وقامت عالمة الفلك تيريزا يرابكوفا، وزملاؤها من وكالة الفضاء الأوروبية والمرصد الأوروبي الجنوبي، بالتمعن في المعلومات الواردة في Gaia Data Release 2.5 (DR2.5) وDR3.
ويرسم مرصد غايا الفضائي مجرة درب التبانة بثلاثة أبعاد بأعلى درجة من التفاصيل، التي تسمح بها تكنولوجيا الجيل الحالي، بهدف تحديد الموقع وبيانات السرعة لأكبر عدد ممكن من النجوم.
وبعد تحليل مفصل لهذه البيانات الأولية، لاحظ الباحثون شيئا غريبا حول العنقود النجمي الكروي Hyades، الذي يقع على بعد زهاء 153 سنة ضوئية في كوكبة الثور.
وبعد التعرف على بعض النتائج الغريبة في البيانات، قام الفريق بتوسيع معايير البحث الخاصة بهم لرصد النجوم التي جرى التغاضي عنها سابقا، ووجدوا مئات النجوم الجديدة.
وتتمزق عناقيد النجوم الكثيفة بشكل طبيعي بمرور الوقت بسبب قوى الجاذبية، سواء داخليا أو مع الجاذبية التي تمارسها المجرة من حولها، والتي يمكن غالبا تحويلها إلى ما يُعرف باسم تيار المد والجزر، وهو مجموعة طويلة من النجوم.
وفي حالة Hyades، يقيس العنقود المركزي نحو 60 سنة ضوئية، بينما يمتد ذيل المد على مدى آلاف السنين الضوئية.
وعندما أجرى الباحثون عمليات محاكاة لشرح التوزيع النجمي داخل الذيل، وجدوا عددا أكبر من النجوم، أكثر مما يمكن رؤيته في الواقع لأدوات البشرية، ما يعني أن بعضها فُقد.
وأجرى الفريق بعد ذلك عمليات محاكاة متكررة لمحاولة اكتشاف سبب اختفاء هذه النجوم، وكانت أفضل نظرية ابتكروها هي أن مواجهة قريبة مع جسم تبلغ كتلته حوالي 10 ملايين ضعف كتلة الشمس، قد يفسر التشتت الغريب للنجوم.
ويعتقد علماء الفلك بالفعل أنه ربما كان اللقاء قريبا مع تراكم كبير أو "كتلة" من المادة المظلمة.
وقالت يرابكوفا: "يجب أن يكون هناك تفاعل وثيق مع هذا التكتل الهائل حقا، وجرى تحطيم Hyades للتو".
وتعتبر فرضية المادة المظلمة، كما هو الحال دائما، خادعة لأن البشرية لا تستطيع الكشف مباشرة عن المادة المظلمة، ويمكن بدلا من ذلك فقط استنتاج وجودها وموقعها من خلال ملاحظة تأثيرها على الكون من حولها. وعلى الرغم من ذلك، تشير أفضل التقديرات إلى أن المادة المظلمة قد تشكل في الواقع ما يقرب من 80٪ من الكون.
ويُفترض أن تكتلات المادة المظلمة، التي يُشتبه في كونها الدافع وراء تكوين المجرات، ما تزال موجودة حتى اليوم على شكل "هالات مظلمة" تشمل مجرات بأكملها. ويتوقع علماء الفلك وجود هالات فرعية للمادة المظلمة داخل بنية هذه الهالات، والتي قد تكون مسؤولة عن التمزيق غير المعتاد لـ Hyades.
وقالت ييرابكوفا: "مع غايا، تغيرت الطريقة التي نرى بها درب التبانة تماما. ومع هذه الاكتشافات، سنتمكن من رسم خرائط للهياكل الفرعية لمجرة درب التبانة بشكل أفضل بكثير من أي وقت مضى".
المصدر: RT