وعلى افتراض أن اختفاء البشرية لن يُطفئ جميع أشكال الحياة الأخرى على الكوكب (وهذا أمر غير مرجح على الرغم من ميلنا لخيار الانقراض)، يخبرنا التاريخ بأن نتوقع بعض التغييرات الأساسية عندما لا يكون البشر من الأنواع المهيمنة على الأرض.
لذا، في حال أُعطيت لنا الفرصة لإلقاء نظرة خاطفة على كوكبنا بعد نحو 50 مليون سنة من اختفائنا، فماذا سنجد؟ أي حيوان أو مجموعة من الحيوانات "ستسيطر" كنوع مهيمن؟ هل سيكون لدينا كوكب القردة، كما يتخيل البعض في الروايات الشعبية؟ أم الدلافين أو الفئران أو الدببة المائية أو الصراصير أو الخنازير أو النمل، ستكون سيدة الأرض؟.
وقد ألهم هذا السؤال بعض الخبراء لإطلاق الكثير من التكهنات الشائعة، وقدّم العديد من الكتّاب قوائم بالأنواع المرشحة للسيطرة على الكوكب.
ويمكن القول إن النقاش حول هذا الأمر سيظل متمركزا حول الحيوانات، لأسباب عملية وليست فلسفية: وفقا لمعايير معينة، أصبح العالم (الآن ودائما) تحت سيطرة البكتيريا على الرغم من النهاية الاسمية لـ "عصر الميكروبات" منذ زهاء 1.2 مليار عام.
ولم يكن السبب في ذلك هو تراجع انتشار البكتيريا، ولكن نظرا لتركيز الاهتمام على الكائنات الحية الكبيرة متعددة الخلايا، التي جاءت بعدها.
وهناك درجة لا يمكن إنكارها من النرجسية في التصنيف الإنساني للأنواع السائدة، وميل قوي لمنح اللقب للأنواع المستحبة.
وتتصور رواية "كوكب القردة" أن هذه الأنواع يمكنها تطوير الكلام واعتماد التكنولوجيا البشرية، في حال مُنحت الوقت والمكان المناسبين للقيام بذلك.
ولكن من غير المرجح أن ترث المجتمعات الرئيسية غير البشرية هذه هيمنتنا على الأرض، نظرا لاحتمال انقراض القرود قبل البشر، وفقا لموقع "ساينس ألرت".
وفي الواقع، فإن أي حدث انقراض يصيب البشر، ربما يكون أكثر خطورة على الكائنات التي تتقاسم المتطلبات الفسيولوجية الأساسية.
وحتى لو استسلم البشر لوباء عالمي يصيب عددا قليلا من الثدييات الأخرى، فإن القردة هي بالتحديد الأنواع الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأي أمراض جديدة، يمكن أن تسبب اختفاءنا من الكوكب.
ويقول الخبراء إنه من الخطأ تخيل أن تكون الأنواع المهيمنة على الأرض بعد البشرية، مخلوقات ذكية أو اجتماعية خاصة قادرة على الكلام، أو بارعة في استخدام التكنولوجيا.
وأوضح بعض الخبراء المختصين أن العالم شهد عددا من أحداث الانقراض الجماعي خلال التاريخ. وكان تنوع الحياة بعد كل حدث كبير سريعا نسبيا، كما أنتج "الإشعاع التكيفي" للأنواع الجديدة أشكالا فريدة من نوعها.
وفي "الحياة الرائعة: صخرة "بورغيس" وطبيعة التاريخ"، جادل الراحل ستيفن غولد بأن هذه الفرصة أو الطوارئ (كما أسماها)، لعبت دورا كبيرا خلال التحولات الرئيسية في الحياة الحيوانية. وهناك مجال للجدل حول الأهمية النسبية للطوارئ في تاريخ الحياة، والتي ما تزال موضوعا مثيرا للجدل حتى اليوم.
ومع ذلك، فإن نظرة غولد القادرة على التنبؤ بالكاد بنجاح السلالات الحديثة بعد الانقراض في المستقبل، هي تذكير متواضع بتعقيد التحولات التطورية.
لذا، بينما يغدو من الممكن (كما تكهن الكثيرون) أن يسيطر النمل على الأرض بعد البشر، يمكننا فقط أن نتخيل كيف سيبدو نسل النمل المسيطر.
المصدر: ساينس ألرت