وفي الوقت نفسه، يمكن فتح آفاق جديدة في أبحاث الزراعة والأمراض من خلال الدراسات التي تدخل الخلايا البشرية في الحيوانات، أو تلك التي تخلق أنسجة من الخلايا الجذعية التي تحاكي الأعضاء، مثل الكلى وحتى الأدمغة.
ولكن إلى أي مدى يجب أن يصل هذا الأمر؟ وأين يوجد الخط الأحمر الذي لا ينبغي تجاوزه؟
تحتاج حواجز الحماية إلى التكيّف للتعامل مع التطورات غير المتوقعة، كما يشير عالم الأخلاقيات الحيوية إنسو هيون، الذي عمل على إرشادات الجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية منذ إنتاجها لأول مرة في عام 2006
وقال إنسو هيون من كلية الطب بجامعة كيس ويسترن ريزيرف ومركز أخلاقيات علم الأحياء في كلية الطب بجامعة هارفارد لوكالة "فرانس برس": "لسنا بحاجة إلى الخروج بمبادئ توجيهية تستمر للأبد، لأننا لا نعرف ما الذي سيحدث".
ووضعت المبادئ التوجيهية استجابة للتطورات العلمية والسريرية الحديثة، وتقدم سلسلة من التوصيات التفصيلية والعملية التي تحدد المعايير العالمية لكيفية تسخير هذه التقنيات الناشئة.
وتمتلك أبحاث الخلايا الجذعية إمكانات هائلة، فقد تساعد في تمهيد الطريق لعلاجات جديدة لأمراض تتراوح من مرض باركنسون إلى الفشل الكلوي في مرحلة الطفولة. ولكن التقدم العلمي في هذا المجال يمكن أن يقدم قضايا أخلاقية وسياسية فريدة تتجاوز تلك التي شوهدت في مجالات أخرى من البحث الطبي.
ويتقدم العلم بوتيرة سريعة. وفي الشهرين الماضيين فقط، رأينا أجنة بشرية نموذجية نمت من خلايا الجلد، وخلق أجنة بشرية- قرد لاستخدامها في البحوث.
وأدرك خبراء الجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية (ISSCR) منذ فترة طويلة الحاجة إلى وضع حدود أخلاقية واضحة لأبحاث الخلايا الجذعية. وقدمت الإرشادات السابقة المشورة بشأن تقنيات مثل استخدام الأجنة البشرية لإنشاء الخلايا الجذعية، ووضع المعايير المطلوبة عند استخدام هذه التقنيات لابتكار أدوية جديدة.
كما قاموا صراحة بحظر بعض الممارسات، مثل الاستنساخ التناسلي وبيع العلاجات غير المثبتة التي تدعي أنها مصنوعة من الخلايا الجذعية.
وتهدف إرشادات عام 2021، التي صدرت يوم الأربعاء 26 مايو، وهي تحديث للإصدار السابق في عام 2016، إلى وضع معايير للعديد من التطورات الحديثة في أبحاث الخلايا الجذعية والأجنة البشرية. وتشمل الأجنة "الكيميرية" التي تحتوي على خلايا من البشر والحيوانات الأخرى، و"عضيات" نمت من الخلايا الجذعية لتكوين أنسجة تشبه أعضاء بشرية معينة، و"نماذج" من الأجنة البشرية، وهي ترتيبات للخلايا البشرية تحاكي المراحل المبكرة من نمو الجنين.
وفي حين أن علم الخلايا الجذعية يحمل الكثير من الأمل، فمن المهم أن يكون البحث دقيقا علميا وأخلاقيا، مع الإشراف المناسب والشفافية والمساءلة العامة.
وتوضع هذه الإرشادات من قبل الخبراء، بمن فيهم علماء الخلايا الجذعية والأطباء وعلماء الأخلاق والمحامون وممثلو الصناعة، من 14 دولة، وهي في الواقع تشير إلى إحساس عميق بالمسؤولية والنزاهة داخل مجتمع البحث، والرغبة في ضمان استمرار العلم وقيم المجتمع.
ومع ذلك، فإن هذه الإرشادات هي توصيات وليست قوانين.
وأوضح هيون في حديثه مع "فرانس برس": "نريد أن ندع المجال يتنفس ويتطور ويستكشف. لكن علينا أن نكون مستعدين للاستجابة للاتجاهات التي قد تحتاج إلى بعض الاهتمام".
كيف تعمل المبادئ التوجيهية؟
شرح هيون: "يجب أن يكون للبحوث فائدة مجتمعية أو إنسانية، وبهذا يمكننا أيضا أن نعني توسيع المعرفة العلمية. إذا كانت تفتقر إلى ذلك، فهي ليست بداية .. يبدو أن الكثير من العلماء يعتقدون أن الأخلاقيات الحيوية تقف في طريق العلم. لكنني أعتقد أننا نساعد في تمهيد الطريق. إذا لم يكن لديك إشارات مرور، فستتعرض للاختناقات المرورية وتواجه حوادث".
لماذا المبادئ التوجيهية بدلا من القوانين؟
يقول هيون: "في معظم الأماكن على الصعيد الدولي، لا يوجد تشريع. وعلى الرغم من أنه لا يوجد ما يمكننا فعله لمعاقبة أي شخص على انتهاك المبادئ التوجيهية، إلا أنها مؤثرة، والناس يتبنونها. فمشكلة التشريع بطيئة للغاية ومرهقة".
وأضاف: "في مجال سريع الحركة مثل علم الخلايا الجذعية أو تحرير الجينات، تحتاج المبادئ التوجيهية تقريبا إلى أن تكون وثيقة حية، تتطور باستمرار جنبا إلى جنب مع العلم".
وبدلا من محاولة فرض مجموعة من القواعد الصارمة والسريعة على مجال بحثي دائم التطور، تحاول الإرشادات الجديدة معالجة القضايا الناشئة ودفع المناقشات المهمة على المستوى المحلي. وفي النهاية، سيحتاج الجمهور والمنظمون إلى وضع المعايير.
المصدر: ميديكال إكسبريس