وفي الصورة الكونية القياسية، كان الكون المبكر مكانا غريبا جدا. ربما كان أهم شيء حدث في كوننا هو حدث التضخم، والذي أرسل الكون في وقت مبكر جدا بعد الانفجار العظيم إلى فترة من التوسع السريع للغاية.
وعندما انتهى التضخم، تلاشت الحقول الكمومية الغريبة التي أدت إلى هذا الحدث، وحولت نفسها إلى فيضان من الجسيمات والإشعاعات التي لا تزال قائمة حتى اليوم.
وعندما كان عمر الكون أقل من 20 دقيقة، بدأت تلك الجسيمات تتجمع في البروتونات والنيوترونات الأولى خلال ما نسميه التركيب النووي للانفجار العظيم.
ويعتبر التركيب النووي للانفجار العظيم أحد أعمدة علم الكونيات الحديث، حيث تتنبأ الحسابات التي تقف وراءه بدقة بكمية الهيدروجين والهيليوم في الكون.
ومع ذلك، على الرغم من نجاح صورتنا للكون المبكر، ما زلنا لا نفهم المادة المظلمة، وهي الشكل الغامض وغير المرئي للمادة التي تشغل الغالبية العظمى من الكتلة في الكون. والافتراض القياسي في نماذج الانفجار العظيم هو أنه أيا كانت العملية التي تولد الجسيمات والإشعاع فقد خلقت أيضا المادة المظلمة. وبعد ذلك، سادت المادة المظلمة متجاهلة أي أمر آخر.
لكن فريقا من الباحثين اقترح فكرة جديدة. ويجادلون بأن التضخم وعصر التركيب النووي للانفجار العظيم لم يحدثا وحدهما.
وقد تكون المادة المظلمة قد تطورت على طول مسار منفصل تماما. في هذا السيناريو، عندما انتهى التضخم، كان لا يزال يغمر الكون بالجسيمات والإشعاع. لكن ليس المادة المظلمة. بدلا من ذلك، كان هناك بعض الحقول الكمية المتبقية التي لم تتحلل.
ومع توسع الكون وتبريده، قام هذا المجال الكمي الإضافي بتحويل نفسه في النهاية مما أدى إلى تكوين المادة المظلمة.
وتتمثل ميزة هذا النهج في أنه يفصل تطور المادة المظلمة عن المادة العادية، بحيث يمكن أن تستمر عملية التخليق النووي للانفجار العظيم كما نفهمها حاليا بينما تتطور المادة المظلمة على طول مسار منفصل.
ويفتح هذا النهج أيضا طرقا لاستكشاف مجموعة متنوعة غنية من النماذج النظرية للمادة المظلمة لأنه الآن بعد أن أصبح لها مسار تطوري منفصل، أصبح من السهل تتبعها في الحسابات لمعرفة كيف يمكن مقارنتها بالملاحظات.
وعلى سبيل المثال، تمكن الفريق الذي يقف وراء الورقة البحثية من تحديد أنه إذا كان هناك ما يسمى الانفجار الكبير المظلم، فيجب أن يحدث عندما كان عمر الكون أقل من شهر واحد.
ووجد البحث أيضا أن ظهور الانفجار الكبير المظلم أطلق إشارة فريدة جدا لموجات الجاذبية القوية التي ستستمر في الكون الحالي. ويجب أن تكون التجارب الجارية مثل مصفوفات توقيت النجوم النابضة قادرة على اكتشاف موجات الجاذبية هذه، إذا كانت موجودة.
وما زلنا لا نعرف حتى الآن ما إذا كان الانفجار العظيم المظلم قد حدث، لكن هذا العمل يعطي مسارا واضحا لاختبار الفكرة.
المصدر: ساينس ألرت