باستخدام مطياف إيكيل عالي الدقة (HIRES) التابع لمرصد دبليو إم كيك في موناكيا في هاواي، بالإضافة إلى أجهزة قياس الطيف عالية الدقة في التلسكوب الثنائي الكبير ومرصد أباتشي بوينت، لاحظ فريق بقيادة معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وجامعة بوسطن الأقمار في ظل كوكب المشتري، بحيث يمكن رصد الشفق الخافت الناتج عن المجال المغناطيسي القوي لعملاق الغاز دون منافسة من ضوء الشمس الساطع المنعكس على أسطحها.
وتقول كاثرين دي كلير، أستاذة معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا والمؤلفة الرئيسية لإحدى الورقتين البحثيتين الجديدتين المنشورة في مجلة The Planetary Science Journal تصف الاكتشاف: "هذه الملاحظات صعبة لأنه في ظل المشتري تكون الأقمار غير مرئية تقريبا. والضوء المنبعث من الشفق الخافت هو التأكيد الوحيد على أننا وجهنا التلسكوب إلى المكان الصحيح".
وتظهر جميع أقمار غاليليو الأربعة نفس شفق الأكسجين الذي نراه في السماء بالقرب من قطبي الأرض، لكن الغازات الموجودة على أقمار كوكب المشتري أخف بكثير، ما يسمح للون الأحمر العميق بالتوهج أكثر من الضوء الأخضر المألوف بنحو 15 مرة.
وفي أقمار أوروبا وغانيميد، يضيء الأكسجين أيضا أطوال موجات الأشعة تحت الحمراء، وهي أكثر احمرارا قليلا مما يمكن للعين البشرية رؤيته، وهو أول ظهور لهذه الظاهرة يُرى في الغلاف الجوي لجسم آخر غير الأرض.
وفي آيو، أقرب أقمار غاليليو إلى المشتري، يصل ارتفاع أعمدة الغاز والغبار البركانية الكبيرة الحجم، إلى مئات الكيلومترات. وتحتوي هذه الأعمدة على أملاح مثل كلوريد الصوديوم وكلوريد البوتاسيوم، والتي تتحلل لإنتاج ألوان إضافية.
ويعطي الصوديوم الشفق القطبي لآيو نفس التوهج البرتقالي المصفر الذي نراه في مصابيح الشوارع الحضرية. وتظهر القياسات الجديدة أيضا البوتاسيوم في الشفق القطبي لآيو في ضوء الأشعة تحت الحمراء، والذي لم يتم اكتشافه في أي مكان آخر من قبل.
وتوضح دي كلير: "يخبرنا سطوع الألوان المختلفة للشفق القطبي ما هي مكونات الغلاف الجوي لهذه الأقمار على الأرجح. وجدنا أن الأكسجين الجزيئي، تماما مثل ما نتنفسه هنا على الأرض، هو على الأرجح المكون الرئيسي للأغلفة الجوية للقمر الجليدي".
وتُظهر القياسات الجديدة أدلة قليلة على وجود الماء، ما يؤجج نقاشا علميا نشطا حول ما إذا كانت الأغلفة الجوية لأقمار كوكب المشتري تحتوي على بخار ماء كبير.
ويُعتقد حاليا أن أقمار غاليليو الثلاثة الخارجية للمشتري تحتوي على محيطات من المياه السائلة تحت أسطحها الجليدية السميكة، وهناك دليل مبدئي على أن الماء في الغلاف الجوي لأوروبا قد يتم الحصول عليه أحيانا من المحيط أو الخزانات السائلة داخل غلافه الجليدي.
ونظرا لأن المجال المغناطيسي القوي لكوكب المشتري مائل، فإن الشفق القطبي على هذه الأقمار يتغير في السطوع مع دوران الكوكب.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأغلفة الجوية أن تستجيب للانتقال السريع من ضوء الشمس الدافئ إلى الظل البارد لكوكب المشتري.
ويوضح كارل شميدت، أستاذ علم الفلك بجامعة بوسطن والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية الثانية: "يصبح صوديوم آيو خافتا للغاية في غضون 15 دقيقة من دخوله في ظل كوكب المشتري، ولكن الأمر يستغرق عدة ساعات للتعافي بعد ظهوره في ضوء الشمس. وهذه الخصائص الجديدة ثاقبة حقا لفهم كيمياء الغلاف الجوي لآيو. إنه لمن الرائع أن الكسوف بواسطة المشتري يقدم تجربة طبيعية لمعرفة كيفية تأثير ضوء الشمس على غلافه الجوي".
المصدر: phys.org