وبدأ أصغر كوكب في النظام الشمسي بالانكماش منذ ثلاثة مليارات سنة على الأقل، ويشير العلماء إلى أنه من المرجح أن معدل الانكماش قد بدأ في التناقص منذ ذلك الحين.
وتوضح النماذج والملاحظات التي فحصها العلماء في هذه الدراسة، أن نصف قطر عطارد ربما انخفض بما يصل إلى 7 كيلومترات حتى الآن.
وأدى تقلص الكوكب إلى إنتاج "منحدرات فصوصية"، وهي عبارة عن هياكل تكتونية طويلة على سطحه. ولكن حتى الآن، لا توجد أدلة على وجود نشاط تكتوني على عطارد.
وأثناء إجراء مسح شامل لعطارد باستخدام بيانات من مهمة ناسا "ماسنجر" (2011-2015)، اكتشف بنيامين مان، طالب الأبحاث في الجامعة المفتوحة (OU)، والذي قاد الدراسة، هياكل صغيرة جديدة على سطح الكوكب تسمى الصدوع الأخدودية.
وقال مان: "كان اكتشاف صدوع أخدودية صغيرة مرتبطة بهياكل تكتونية أكبر مصادفة. كجزء من دراستي للدكتوراه، قمت بإعداد أول خريطة جيولوجية لمنطقة من الكوكب، وأثناء القيام بذلك، عثرت على بعض الأمثلة الأكثر إثارة للإعجاب. لقد قادني هذا إلى إجراء دراسة استقصائية شاملة حيث نظرت إلى أكثر من 25 ألف صورة فردية، واكتشفت المئات من الصدوع الأخدودية الصغيرة. إن اكتشافنا لعدد كبير جدا من الصدوع أمر مهم لأنه يشير إلى أن تكتونية عطارد لم تكن نشطة مؤخرا فحسب، بل إنها منتشرة أيضا على سطح الكوكب".
وتابع: "هذا مهم لأنه يؤكد أن الانكماش مستمر ويثير تساؤلات بشأن الخصائص الكيميائية الحرارية للجزء الداخلي من عطارد".
إن هذه الهياكل عبارة عن تضاريس صغيرة وضحلة، لذا لا يُتوقع منها البقاء على قيد الحياة لمئات الملايين من السنين، ناهيك عن مليار سنة.
وقام العلماء بقياس أعماق الصدوع من خلال النظر إلى طول الظلال التي ألقتها وحساب موقع المركبة الفضائية وموقع الشمس.
كما توقعوا أيضا أقصى عمق للهياكل عندما تشكلت لأول مرة باستخدام طول الهياكل.
ثم قام الفريق بحساب المدة التي سيستغرقها ملء هذه الصدوع، وبالتالي وجدوا أن العديد منها يحتمل أن تكون تشكلت في مئات الملايين من السنين الماضية.
ويُظهر اكتشاف الكثير من هذه الميزات على العديد من الهياكل التكتونية الانضغاطية الكبيرة أن التكتونية الحديثة - تصدع أو طي الطبقة الخارجية للكوكب - منتشرة على نطاق واسع على عطارد.
ويشير العلماء إلى أن الدراسة، التي نشرت في مجلة Nature Geoscience، تقدم دليلا قويا على استمرار الانكماش حتى يومنا هذا.
وقال ديفيد روثري، أستاذ علوم أرض الكواكب في الجامعة المفتوحة، هو المشرف الرئيسي على المشروع وعضو في الفريق العلمي لـBepiColombo: "بالإضافة إلى العثور على العديد من الأمثلة الواضحة للصدوع الأخدودية الصغيرة فوق المنحدرات الفصوصية، وجد بنيامين مان عددا أكبر من الأمثلة المحتملة التي لا يمكننا التأكد منها، لأن التفاصيل في صور ماسنجر ليست واضحة تماما بما فيه الكفاية".
وتابع: "عندما تبدأ البعثة الأوروبية اليابانية المشتركة BepiColombo في إرسال صور أكثر تفصيلا من المدار حول عطارد في أوائل عام 2026، ستكون هذه اللقطات المحتملة من بين أهدافها، ما سيمكن من معرفة حجم ومدى حركات الصدع الأخيرة على عطارد".
المصدر: إنديبندنت