لكن أحد الخبراء يخشى من إمكانية استخدام هذه المقدرة للتلاعب بالأنواع البرية
وفي حديثها مع Vox، قالت كارين باكر، من جامعة كولومبيا البريطانية إن فريقا من الباحثين في ألمانيا يستخدم الذكاء الاصطناعي لفك تشفير أنماط الأصوات غير البشرية، مثل رقصة نحل العسل والضوضاء ذات التردد المنخفض للفيلة، ما يتيح جعل التكنولوجيا ليس فقط وسيلة للتواصل، ولكن أيضا للتحكم في الحيوانات البرية.
وأوضحت باكر أنه يمكن إضافة الذكاء الاصطناعي الناطق مع الحيوان إلى الروبوتات التي يمكنها "اختراق حاجز التواصل بين الأنواع بشكل أساسي''، لكنها لاحظت أيضا أن هذا الاختراق يثير أسئلة أخلاقية. إن تمكين البشر من التحدث مع الأنواع المختلفة يمكن أن يخلق "إحساسا أعمق بالقرابة، أو إحساسا بالسيطرة والقدرة على التلاعب في تدجين الأنواع البرية التي لم نتمكن كبشر من السيطرة عليها سابقا".
ولطالما سعى البشر إلى القدرة على التحدث مع الحيوانات وقاموا بعمل العديد من الأفلام بناء على هذه الفكرة، مثل 1967 Doctor Dolittle.
ولم تعد الفكرة مجرد حبكة فيلم، إذ اكتشف العلماء طرقا ناجحة للتحدث بلغة الحيوانات.
وفي عام 2018، قام باحثون من مركز داهليم للتعليم الآلي والروبوتات في ألمانيا بتصميم RoboBee الذي يحاكي رقصة النحل المتذبذبة، والتي تُستخدم لنقل المعلومات من بعضها الى بعض.
وتم تصميم الروبوت، الذي لا يشبه نحلة حقيقية، على شكل إسفنجة بأجنحة ومثبتة بقضيب يُتحكم في حركته.
وقام الفريق بتدريب الروبوت على تقليد حركات رقصة الاهتزاز نفسها، والتي تتكون من أشكال مختلفة من تدفق الهواء والاهتزازات، وقد خدعت النحل في "الاستماع إليها".
وتم العثور على بعض النحل لمتابعة التوجيهات من RoboBee، مثل مكان التحرك داخل الخلية أو التوقف تماما.
وقالت باكر التي نشرت مؤخرا كتابا بعنوان "أصوات الحياة: كيف تقربنا التقنيات الرقمية من عوالم الحيوانات والنباتات"، لموقع Vox إن الخطوة التالية من بحث ألمانيا هي زرع العديد من الروبوتات في خلايا مختلفة لرؤيتها، إذا كانت المستعمرة ستقبل الآلات كواحدة منها.
وبعد ذلك سيكون لدينا درجة غير مسبوقة من السيطرة على الخلية؛ قمنا بتدجين تلك الخلية بشكل أساسي بطريقة لم نقم بها من قبل.
وهذا هو المكان الذي تناقش فيه باكر القضايا الأخلاقية التي يمكن أن تنشأ من هذه القدرة، مشيرة إلى أن مثل هذه التقنيات يمكن أن تؤدي إلى استغلال البشر للحيوانات.
ومع ذلك، فهي تأمل في أن يتم استخدام القدرات للسماح للشخص العادي "بالتناغم مع أصوات الطبيعة".
وتناقش باكر عمل عالمة الحيوان والباحثة في Bioacoustics، كاتي باين، التي استخدمت الذكاء الاصطناعي لالتقاط الأصوات دون الصوتية.
ووصفت باين الأصوات بأنها "خفقان غريب في صدرها، وشعور غريب بعدم الارتياح"، كما قالت باكر لـ Vox.
وتابعت قائلة: "وهذا غالبا ما يمكننا، كبشر، أن نشعر بالموجات فوق الصوتية".
وإلى جانب نحل العسل والحيتان، أطلق فريق من العلماء الدوليين مؤخرا مشروعا طموحا للاستماع إلى اتصالات حيتان العنبر ووضعها في سياقها وترجمتها، بهدف "التحدث" إلى هذه الحيوانات البحرية المهيبة.
وهذا المشروع، المسمى Project CETI (مبادرة ترجمة الحيتان)، يستخدم أيضا الذكاء الاصطناعي لتفسير أصوات النقر، أو "الكودات" التي تصنعها حيتان العنبر للتواصل بعضها مع بعض.
ويستخدم الفريق، الذي أطلق مشروع CETI في أكتوبر 2021، معالجة اللغة الطبيعية أو البرمجة اللغوية العصبية - وهو حقل فرعي للذكاء الاصطناعي يركز على معالجة اللغة البشرية المكتوبة والمنطوقة - والتي سيتم تدريبها على أربعة مليارات من كودات حوت العنبر.
وتتمثل الخطة في جعل الذكاء الاصطناعي يربط كل صوت بسياق محدد - وهو إنجاز سيستغرق خمس سنوات على الأقل، وفقا للباحثين.
وإذا حقق الفريق هذه الأهداف، فستكون الخطوة التالية هي تطوير ونشر روبوت محادثة تفاعلي ينخرط في حوار مع حيتان العنبر التي تعيش في البرية.
وتشير باكر إلى أن البشر تواصلوا مع الحيوانات في الماضي، وتحديدا الرئيسيات، لكنهم فعلوا ذلك من خلال "وجهة نظر تتمحور حول الإنسان للغاية" - مثل تعليم لغة الإشارة للحيوانات.
ومع ذلك، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي هو وسيلة لاستخدام لغة المخلوق الخاصة للتواصل معه. وتقوم التكنولوجيا بتحليل الإشارات الفريدة المرتبطة بالسلوكيات والأنماط لإنشاء اللغة.
وقالت باكر لموقع Vox: "ما يفعله [هؤلاء الباحثون] ليس محاولة لتعليم تلك الأنواع لغة بشرية، بل تجميع، بشكل أساسي، لقواميس إشارات ثم محاولة لفهم ما تعنيه تلك الإشارات داخل تلك الأنواع".
المصدر: ديلي ميل