قام باحثون بريطانيون بالتحقيق في قنوات النهر حول بحر آرال في آسيا الوسطى، والتي كانت تاريخيا كتلة شاسعة من المياه، ولكنها الآن تمثل جزءا صغيرا من حجمها السابق.
ومنذ مئات السنين، كان بحر آرال وأنهاره الرئيسية مركز حضارات الأنهار المتقدمة، التي استخدمت الري بمياه الفيضانات في الزراعة.
وغالبا ما يُعزا تدهور المنطقة إلى الغزو المدمر من قبل الإمبراطورية المغولية في أوائل القرن الثالث عشر، بقيادة خان الأسطوري.
ومع ذلك، فإن البحث الجديد في ديناميكيات الأنهار على المدى الطويل وشبكات الري القديمة، يظهر أن تغير المناخ وظروف الجفاف كانت وراء السبب الحقيقي.
وأعاد الخبراء بناء آثار تغير المناخ على الزراعة بمياه الفيضانات في المنطقة، جزئيا باستخدام التأريخ الإشعاعي لقنوات الري.
ووجدوا أن تناقص تدفق الأنهار - الناجم عن ظروف الجفاف - كان مهما للقضاء على هذه الحضارات المزدهرة سابقا.
وقال معد الدراسة البروفيسور مارك ماكلين، مدير مركز لينكولن للمياه وصحة الكواكب في الجامعة: "يُظهر بحثنا أن تغير المناخ، وليس جنكيز خان، كان السبب النهائي لانهيار حضارات الأنهار المنسية في آسيا الوسطى. وجدنا أن آسيا الوسطى تعافت بسرعة بعد الغزوات في القرنين السابع والثامن الميلاديين بسبب الظروف الرطبة المواتية. لكن الجفاف الذي طال أمده أثناء وبعد الدمار المغولي اللاحق قلل من قدرة السكان المحليين على الصمود ومنع إعادة إنشاء الزراعة القائمة على الري على نطاق واسع".
وبدأ حوض بحر آرال في آسيا الوسطى بالانكماش في الستينيات وجف إلى حد كبير بحلول عام 2010، فيما وصفته اليونسكو سابقا بـ "مأساة بيئية".
ولكنها كانت ذات يوم بحيرة شاسعة تقع بين كازاخستان وأوزبكستان، وتغطي مساحة تبلغ نصف مساحة إنجلترا. وكان نهراها الرئيسيان أموداريا وسير داريا، مركزا لحضارات النهر المتقدمة ومحورا رئيسيا لطرق الحرير على مدى أكثر من 2000 عام.
وكانت طرق الحرير هي الطرق البرية التاريخية التي استضافت تجارة الحرير المربحة، وربطت شرق آسيا وجنوب شرق آسيا بجنوب آسيا وبلاد فارس وشبه الجزيرة العربية وشرق إفريقيا وجنوب أوروبا.
وركز البحث على المواقع الأثرية وقنوات الري في واحة أوترار، وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو والتي كانت في السابق مركزا تجاريا على طريق الحرير، يقع في نقطة التقاء نهري سير داريا وآريس في جنوب كازاخستان الحالية.
ودرس الباحثون المنطقة لتحديد متى تم التخلي عن قنوات الري والديناميكيات السابقة لنهر آريس، الذي تغذي مياهه القنوات.
وأعاد البروفيسور ماكلين وزملاؤه بناء آثار تغير المناخ على الزراعة بمياه الفيضانات في المنطقة منذ حوالي 700 عام.
ووجدوا أن التخلي عن أنظمة الري يتطابق مع مرحلة تآكل قاع النهر بين القرنين العاشر والرابع عشر، والتي تزامنت مع فترة جفاف مع انخفاض تدفقات الأنهار، بدلا من أن تتوافق مع الغزو المغولي.
ويُظهر تحليل أنماط الأنهار التاريخية والمواقع الأثرية أن المنطقة انتعشت سريعا بعد الغزوات في القرنين السابع والثامن، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الظروف الرطبة المواتية.
ولكن من المحتمل أن يكون الجفاف الشديد الذي أعقب الدمار المغولي في وقت لاحق، منع إعادة إنشاء الزراعة القائمة على الري على نطاق واسع.
وأظهر البحث، الذي نُشر في Proceedings of the National Academy of Sciences، الدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه الأنهار في تشكيل تاريخ العالم، وفقا للباحثين.
المصدر: ديلي ميل