كان بونابرت مقارنة ببعض ملوك وأباطرة أوروبا "زير نساء" متواضع، في حين كانت محبوبته واسمها الحقيقي ماري جوزيف روز تاشر دي لا باجيري، إذا صح القول بمثابة "زير رجال" من الطراز الأول.
عرفها أحد عشاقها الكثيرين على نابليون في عام 1796 وكانت حينها أرملة وأما لطفلين. لم تكن في البداية متحمسة للزواج من رجل من الطبقة الدنيا. قيل إنها وصفته حينها بانه "سنور في جزمة"، وأنه من عائلة من المتسولين!
بونابرت أمطرها بالهدايا وتمكن من نيل رضاها. جوزيفين لم تكن امرأة مغناج ماهرة في اصطياد قلوب وجيوب رجال السلطة والمال، بل كانت أيضا ذكية وصاحبة ذوق برجوازي رفيع في كل شيء وخاصة في الأزياء. هي كانت أيضا مسرفة من دون حدود. هذا الأمر أيضا مثل أيضا مشكلة عويصة لنابليون.
هي أدركت أن هذا الضابط "الكورسيكي"، هو طريقها إلى المال والسلطة والمجد، على الرغم أنها اعتبرته في البداية صبيا صغيرا وعديم الخبرة، وصاحب تسريحة شعر غريبة!
بونابرت الذي ارتقى وبنى مجده بنفسه، وأصبح جنرالا يسير النصر في ركابه دائما كان مثل طفل صغير أمام جوزفين. فقد حزمه وقسوته وبات رومانسيا رقيقا وخجولا، وكان مستعدا لأن يضع العالم أمام يدي هذه المرأة المصيرية.
كان يراسلها باستمرار أثناء غيابه في حملاته العسكرية، وكانت في الغالب ترد ولكن باقتضاب. كتب لها عن مشاعره اللاهبة في إحدى المناسبات يقول: "كل لحظة تفصلني عنك، يا حبيبتي، في كل لحظة تكون لدي طاقة أقل للوجود بعيدا عنك. أنت كائن ثابت من أفكاري".
في مناسبة أخرى في نوفمبر عام 1796 بعث لها برسالة غاضبة وحارة في نفس الوقت، قال فيها: "أنا لم أعد أحبك بعد الآن؛ على العكس من ذلك، أنا أكرهك. أنت عاهرة حقيرة، حقيرة، مثيرة للاشمئزاز. أنت لا تكاتبيني على الإطلاق؛ أنت لا تحبين زوجك.... آمل أن أحملك قريبا بين ذراعي؛ ثم سأغطيك بمليون قبلة ساخنة، تلتهب مثل خط الاستواء".
عرف في مارس عام 1798 بعلاقتها الغرامية بشاب يبلغ من العمر 23 عاما. ثار غضبه إلا أن جوزفين تلافت العاصفة بقطع صلاتها بعشيقها.
في نفس العام أثناء تواجده في مصر أثناء حملته الشهيرة، بلغته مجددا أخبار نزوات زوجته وعلاقاته الغرامية وبذخها وإسرافها الشديدين اللذين أغرقاه في الديون. فكر في الطلاق وناقش الأمر في مراسلة مع شقيقه.
في تلك الفترة تسلى نابليون هو الآخر وجعل من "بولين فوريت"، زوجة أحد ضباطه، عشيقة له.
مع كل ذلك نيران الحب بقيت مشتعلة في قلب بونابرت. صفح عن خطايا زوجته، وحين أصبح إمبراطورا توجها إلى جانبه إمبراطورة على عرش فرنسا.
تغير الأمر في أوقات لاحقة حين انجبت منه إحدى عشيقاته وعرف أن جوزفين خدعته بتأكيدها أنه السبب في عدم إنجابهما، وعاد إلى التفكير في الطلاق.
كان في حاجة ماسة إلى وريث للعرش، ولذلك لم يتراجع هذه المرة، وأجبر مجلس الشيوخ على تمرير الطلاق. قُدم الإجراء على أنه في سبيل مصلحة فرنسا.
أثناء مراسم الطلاق أقسمت جوزفين بحبها لنابليون ولفرنسا مشيرة إلى أنها ترضى بالطلاق فقط من أجل خير ورفاهية البلاد. نابليون بونابرت كان حينها يحدق طوال الوقت في نقطة واحدة في البعيد.
أشقاء الإمبراطور بالمقابل كانوا في منتهى السعادة والسرور بالتخلص ممن اعتبروها في شماتة "امرأة عجوز مهجورة".
خرجت جوزفين أخيرا من حياته، لكنها بقيت في قلبه. تزوج لاحقا من الأميرة النمساوية ماري لويز، التي وهبته وريثا للعرش، ثم خسر معركة واترلو الحاسمة مع البريطانيين.
جرى إرسال بونابرت إلى المنفى في جزيرة إلبا. جوزفين حاولت اللحاق به إلى هناك، لكنها منعت من ذلك. قلقها على زوجها السابق وحبيبها الأبدي الذي جعلها تعيش في النعيم، أعياها بشدة، وبعد وقت قصير توفيت.
شهود عيان كانوا إلى جانب الإمبراطور المخلوع أثناء احتضاره، ذكروا أنه نطق بثلاث كلمات وهو على فراش الموت هي، "الجيش، فرنسا، جوزفين"!
المصدر: RT