وأصدرت وكالة ناسا الصورة المذهلة لسحابة رو أوفيتشي المعقدة (Rho Ophiuchi)، وهي سديم مظلم من الغاز والغبار في كوكبة الحواء، وهي أقرب "حضانة" نجمية إلى الأرض، يسمح قربها عند 390 سنة ضوئية بالتقاط صورة قريبة من أقوى تلسكوب تم بناؤه حتى الآن، وفقا لوكالة الفضاء الأمريكية.
وقال بيل نيلسون، مدير ناسا: "في عام واحد فقط، حوّل تلسكوب جيمس ويب الفضائي نظرة البشرية إلى الكون، من خلال النظر إلى سحب الغبار ورؤية الضوء من زوايا بعيدة من الكون لأول مرة. كل صورة جديدة هي اكتشاف جديد. وتمكن العلماء في جميع أنحاء العالم من طرح الأسئلة والإجابة عليها وهو ما لم يحلموا به من قبل".
وتُظهر صورة جيمس ويب نحو 50 نجما شابا، من نفس كتلة شمسنا أو أصغر. وبعضها لديه ظلال توقيع للأقراص النجمية - وهي علامة على أن كواكب قد تتشكل في النهاية حولها.
وتظهر نفثات ضخمة من الهيدروجين أفقيا في الثلث العلوي من الصورة وعموديا على اليمين.
وقالت وكالة الفضاء الأمريكية في بيان: "حدث هذا عندما انفجر نجم لأول مرة من خلال غلافه المولود من الغبار الكوني، ما أدى إلى إطلاق زوج من النفاثات المتعارضة في الفضاء مثل مولودة تمد ذراعيها أولا إلى العالم".
وفي حديثها لوكالة "فرانس برس"، أوضحت كريستين تشين، عالمة الفلك في معهد علوم تلسكوب جيمس ويب الفضائي: "في الجزء السفلي من الصورة، يمكنك أن ترى نجما فتيا يتمتع بطاقة كافية لدرجة أنه ينفخ فقاعة في سحابة الغبار والغاز التي ولد منها".
وأضافت أنه يفعل ذلك من خلال مزيج من ضوئه ورياح نجمية مرتبطة به.
والفضاء البينجمي مليء بالغاز والغبار اللذين بدورهما يعملان كمواد خام لنجوم وكواكب جديدة.
وشرح كلاوس بونتوبيدان، عالم مشروع جيمس ويب، ما يلي: "تسمح لنا صورة جيمس ويب لسحابة رو أوفيتشي المعقدة بمشاهدة فترة وجيزة جدا من دورة الحياة النجمية بوضوح جديد. لقد مرت شمسنا بمرحلة مثل هذه منذ فترة طويلة، والآن لدينا التكنولوجيا المواتية لنرى بداية حكاية نجم آخر".
جدير بالذكر أنه تم إطلاق تلسكوب جيمس ويب في ديسمبر 2021 من غيانا الفرنسية، في رحلة تقارب مليون ميل إلى منطقة تسمى نقطة لاغرانج الثانية (L2).
وكشف عن أول صورة كاملة بالألوان من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن في 11 يوليو 2022، وهي أوضح مشهد حتى الآن للكون المبكر، منذ 13 مليار سنة.
ويفتخر جيمس ويب بمرآة أساسية يبلغ قياسها أكثر من 21 قدما (6.5 مترا) تتكون من 18 قطعة سداسية مطلية بالذهب، بالإضافة إلى واق شمسي من خمس طبقات بحجم ملعب تنس.
وعلى عكس سابقه هابل، يعمل التلسكوب بشكل أساسي في طيف الأشعة تحت الحمراء، ما يسمح له بالنظر إلى الوراء بالقرب من بداية الكون، ولاختراق سحب الغبار حيث تتشكل النجوم وأنظمة الكواكب اليوم بشكل أفضل.
ويمتلك جيمس ويب وقودا كافيا لمهمة مدتها 20 عاما، ويعد بعصر جديد من علم الفلك.
وسينضم إليه قريبا تلسكوب "إقليدس" الفضائي الأوروبي الذي أطلق في الأول من يوليو في مهمة لإلقاء الضوء على اثنين من أعظم ألغازات في الكون: الطاقة المظلمة والمادة المظلمة.
المصدر: ديلي ميل