندما انهار المنجم، فدُفِنوا أحياء. وبقاياهم المروعة مجمدة وأفواههم مفتوحة، وتلتقط صرخاتهم الأخيرة وهم يموتون.
واعتقد علماء الآثار في البداية أن رجال الملح يعود تاريخهم إلى نحو 550-330 قبل الميلاد، في وقت قريب من سلالة الأخمينيين في بلاد فارس، أول إمبراطورية حكمت المنطقة.
لكن دراسة جديدة تشير إلى أن البشر ربما بدأوا في استخدام منجم الملح قبل ذلك بنحو 4000 عام.
ومن بين رجال الملح الإيرانيين الثمانية المحنطين الذين تم اكتشافهم، يعود تاريخ معظمهم إلى عصر الإمبراطورية الأخمينية، التي حكمت حتى مصر إلى الغرب ووادي نهر السند إلى الجنوب الشرقي، في المناطق التي أصبحت الآن جزءا من باكستان والهند.
وفي ذروة حكم هذه السلالة، وفقا للدراسة الجديدة، "تم التخلي عن منجم الأخمينيين بعد كارثة تعدين أودت بحياة ثلاثة عمال مناجم". ولم تستأنف عمليات تعدين الملح لمدة قرنين تقريبا بعد الانهيار.
ولكن الجانب المشرق من الكارثة هو أن المومياوات قدمت للعلماء صورا أكثر وضوحا حتى الآن للنشاط البشري القديم في الموقع.
وشرحت الدكتورة لينا أورستروم، عالمة الأمراض القديمة وزملاؤها في الدراسة من مجموعة دراسات المومياوات بجامعة زيورخ: "في حالة مومياوات الملح، تم تحفيز عملية التحنيط بالملح. يمنع الجفاف الناتج نمو البكتيريا ويوقف التحلل".
وتم اكتشاف رأس أول جثة معروفة باسم "رجل الملح" في منجم دوزلاخ للملح في عام 1993 من قبل عمال المناجم، وكان رأس الجثة محفوظا بشكل جيد لدرجة أن علماء الآثار تمكنوا بوضوح من معرفة أن أذنه ما تزال تحمل قرطا ذهبيا.
وكان الشعر واللحية والشارب ما يزالان سليمين، وكذلك الحذاء الجلدي الذي ما يزال يحتوي على أجزاء من ساقه وقدمه.
ويُقدر أن أول "رجل ملح" حوصر في المنجم في عام 300 م.
ومنذ الاكتشاف الأول في عام 1993، تم العثور على خمس مومياوات كاملة أخرى محاصرة في مناجم الملح في طهران. وتم امتصاص الرطوبة من أجساد جميع الجثث بواسطة الملح.
كما أدى نقص الأكسجين إلى عدم تحلل المومياوات.
ويُشار إلى أن تأريخ الكربون قدّر أن أقدم مومياء ه يعود تاريخها إلى عام 9550 قبل الميلاد - أي منذ أكثر من 10 آلاف عام.
وكشفت دراسة رأس "رجل الملح" الأول أن الجثة المغطاة بالملح كانت بها كسور حول عينه وتلف في الرأس.
وفي الوقت نفسه، كان "رجل الملح" الخامس محفوظا جيدا لدرجة أن الباحثين تمكنوا من فحص أعضائه. واكتشفوا أنه كان يحمل بيض الدودة الشريطية ما يشير إلى أن الرجال كانوا يتناولون اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيدا قبل أن يلقوا حتفهم في كهوف الملح.
ربما تكون الجثة الأفضل حفظا والأكثر فظاعة هي جثة "رجل الملح" رقم أربعة، وهو عامل منجم يبلغ من العمر 16 عاما، لقي حتفه بعد أن سحقه انهيار الكهف.
وفي حين تم العثور على ست جثث كاملة، عثر علماء الآثار أيضا على أجزاء منفصلة من الجسم، والتي يُعتقد أنها تجعل عدد جثث "رجال الملح" يبلغ ثمانية أو أكثر.
ورغم أن الأفراد الثمانية ينتمون إلى عصور مختلفة بين القرن السادس قبل الميلاد والقرن السادس الميلادي، فقد ظهرت عليهم جميعا علامات الصدمة في هيئة كسور وضغط، حيث لقوا حتفهم في انهيارات أو حوادث.
المصدر: مترو