وتسببت حرائق الغابات بانطلاق عمليات الإخلاء في جميع أنحاء كندا. كما كانت غرينلاند حارّة جدا لدرجة أن محطة أبحاث في قمة الغطاء الجليدي سجلت ذوبانا في أواخر يونيو، ليكون حدث الذوبان الخامس المسجل.
وبدأ العام رطبا على غير العادة، وكان تراكم الثلوج خلال شتاء 2022-2023 أعلى من المتوسط في معظم أنحاء القطب الشمالي. ولكن بحلول شهر مايو، أدت درجات الحرارة المرتفعة في فصل الربيع إلى انخفاض الكتلة الثلجية في أمريكا الشمالية إلى مستوى قياسي، ما أدى إلى كشف اليابسة التي سرعان ما ارتفعت درجة حرارتها وجفت، ما أدى إلى تأجيج الحرائق التي أشعلها البرق في جميع أنحاء كندا.
وفي بطاقة تقرير القطب الشمالي لعام 2023، التي صدرت في 12 ديسمبر، جُمع 82 عالما في القطب الشمالي من جميع أنحاء العالم لتقييم العلامات الحيوية للقطب الشمالي، والتغيرات الجارية وتأثيراتها على الحياة في جميع أنحاء المنطقة وحول العالم.
وحطم صيف 2023 – يوليو وأغسطس وسبتمبر – الرقم القياسي السابق المسجل في عام 2016، بأربعة أضعاف ذلك الرقم. وكانت درجات الحرارة في كل مكان تقريبا في القطب الشمالي أعلى من المعدل الطبيعي.
وذاب الغطاء الثلجي الشتوي مبكرا عبر أجزاء كبيرة من شمال كندا، ما أتاح للشمس شهرا إضافيا لرفع حرارة الأرض المكشوفة. وتؤدي الحرارة ونقص الرطوبة إلى تجفيف المواد العضوية الموجودة على السطح وتحته مباشرة.
كما أدى الطقس الدافئ للغاية في شهري مايو ويونيو 2023 في الأقاليم الشمالية الغربية، إلى تسخين نهر ماكنزي العظيم، ما أدى إلى إرسال كميات هائلة من المياه الدافئة إلى بحر بوفورت في الشمال.
وأذابت المياه الدافئة الجليد البحري في وقت مبكر، وحملته التيارات أيضا غربا نحو ألاسكا، حيث ساهمت مياه نهر ماكنزي في فقدان الجليد البحري مبكرا على طول معظم شمال شرق ألاسكا، وفي زيادة نمو نباتات التندرا.
كما ساهم الدفء المماثل في غرب سيبيريا في ذوبان الجليد البحري بسرعة، وارتفاع درجات حرارة سطح البحر في بحر كارا ولابتيف شمال روسيا.
وكان انخفاض الجليد البحري في القطب الشمالي مساهما كبيرا في الزيادة الهائلة في متوسط درجات حرارة الخريف في جميع أنحاء المنطقة.
ويتضمن التقرير 12 مقالة تستكشف آثار تغيرات المناخ والنظام البيئي عبر القطب الشمالي وكيفية تكيف المجتمعات.
وكشف عن التربة الصقيعية تحت سطح البحر، وهي تربة متجمدة في قاع المحيط غنية بالمواد العضوية. وبدأت تذوب تدريجيا منذ أن غمرتها المياه بعد تراجع الصفائح الجليدية في نصف الكرة الشمالي منذ آلاف السنين.
واليوم، من المرجح أن تؤدي درجات حرارة المحيط الأكثر دفئا إلى تسريع ذوبان هذه التربة الصقيعية المخفية.
وكما هو الحال مع التربة الصقيعية على الأرض، عندما تذوب التربة الصقيعية تحت سطح البحر، تتحلل المادة العضوية التي تحتوي عليها وتطلق غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون، وتؤدي إلى تفاقم تحمض المحيطات.
وبالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعيشون في القطب الشمالي، يؤدي تغير المناخ بالفعل إلى تعطيل الحياة وسبل العيش.
وقد لاحظ المراقبون تحولات في أنماط الرياح والعواصف المحيطية الشديدة بشكل متزايد. وعلى الأرض، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى جعل الجليد النهري أقل موثوقية للسفر، كما يؤدي ذوبان التربة الصقيعية إلى غرق الطرق وزعزعة استقرار المنازل.
وشهدت مجتمعات ألاسكا الغربية التي تعتمد على سمك السلمون عاما آخر من الانخفاض الشديد في أعداد السمك في عام 2023، وهي ندرة تعطل الممارسات الثقافية والأمن الغذائي.
وتعد بطاقة تقرير القطب الشمالي لعام 2023 بمثابة تذكير بالمخاطر التي ينطوي عليها الأمر، سواء المخاطر الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب، أو الحياة والثقافات التي تعطلت بالفعل بسبب تغير المناخ.
التقرير من إعداد ريك تومان، أخصائي المناخ في ألاسكا، وماثيو دروكنميلر، عالم الأبحاث، وتويلا مون، نائب العالم الرئيسي، من المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد (NSIDC)، المعهد التعاوني لأبحاث العلوم البيئية (CIRES)، في جامعة كولورادو بولدر.
المصدر: ساينس ألرت