وتأتي هذه المهمة الأولى من نوعها لاختبار إمكانية تغيير مسار الكوكبات الخطرة، التي يمكن أن تهدد الحياة على الأرض يوما ما.
وتشير شيري فيبر-باير، الأستاذة المساعدة في دراسات الفضاء بجامعة نورث داكوتا، في تصريح لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، إلى أن مهمة DART "مهمة جدا. إن تأثير نيزك صغير أو نواة مذنب هو الكارثة الطبيعية الوحيدة التي يمكن تجنبها، والتي يمكن أن تهدد الحضارة البشرية أو حياة جزء كبير من الجنس البشري".
ويعد اصطدام المركبة الفضائية DART، التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بالكويكب الصغير على بعد 6.8 مليون ميل من الأرض في محاولة لتغيير مدار الكويكب، إجراء تدريبيا لتحويل الصخور الفضائية المستقبلية التي قد تعرض الأرض للخطر.
ما هي الكويكبات التي يحتمل أن تكون خطرة؟
في حين أن الكويكب "ديمورفوس" (Dimorphos) لم يكن يشكل أي تهديد على الأرض، فإن التهديد المحتمل من الكويكبات أو المذنبات الأخرى حقيقي، حتى لو كان نادرا نسبيا، وتتنوع النتائج من التأثيرات الكبيرة التي يمكن أن تقضي على معظم الحياة على الأرض، إلى حوادث قريبة لا تضرب الكوكب تماما، ولكنها تعطل الحضارة البشرية على أي حال.
وليس جميع الكويكبات تشكل تهديدا للأرض، حيث أن الكثير منها في مدارات لن تتقاطع أبدا مع الأرض، في حين أن البعض الآخر صغير جدا لدرجة أنه قد يحترق في الغلاف الجوي للأرض دون ضرر.
وهناك أكثر من 48 طنا من الصخور الفضائية، بعضها بحجم كرات القدم، وبعضها بحجم حبيبات الرمل، تدخل الغلاف الجوي للأرض كل عام، وفقا لوكالة ناسا.
ولكن نحو 2259 كويكبا معروفا وقع تصنيفها على أنها "أجرام كامنة المخاطر" (PHA)، وهي الكويكبات محتملة الخطورة، وفقا للدكتورة فيبر-باير، والتي وقع تحديدها استنادا إلى أقرب اقتراب لها من مدار الأرض وأحجامها.
وإذا كان قطر صخرة الفضاء نحو 140 مترا (460 قدما) أو أكبر، وكان مدارها يقع على بعد نحو 46 مليون ميل من مدار الأرض، أو نحو 19.5 ضعف المسافة من الأرض إلى القمر، فمن المحتمل أن تكون خطرة.
وهذا يجعل نحو 7.7% من الأجسام "أجراما كامنة المخاطر" معروفة بالقرب من الأرض.
ما مدى خطورة الكويكبات؟
من السهل معرفة سبب كون معايير حالة "الأجرام كامنة المخاطر" على ما هي عليه، على الأقل من حيث الحجم.
وبشكل أوضح، فإن كويكبا يبلغ قطره نحو 140 مترا، يسافر بسرعة 44000 ميل في الساعة، نموذجي لضربة كويكب، سيطلق طاقة تساوي 170 مليون طن من مادة "تي إن تي" المتفجرة، وفقا للدكتورة فيفر-باير، أو "نحو ثلاثة أضعاف إطلاق الطاقة من أكبر قنبلة هيدروجينية انفجرت على الإطلاق على سطح الأرض.
وحتى الصخور الفضائية الصغيرة يمكن أن تكون خطيرة، اعتمادا على مدى تماسكها معا أثناء دخولها الغلاف الجوي للأرض.
وفي عام 2013، لاحظت الدكتورة فيبر-باير، أن نيزكا صغيرا انفجر على ارتفاع 97 ألف قدم فوق منطقة تشيليابينسك في روسيا، ما أدى إلى حدوث موجة صدمة حطمت النوافذ وألحقت أضرارا بالمباني. وكان ذلك النيزك يبلغ قطره نحو 20 مترا فقط (66 قدما)، "وما أطلقه كان طاقة تعادل نحو 400 إلى 500 كيلوطن من مادة "تي إن تي"، على حد قولها.
والكيلوطن هي وحدة قياس وزن تعادل 1000 طن.
وللمقارنة، فإن القنبلة النووية التي أسقطتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية ولّدت طاقة تعادل 15 كيلوطن فقط، لذلك لو تماسك نيزك تشيليابينسك معا لفترة أطول وانفجر بالقرب من الأرض، كما أشارت الدكتورة فيبر-باير، "كان من الممكن أن يتأثر ما يقارب مليون شخص من هذا الانفجار الجوي وحده".
كم يجب أن نقلق بشأن الكويكبات؟
قال ليندلي جونسون، ضابط الدفاع الكوكبي في ناسا، لمراسل صحفي في مؤتمر صحفي يوم الخميس حول مهمة DART، أنه لحسن الحظ، أن مثل هذه الضربات الكويكبية الكبيرة نادرة نسبيا، و"ربما يوجد مرة كل قرن كويكب نشعر بالقلق بشأنه ونريد أن نحرف مساره".
وشرح الدكتور جونسون أن المفتاح الرئيسي، وربما الأهم من تطوير تقنيات مثل DART لتحويل مسارات الكويكبات، "هو التأكد من أننا وجدناها جميعا" (الكويكبات الخطرة). وتخطط ناسا لإطلاق قمر صناعي جديد بحلول عام 2026 للمساعدة في القيام بذلك بالضبط، بواسطة التلسكوب الفضائي لمسح الأجسام القريبة من الأرض (Near Earth Object Surveyor أو NEO Surveyor).
وقال جونسون للصحفيين: "سيتمكن NEO Surveyor من العثور على عدد الكويكبات البالغ قطرها 140 مترا أو أكبر في غضون نحو 10 سنوات. وهذه فترة قصيرة جدا من الزمن الجيولوجي".
وهذا أيضا وقت كاف لناسا لشرح وفهم نتائج مهمة Dart والتأكد مما إذا كان يمكن استخدام نسخة موسعة من مركبة الفضاء Dart، أو بعض التقنيات الأخرى، لإبعاد تهديد كبير لكويكب أو مذنب.
وأوضح جونسون: "لن يكون لدينا أسطول دائم من المركبات الفضائية مثل DART. فمن المحتمل أن تكون التكنولوجيا تطورت أكثر. وفي غضون 30 أو 40 عاما من الآن، من يمكنه تخيل التكنولوجيا التي قد تكون متاحة لنا لتشتيت مسار كويكب؟".