لكن درجات الحرارة التي حطمت الأرقام القياسية في عام 2023 أثارت قلق العلماء، وتشير إلى وجود بعض العمليات الجديدة "الغامضة" التي قد تكون جارية، وفقا لما صرح به كبير علماء المناخ في ناسا غافين شميدت لوكالة "فرانس برس".
وأشار شميدت وهو أيضا مدير معهد غودارد لدراسات الفضاء التابع لناسا، إلى أن الحرارة المسجلة في العام 2023 "لم تكن مجرد رقم قياسي. لقد كانت رقما قياسيا حطم الرقم القياسي السابق بهامش قياسي".
مضيفا: "لقد بدأنا مع ظاهرة النينا (أو إل نينو)، هذه الظاهرة المدهشة في المحيط الهادئ الاستوائي. واستمر هذا حتى مارس. وبعد ذلك في شهر مايو، بدأنا نشهد تطور ظاهرة النينيو، وهي المرحلة الدافئة من تلك الدورة".
وتعد النينيو والنينا ظاهرتان مناخيتان تختلف كل واحدة عن الأخرى، بحيث تتصف ظاهرة النينو بانتقال كتل هائلة من المياه الحارة في المحيط الاستوائي من الشرق إلى الغرب، بينما تعمل ظاهرة النينا بالعكس، وتنشأ من اندفاع هذه المياه الساخنة نحو الشرق من المحيط الهندي وأسيا وأندونيسيا وأستراليا.
وكشف علماء المناخ من وكالة ناسا والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) يوم الجمعة 12 يناير عن بيانات تظهر أن درجات الحرارة تستمر في الارتفاع بمعدلات مروعة، ما يساهم في حدوث أحداث مناخية قاسية في جميع أنحاء العالم.
وتتفق الغالبية العظمى من علماء المناخ على أن هذا الاتجاه طويل الأمد مرتبط بالاحتباس الحراري، وعادة ما يؤثر على درجات الحرارة في العام التالي، وهو عام 2024.
وتابع شميدت: "ما رأيناه في عام 2023 هو أن درجات الحرارة العالمية تبدو وكأنها ترتفع مع ظاهرة النينيو، بطريقة أكبر بكثير مما رأيناه من قبل. إن الاتجاهات طويلة الأمد التي نفهمها، مدفوعة بغازات الدفيئة، وهي مدفوعة بالتأثيرات البشرية. ونتوقع أن يستمر ذلك، عقدا بعد عقد، حتى نتوقف عن انبعاث غازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي، وهو ما لم نفعله بعد".
وبحسب ما صرح به لوكالة "فرانس برس"، فإنه يمكن ربط العوامل الغامضة في ارتفاع درجات الحرارة بالهباء الجوي أو ظاهرة النينيو، أو الأحداث في القطب الجنوبي أو شمال المحيط الأطلسي، أو اختلال توازن الطاقة على الأرض، من بين العديد من الفرضيات الأخرى.
ويحاول العلماء الآن يائسين معرفة ما يفتقدونه.
ولأول مرة، تجاوزت جميع الأيام الـ 365 في عام 2023 درجة مئوية واحدة فوق مستويات ما قبل الصناعة. ويقول العلماء إن مناخ العام كان يقترب بشكل غير مريح من 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الصناعة، ما يهدد بخرق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
ومع ذلك، في العام السابق، توقعت عشرة مراكز مختلفة للتنبؤ بالمناخ احتمالا ضئيلا للغاية بأن تكون درجة الحرارة السنوية لعام 2023 مرتفعة كما تبين.
وكانت ظاهرة النينيو تتراكم في العام الماضي، ولكن يبدو أنها تفعل ذلك بطريقة أضعف مما كانت عليه في الماضي القريب. ويشير هذا بقوة إلى أن درجات الحرارة القياسية التي شوهدت في عام 2023 لم تكن فقط بسبب تغير المناخ وظاهرة النينيو معا.
وأوضح شميدت: "ربما تكون ظاهرة النينيو كافية. لكن إذا نظرت إلى كل حالات النينيو الأخرى التي واجهناها، لم يفعل أي منها هذا. إما أن ظاهرة النينيو هذه مميزة للغاية، أو أن الغلاف الجوي يستجيب لظاهرة النينيو بطريقة خاصة جدا. أو أن هناك شيئا آخر يحدث. ولم يقم أحد حتى الآن بتحديد نطاق هذه الاحتمالات".
مضيفا: "ما يزال هذا الاتجاه طويل الأمد ضمن حدود ما توقعناه لسنوات عديدة. لكن تفاصيل ما حدث في عام 2023 غامضة بعض الشيء".
وأكد أن "عام 2023 لم يتبع الأنماط القديمة. وإذا عادت الأنماط القديمة، وكان عام 2023 مجرد نقطة عابرة، فسيكون عام 2024 قريبا جدا من عام 2023. وإذا لم يكن نقطة عابرة، أو كان شيئا منهجيا تغير، أو يتغير، فإننا نتوقع أن يكون عام 2024 أكثر دفئا بالفعل. وهذا له آثار على الطقس، وموجات الحرارة، والأمطار الغزيرة، والفيضانات الساحلية".
المصدر: phys.org