وبدأ الباحثون في السنوات الأخيرة بالتعرف على أنواع معينة من وقت الشاشة وكيف تؤثر على مجموعة متنوعة من النتائج لدى الأطفال، حيث جعلت الطبيعة غير المتجانسة لاستخدام الشاشات الرقمية في القرن الحادي والعشرين من المستحيل القول ببساطة أن كل وقت الشاشة سيء.
وركزت الدراسة الجديدة بشكل خاص على التحقيق في العلاقة بين استخدام ألعاب الفيديو والذكاء، ولتقييم المقياس التجريدي المعترف به لـ "الذكاء" ، وضع الباحثون أولا خلفيات اجتماعية اقتصادية ووجود الجينات المتعلقة بالذكاء.
و قال الباحثان توركل كلينجبرج، وبرونو سوس:"بالنسبة لدراستنا، أنشأنا مؤشرا للذكاء من خمس مهام:اثنتان تتعلقان بفهم القراءة والمفردات، وواحدة عن الانتباه والوظيفة التنفيذية التي تشمل الذاكرة العاملة والتفكير المرن وضبط النفس، والأخرى لتقييم المعالجة البصرية المكانية.
تمت متابعة حوالي 5000 طفل لمدة عامين في الدراسة الجديدة، تتراوح أعمارهم بين 9 و 10 سنوات في الأساس، أكمل المشاركون الاختبارات المعرفية في بداية الدراسة ونهايتها، تم الإبلاغ عن وقت الشاشة ذاتيا وتم تقسيمه إلى ثلاث فئات: المشاهدة والتواصل الاجتماعي والألعاب.
ولم يكتشف الباحثون في بداية الدراسة أي ارتباط بين الوقت الذي يقضيه في اللعب وذكاء أقل أو أعلى من المتوسط، من المثير للاهتمام، مع ذلك، أن المستويات العالية من مشاهدة التلفزيون ومقاطع الفيديو، أو التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، كانت مرتبطة قليلا بمستويات الذكاء المنخفضة في الأساس، بعد عامين كانت نتائج المتابعة أكثر إثارة للدهشة.
كتب الباحثان الرئيسيان للدراسة:"في حين أن الأطفال الذين مارسوا المزيد من ألعاب الفيديو في سن 10 سنوات لم يكونوا في المتوسط أكثر ذكاء من الأطفال الذين لم يلعبوا، فقد أظهروا أكبر مكاسب في الذكاء بعد عامين، في كل من الأولاد والبنات،على سبيل المثال، الطفل الذي كان ضمن أعلى 17 في المائة من حيث عدد الساعات التي قضاها في اللعب زاد معدل ذكائه بنحو 2.5 نقطة أكثر من الطفل العادي فوق عامين."
عند المتابعة، لم يكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مرتبطا بأي تغيير في الذكاء ولكن مشاهدة التلفزيون أو مقاطع الفيديو عبر الإنترنت يمكن ربطها بزيادة طفيفة في الذكاء، ولاحظ الباحثون أن هذه الزيادة كانت صغيرة جدا بحيث لا تكون ذات دلالة إحصائية.
ويحذر كلينجبيرغ من التأكيد على حدود النتائج التي توصل إليها فريقه. ويقول :"كان تركيز الدراسة ضيقا، حيث نظرت في عدد قليل من مقاييس الذكاء، لذلك لا يمكن لهذه الدراسة أن تشير إلى أن هذه الأنواع من الوقت الذي يقضيه أمام الشاشة ليس لها تأثير على عوامل مهمة أخرى مثل النوم أو الأداء المدرسي أو النشاط البدني".
وأضاف كلينجبيرج: "لكن نتائجنا تدعم الادعاء بأن وقت الشاشة عموما لا يضعف القدرات المعرفية للأطفال، وأن ممارسة ألعاب الفيديو يمكن أن تساعد في الواقع في تعزيز الذكاء، وهذا يتفق مع العديد من الدراسات التجريبية حول ممارسة ألعاب الفيديو."
يتمثل أحد القيود الأخرى للدراسة في الطريقة التي تم بها دمج جميع أشكال استخدام ألعاب الفيديو في كل متجانسة، من ألعاب الهاتف الذكي إلى ألعاب التصويب من منظور الشخص الأول على وحدة التحكم. لذلك من غير الواضح ما إذا كانت أنواع معينة من ألعاب الفيديو تمنح فوائد معرفية على غيرها.
وبحسب الخبراء تتناسب النتائج مع مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تكتشف بعض الفوائد للأطفال في أنواع مختلفة من وقت الشاشة. وجدت إحدى الدراسات التي أجريت العام الماضي ارتباطا مقنعا بين استخدام ألعاب الفيديو وزيادة الصحة العقلية، في حين وجدت دراسة أخرى حديثة وجود صلة بين الوقت الذي يقضيه المستخدم على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الصداقة الأكبر لدى الأطفال.
وبحسب الملاحظات فإن هذه الدراسات لا تشير إلى أنه من الصحي للأطفال أن يقضوا أوقاتا غير محدودة من الوقت أمام الشاشات، لكنهم يسلطون الضوء على مدى تعقيد مشكلة وقت الشاشة، ويشيرون إلى أنه ليس كل استخدامات الشاشة ضارة.
المصدر:newatlas