وتشير النظريات الحالية إلى أن القمر تشكّل بعد أن ضرب جسم بحجم المريخ الأرض منذ نحو 4.5 مليار سنة، أثناء تكوين النظام الشمسي، ما أدى إلى طرد مجموعة من المواد في الفضاء اندمجت فيما بعد لتشكيل القمر.
ومع ذلك، فقد أصبح هذا الاصطدام موضوع نقاش مرة أخرى بعد أن ابتكر الباحثون طريقة جديدة لتأريخ الاصطدامات، بناء على التحليل المجهري للمعادن داخل النيازك.
ورغم أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث، لكن الباحثين يأملون أن تساعدهم هذه التقنية في معرفة المزيد عن التاريخ المبكر للنظام الشمسي وكيف تطور إلى شكله الحالي.
ويعتقد الباحثون بقيادة جامعة كامبريدج أن النيزك ربما كان جزءا من اصطدام قديم تسبب في قطع قطعة من الأرض الصغيرة لتكوين القمر قبل 4.5 مليار سنة.
وقبل تسع سنوات، في صباح يوم 15 فبراير 2013، ضرب نيزك تشيليابينسك الذي يبلغ عرضه 60 قدما (19 مترا) الغلاف الجوي للأرض، وأطلق طاقة تقدر بنحو 500 ألف طن من مادة "تي إن تي" (TNT)، ما أدى إلى حدوث موجة صدمية مرتين، ما تسبب في تدمير زجاج النوافذ على مساحة 517 كيلومترا مربعا وألحقت أضرارا بالعديد من المباني. وتشير التقديرات إلى أن الانفجار أدى إلى إصابة نحو 1600 شخص بجروح جراء كسر الزجاج.
وقال عالم الجيولوجيا كريغ والتون، من جامعة كامبريدج: "غالبا ما تكون أعمار تأثير النيزك مثيرة للجدل'. ويُظهر عملنا أننا بحاجة إلى الاعتماد على أسطر متعددة من الأدلة لنكون أكثر يقينا بشأن تاريخ التأثير - تقريبا مثل التحقيق في مسرح جريمة قديم".
وعندما كان النظام الشمسي يتشكل من الغبار والغاز، نشأت الكواكب من خلال الاصطدامات المتكررة لصخور أصغر.
ومع ذلك، من الصعب تتبع تاريخ الأرض والأجسام الأخرى المشابهة لها إلى البداية لأن العمليات الجيولوجية والطقس قد تجاوزتها.
وهذا ليس هو الحال مع الكويكبات والنيازك. وقد ظلوا دون تغيير إلى حد كبير أثناء الطفو في الفضاء، ما يعني أنهم يعملون بمثابة كبسولة زمنية ممتازة لاستعراض أصول النظام الشمسي.
وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك في دراسة الاصطدامات القديمة في المعادن الموجودة في النيازك التي تحطمت على الأرض، باستخدام تأريخ اليورانيوم والرصاص في بلورات الزركون.
وعندما يتشكل، يحتوي الزركون على اليورانيوم، لكنه يرفض الرصاص. وهذا يعني أن أي رصاص موجود في الزركون يجب أن يكون ناتجا عن الاضمحلال الإشعاعي لليورانيوم، لذلك نظرا لأن الخبراء يعرفون المدة التي يستغرقها اليورانيوم ليتحلل، فيمكنهم معرفة عمر الزركون من المكون الرصاصي.
وليس هذا فحسب، بل يمكن للتأثير أيضا أن "يعيد ضبط" أعمار المعادن بالنظائر المشعة جزئيا أو كليا.
وباستخدام هذا التحليل، وجد العلماء سابقا أن نيزك تشيليابينسك تعرض لحدثين، أحدهما منذ نحو 4.5 مليار سنة، والآخر منذ نحو 50 مليون سنة.
وأراد والتون وزملاؤه تأكيد هذه التواريخ من خلال دراسة الطريقة التي تحطمت بها معادن الفوسفات في النيزك بسبب التأثيرات المتتالية.
وقال عالم الجيوفيزياء سين هو، من الأكاديمية الصينية للعلوم في الصين: "إن الفوسفات في معظم النيازك البدائية هي أهداف رائعة لتأريخ أحداث الصدمة التي مرت بها النيازك على أجسامها الأم''.
ودرس الباحثون التفاصيل المجهرية لكيفية تحطم معادن الفوسفات ووجدوا أن التأثير السابق قد أدى إلى تقطيعها إلى قطع صغيرة وتعريضها لدرجات حرارة عالية.
ووجدوا أن التأثير اللاحق بدا أقل مع انخفاض الضغط ودرجات الحرارة، لذلك من المحتمل أنه حدث قبل أقل من 50 مليون سنة.
ويعتقدون أيضا أن هذا هو التأثير الذي كسر النيزك عن جسمه الأكبر وأرسله في مسار تصادم مع الأرض.
وأوضح والتون: "حقيقة أن كل هذه الكويكبات تسجل ذوبانا شديدا في هذا الوقت قد تشير إلى إعادة تنظيم النظام الشمسي، إما بسبب تكوين الأرض والقمر أو ربما الحركات المدارية للكواكب العملاقة".
ويسعى الباحثون الآن لإعادة النظر في توقيت تكوين القمر في محاولة لإلقاء المزيد من الضوء على نظريتهم.
ونُشرت الدراسة مفصلة في مجلة Communications Earth & Environment.
المصدر: ديلي ميل