ويدور الكوكب WASP-76 b حول النجم الضخم WASP-76، والذي يبعد نحو 634 سنة ضوئية عن كوكبنا في اتجاه كوكبة الحوت.
ويدور WASP-76 b قريبا جدا من نجمه الأم، أقرب بنحو 12 مرة من كوكب عطارد إلى الشمس.
والكوكب له كتلة مماثلة لكتلة كوكب المشتري، لكنه أكبر بستة أضعاف من حيث الحجم.
وألقى علماء الفلك نظرة أعمق على الكوكب الخارجي، حيث ترتفع درجات الحرارة إلى نحو 2400 درجة مئوية (4350 درجة فهرنهايت)، وهو ساخن بدرجة كافية لتبخير الحديد. وفي هذه العملية، حدد الفريق 11 عنصرا كيميائيا في الغلاف الجوي للكوكب وقاس مدى وفرتها.
ومن اللافت للنظر أن بعض العناصر المكونة للصخور المكتشفة على هذا الكوكب البعيد لم يتم قياسها حتى الآن في عمالقة الغاز في النظام الشمسي، زحل والمشتري.
وقال ستيفان بيليتير، قائد الفريق من معهد تروتييه لأبحاث الكواكب الخارجية بجامعة مونتريال في بيان: "نادرا ما تكون الأوقات التي يمكن فيها لكوكب خارج المجموعة الشمسية على بعد مئات السنين الضوئية أن يعلمنا شيئا من المحتمل أن يكون من المستحيل معرفته عن نظامنا الشمسي .. هذا هو الحال مع هذه الدراسة".
ويُصنف WASP-76 b على أنه كوكب "مشتري حار"، عندما يكون كوكب ضخم موجودا بالقرب من نجمه بشكل لا يصدق. وهذا يعطي WASP-76 b، الذي يستغرق 1.8 يوما من أيام الأرض للدوران حول نجمه، بعض الخصائص غير العادية الأخرى.
وفي ورقة بحثية نُشرت عام 2020 في مجلة Nature، اقترح علماء الفلك أنه قد يكون هناك حديد منصهر يتساقط على جانب واحد من الكوكب، والذي يقابل بشكل دائم النجم المضيف، وهو ما يعرف بالانغلاق المداري أو التقييد المدي (مع جانب نهاري دائم وجانب ليلي دائم).
وهذا يعني أن الجانب الليلي الدائم على الكوكب يكون ساخنا باستمرار بينما الجانب الآخر (النهار الدائم) يكون أكثر برودة.
وقدّر علماء الفلك أن درجة الحرارة تزيد عن 2400 درجة مئوية على جانب النهار ونحو 1500 درجة مئوية في الجانب الليلي. ويمكن أن يؤدي الاختلاف الهائل في درجات الحرارة بين الجانبين إلى رياح قوية. وقد تصل سرعات هذه الرياح إلى 18 ألف كم في الساعة، وتنقل العناصر الموجودة في الغلاف الجوي للكوكب من جانب إلى آخر.
وسمحت ملاحظات جديدة لـ WASP-76 b باستخدام مقياس الطيف البصري عالي الدقة MAROON-X في مرصد جيميني (أو مرصد العذراء) في هاواي، بدراسة تكوين كوكب "المشتري الحار" بتفاصيل غير مسبوقة.
وبسبب درجات الحرارة المذهلة لـ WASP-76 b، فإن العناصر التي عادة ما تكون صخورا على الكواكب الأرضية مثل الأرض، مثل المغنيسيوم والحديد، تتبخر وتتراكم كغازات في الغلاف الجوي العلوي للكوكب.
وهذا يعني أن الدراسة الجديدة يمكن أن تمنح علماء الفلك نظرة ثاقبة لا مثيل لها عن وجود ووفرة العناصر المكونة للصخور في الغلاف الجوي للكواكب العملاقة. وهذا غير ممكن بالنسبة للكواكب العملاقة الأكثر برودة مثل كوكب المشتري لأن هذه العناصر تقع في مستوى منخفض في الغلاف الجوي، ما يجعل من المستحيل اكتشافها.
واكتشف بيليتير وزملاؤه أثناء بحثهم في WASP-76 b أن وفرة العناصر مثل المنغنيز والكروم والمغنيسيوم والفاناديوم والباريوم والكالسيوم تتطابق بشكل وثيق، ليس فقط مع وفرتها في النجم المضيف WASP-76، ولكن أيضا مع الكميات الموجودة في شمسنا.
ووجود هذه العناصر ليس عشوائيا، حيث أن تشكيلها ناتج عن مجموعة كبيرة ومليارات السنين من التخليق النووي في النجوم.
ووفقا لجامعة مونتريال، يقيس العلماء عادة تركيبة متشابهة للعناصر في جميع النجوم، لكن تكوينات الكواكب الصخرية مثل كوكبنا مختلفة لأنها تتشكل بطريقة أكثر تعقيدا بعض الشيء.
وحقيقة أن هذه الدراسة الجديدة تظهر أن WASP-76 b له تركيبة مشابهة لنجمه تعني أن تركيبه مشابه أيضا للقرص الكوكبي الأولي للمادة التي انهارت حتى ولادته. وقد يكون هذا صحيحا بالنسبة لجميع الكواكب العملاقة.
ومع ذلك، لم يكن كل ما تم اكتشافه حول تكوين WASP-76 b متوقعا. واكتشف الفريق أن بعض العناصر في الغلاف الجوي لـ Wasp-76 b بدت وكأنها "مستنفدة".
وفسر الفريق هذا النضوب على أنه مؤشر على أن تكوين الغلاف الجوي العلوي للكواكب الغازية العملاقة حساس لدرجة الحرارة. واعتمادا على درجة الحرارة التي يتكثف عندها عنصر ما، سيكون موجودا كغاز في الغلاف الجوي العلوي أو مفقودا لأنه يتحول إلى سائل ويغرق في الطبقات السفلية من الغلاف الجوي، ولا يستطيع العنصر امتصاص الضوء ما يجعل "البصمة" الخاصة به مفقودة في الملاحظات.
وحقق الفريق اكتشافا مهما آخر حول الغلاف الجوي لـ WASP-76 b، حيث أنه يحتوي على مركب كيميائي يسمى أكسيد الفاناديوم، وهذا مهم للغاية لأن هذا العنصر يمكن أن يكون له تأثير كبير على الكواكب العملاقة الساخنة، حيث يلعب دورا مشابها للأوزون في الغلاف الجوي للأرض، وهو فعال للغاية في تسخين الغلاف الجوي العلوي.
ووجد الفريق أيضا وفرة من النيكل أعلى مما كان متوقعا حول WASP-76 b، ما قد يعني أنه في مرحلة ما من تاريخه، ابتلع الكوكب العملاق عالما أرضيا أصغر يشبه عطارد كان غنيا بهذا العنصر.
نشرت الورقة البحثية في مجلة Nature.
المصدر: سبيس