وأعلن الباحثون عن شفاء الرجل البالغ من العمر 66 عاما، والذي أطلق عليه اسم مريض "مدينة الأمل" نسبة إلى مستشفى مدينة الأمل في كاليفورنيا حيث كان يتلقى العلاج، في الفترة التي تسبق مؤتمر الإيدز الدولي، الذي يبدأ في مونتريال، كندا يوم الجمعة.
وأصبح الرجل الآن في حالة تعاف من كل من سرطان الدم وفيروس نقص المناعة البشرية منذ 17 شهرا من إيقافه العلاج المضاد للفيروسات القهقرية (ART) بعد زرع الخلايا الجذعية لسرطان الدم.
وهذا المريض هو الثاني الذي يقع الإعلان عن شفائه هذا العام، بعد أن قال باحثون في فبراير الماضي إن امرأة أمريكية يطلق عليها اسم "مريضة نيويورك" تعافت أيضا من الفيروس.
وحقق مريض "مدينة الأمل"، مثل مرضى برلين ولندن من قبله، شفاء دائما من الفيروس بعد زراعة نخاع عظمي لعلاج السرطان.
وتلقى مريض مدينة الأمل عملية الزرع منذ ما يقارب ثلاث سنوات ونصف السنة، وهو أكبر سنا من المرضى الثلاثة السابقين المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية الذين تعافوا بعد تلقي العلاج بالخلايا الجذعية من سرطان الدم.
وقالت جانا ديكر، أخصائية الأمراض المعدية في مستشفى مدينة الأمل، والمؤلفة الرئيسية للبحث الذي أجري على المريض، والذي وقع الإعلان عنه في مؤتمر سابق في مونتريال ولكن لم تتم مراجعته من قبل الأقران، في تصريح لها لوكالة "فرانس برس" إنه نظرا لأن المريض الأخير كان الأكبر سنا حتى الآن، فقد يكون نجاحه واعدا للمرضى الأكبر سنا المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والمصابين بالسرطان.
وقال المريض الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "عندما تم تشخيص إصابتي بفيروس نقص المناعة البشرية في عام 1988، مثل كثيرين آخرين، اعتقدت أنه بمثابة حكم بالإعدام".
وكشف في بيان لمدينة الأمل: "لم أتصور أنني سأعيش لأرى اليوم الذي لم أعد فيه مصابا بفيروس نقص المناعة البشرية. أنا ممتن للغاية".
وصرحت ديكر: "لقد رأى العديد من أصدقائه يموتون بسبب الإيدز في الأيام الأولى للمرض وواجه الكثير من وصمة العار عندما وقع تشخيص إصابته بفيروس نقص المناعة البشرية في عام 1988. ولكن الآن، يمكنه الاحتفال بهذا الإنجاز الطبي".
وكان المريض مصابا بفيروس نقص المناعة البشرية لمدة 31 عاما، وهي فترة أطول من أي مريض سابق في حالة شفاء.
وبعد تشخيص إصابته بسرطان الدم، تلقى في عام 2019 عملية زرع نخاع عظمي بخلايا جذعية من متبرع ليس له علاقة بطفرة نادرة حيث يكون جزء من جين CCR5 مفقودا، ما يجعل الأشخاص يقاومون فيروس نقص المناعة البشرية.
وانتظر حتى تلقي التطعيم ضد "كوفيد-19" في مارس 2021 للتوقف عن تناول مضادات الفيروسات القهقرية، وأصبح في حالة شفاء من كل من فيروس نقص المناعة البشرية والسرطان منذ ذلك الحين.
وقالت ديكر إن العلاج الكيميائي منخفض الشدة نجح في علاج المريض، ما قد يسمح لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية الأكبر سنا المصابين بالسرطان بالحصول على العلاج.
وأضافت أنها عملية معقدة لها آثار جانبية خطيرة و"ليست خيارا مناسبا لمعظم المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية".
وصرح ستيفن ديكس، خبير فيروس نقص المناعة البشرية في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، والذي لم يشارك في البحث: "إن أول شيء تفعله في عملية زرع نخاع العظم هو تدمير جهاز المناعة الخاص بك مؤقتا. ولن تفعل هذا أبدا إذا لم تكن مصابا بالسرطان".
"الكأس المقدسة"
أعلن الباحثون أيضا خلال مؤتمر الإيدز عن بحث حول امرأة إسبانية تبلغ من العمر 59 عاما مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية حافظت على حمولة فيروسية غير قابلة للاكتشاف لمدة 15 عاما على الرغم من إيقاف العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.
وقالت شارون لوين، الرئيسة المنتخبة لجمعية الإيدز الدولية التي عقدت المؤتمر، إن الأمر يختلف عن مريض "مدينة الأمل"، لأن الفيروس ظل عند مستوى منخفض للغاية.
وأوضحت لوين: "يبقى العلاج الكأس المقدسة لأبحاث فيروس نقص المناعة البشرية. رأينا عددا قليلا من حالات الشفاء الفردية من قبل، والحالتان المقدمتان اليوم توفران أملا مستمرا للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية وإلهاما للمجتمع العلمي".
كما أشارت إلى "تطور مثير حقا" نحو التعرف على فيروس نقص المناعة البشرية في خلية فردية، وهو "يشبه إلى حد ما البحث عن إبرة في كومة قش".
وحدد الباحثون أن الخلية المصابة بفيروس نقص المناعة البشرية لديها عدة خصائص معينة.
وقال ديكس، تاذي أشرف على هذا البحث، إنه يمكن أن يتكاثر بشكل أفضل من غيره، ويصعب قتله، كما أنه مرن ويصعب اكتشافه. "وهذا هو السبب في أن فيروس نقص المناعة البشرية هو عدوى مدى الحياة".
لكنه أشار إلى أن حالات مثل مريض مدينة الأمل قدمت خارطة طريق محتملة نحو علاج متاح على نطاق أوسع، ربما باستخدام تقنية تعديل الجينات CRISPR.
وتابع ديكس: "أعتقد أنه إذا كان بإمكانك التخلص من فيروس نقص المناعة البشرية، والتخلص من جين CCR5، وهو الباب الذي يدخل منه فيروس نقص المناعة البشرية، فيمكنك علاج شخص ما".
وختم: "من الممكن نظريا إعطاء شخص ما حقنة في ذراعه لتوصيل إنزيم يدخل الخلايا ويقضي على جين CCR5، ويقضي على الفيروس. لكن هذا ما يزال مجرد خيال علمي في الوقت الحالي".
المصدر: ميديكال إكسبريس