مباشر

الخلود الرقمي.. ما بعد الإنسانية قد يكون مفتاح الحياة الأبدية "المثير للقلق"

تابعوا RT على
يأمل بعض الناس في إمكانية "خداع الموت" عن طريق تخزين الوعي رقميا، رغم أن العلم لم يصل بعد إلى حد بعيد من خلال أبحاث الدماغ والذاكرة، والبدء في طرح أسئلة مثيرة للحيرة.

ولطالما جذبت فكرة تحقيق الخلود الفعلي، من خلال ترجمة أفكار الدماغ إلى رموز وتخزين "الشخصية" كنسخة رقمية عبر الإنترنت، اهتمام الناس لبعض  الوقت، حيث تحظى بشعبية بين الأفراد الذين يدافعون عن تعزيز الفكر البشري وعلم وظائف الأعضاء، من خلال التكنولوجيا الأكثر تطورا المتاحة حاليا.

ونظرا لأن الدول الأكثر تقدما تقنيا في جميع أنحاء العالم، تصب الموارد في دراسات الدماغ، ليصبح الخيال العلمي حقيقة ملموسة، فقد يبدو أن البشرية تقترب من تحقيق تقدم في هذا المجال.

ولكن، من أجل التمكن من نمذجة أو رقمنة الدماغ البشري، يتوجب علينا فهمه تماما، حيث يبذل العلماء قصارى جهدهم في هذا الإطار.

ومنذ عام 2013، يقوم مشروع "مبادرة الدماغ الدولية" بتخطيط الدماغ من أجل إحداث ثورة في فهم العضو الأكثر غموضا في الجسم، وذلك بهدف تحسين كيفية "علاج اضطرابات الدماغ". ويقوم مشروع Blue Brain السويسري بإعادة بناء أدمغة القوارض رقميا، بهدف التمكن من استخدام التكنولوجيا على العقول البشرية.

وفي الوقت نفسه، تقوم وكالة DARPA التابعة للجيش الأمريكي، بصرف الأموال في البحث عن واجهات آلة-الدماغ، التي يمكن أن تسمح للجنود بالقيام بمهمات واعدة، مثل التحكم بطائرات الدرون باستخدام عقولهم.

ومع ذلك، ما يزال العلماء لا يعرفون بعض الأمور الأساسية، التي تتعلق بنسخ ولصق الدماغ في مرحلة ما.

وعلى الرغم من كل القيود، لا ينفد البشر من الذاكرة كما لو كان مجرد جهاز كمبيوتر- وهناك تقديرات متباينة بشكل كبير لمقدار المساحة المطلوبة، حيث يبلغ الحد الأعلى في مكان ما زهاء 2.5 بيتابايت (حجم 1 بيتابايت يبلغ 1000 تيرابايت).

- التلاعب بالذاكرة

تمثل الذكريات جزءا كبيرا من حياتنا اليومية، واستكشف علماء الأعصاب كيفية عملها لسنوات.

وفي حديثها مع RT، قالت أولغا إيفاشكينا، القائم بأعمال رئيس مختبر علم الأعصاب في معهد "كورشاتوف" الوطني للبحوث الروسية، إن مختبرها حقق تقدما في فهم عمليات الذاكرة واستحضار بعض الذكريات بشكل مباشر، على الرغم من أن الدراسة شملت الفئران فقط.

ويتعلق منهج الدراسة الآخر في كيفية جعل الدماغ ينسى بعض الذكريات. وعلى الرغم من أن هذه التقنيات قد تكون بمثابة نعمة للعديد من قدامى المحاربين، الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، إلا أنه من الواضح أن للتقنية تطبيقات أكثر خطورة.

وتحذر إيفاشكينا من أنه بدون ضمانات أخلاقية، قد تجد الإنسانية نفسها ذات يوم في مأزق حقيقي، حيث سيكون من المستحيل معرفة الذكريات المزروعة وأيها حقيقية.

وفي نهاية المطاف، تعتقد إيفاشكينا أن الخلود الرقمي ممكن من الناحية النظرية، وإن كان في "المستقبل البعيد".

ولكن، على الرغم من الكم الهائل من البيانات المتوفرة حول نشاط الدماغ البشري، وجميع الأدوات التحليلية المتطورة الموجودة تحت تصرف الباحثين اليوم، فإن عالمة علم الأعصاب، تاتيانا تشرنيغوفسكايا، متشككة، حيث قالت إن المشكلة تكمن في الحاجة إلى اختراق نظري تاريخي، خاصة أن الفرد ليس مجرد بيانات يمكن نسخها.

ولا تعتقد تاتيانا أن الخلود الرقمي أمر ممكن. وحتى لو تمكنا من ترجمة الذكريات إلى أرقام وأصفار، فالإنسان أكثر من مجرد ذكريات.

وفيما يتعلق بالفيزيولوجيا العصبية، فإن الشبكة العصبية البشرية تتغير باستمرار، لذا حتى لو أُزيلت جميع العقبات، فإن اختيار اللحظة المناسبة "لتسجيل النفس" لن يكون مهمة سهلة. وتوضح تشرنيغوفسكايا أن القيام بذلك قبل الموت مباشرة قد لا يكون فكرة جيدة، لأن الدماغ بالكاد بلغ ذروته في تلك المرحلة.

وفي الواقع، قد تؤدي فكرة التقدم هذه إلى اتساع عدم المساواة الاجتماعية، وفقا لكثير من الخبراء، بمن فيهم نضال قسوم، الأستاذ في الجامعة الأمريكية بالشارقة، الذي حذر من أن أغنى البشر فقط، هم القادرون على تحمل تكاليف "رقمنة" أنفسهم. وهذا يخلق احتمالا مخيفا لتفوق فئة واحدة من البشر المتقدمين تقنيا للغاية - في الوظيفة التكنولوجية على الأقل.

وفي أسوأ سيناريو ليوم القيامة، يحذر البعض من تحميل ذكرياتنا ووعينا على الأجهزة، بحيث يمكن اختراق أدمغتنا والتحكم في تصرفاتنا من قبل القراصنة.

المصدر: RT

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا