فالمترجمون — سواء كانوا متخصصين في الترجمة الفورية، أو لغة الإشارة، أو النصوص المكتوبة — يلعبون دوراً حيوياً في تمكين التواصل الإنساني عبر الحدود، رغم أن عملهم غالباً ما يظل "غير مرئي".
القديس جيروم: رمز الاحتراف والتفاني
يُحتفل بهذا اليوم في 30 سبتمبر تحديداً لأنه يوافق عيد القديس جيروم، شفيع المترجمين في التقويم الكاثوليكي. وقد خلّد اسمه عبر التاريخ بفضل ترجمته الشهيرة للكتاب المقدس إلى اللغة اللاتينية، المعروفة باسم "الفولغاتا"، والتي أصبحت النسخة الرسمية للكتاب المقدس في الكنيسة الكاثوليكية لقرونٍ طويلة.
لم يكتفِ جيروم بنقل الكلمات من لغة إلى أخرى، بل سعى إلى نقل المعنى، والروح، والسياق الثقافي للنص الأصلي، مما جعل عمله نموذجاً يُحتذى به في الدقة، والإخلاص، والاحتراف اللغوي.
من الفورية إلى الأدبية: أنواع الترجمة وتحدياتها
تتعدد أشكال الترجمة بحسب السياق والغرض، ولكل نوع متطلباته الخاصة:
الترجمة الفورية: تُستخدم في المؤتمرات الدولية والقمم الرسمية، حيث يترجم المترجم الكلام فور سماعه، بتأخير لا يتجاوز ثانيتين أو ثلاث. ونظراً لشدة التركيز المطلوب، يعمل المترجمون في فرق، يتناوبون كل 15–20 دقيقة داخل كابينة عازلة للصوت.
الترجمة التتابعية: تُطبّق في الاجتماعات، والندوات، والجولات السياحية. هنا، ينتظر المترجم حتى ينهي المتحدث جزءاً من كلامه، ثم يعيد صياغته بلغة أخرى. ويعتمد هذا النوع على ذاكرة قوية وقدرة على تدوين الملاحظات باختزال دقيق.
الترجمة الشفوية لنص مكتوب: تُستخدم عند الحاجة إلى قراءة وثيقة بلغة أجنبية خلال اجتماع. يُمنح المترجم وقتاً محدوداً للبحث عن المصطلحات وصياغة الجملة بأسلوب سلس.
الترجمة التقنية: تشمل ترجمة الكتيبات، والرسومات البيانية، والمواصفات الفنية. ويُفضّل أن يكون المترجم على دراية بمجال التخصص، ويمتلك مخزوناً غنياً من المصطلحات الدقيقة.
الترجمة القانونية: تغطي العقود، والقوانين، والقرارات القضائية. ويتطلب هذا النوع معرفة عميقة بالنُظم القانونية في اللغتين، وغالباً ما يحتاج إلى تصديق من مترجم قانوني معتمد.
الترجمة الأدبية: من أصعب أنواع الترجمة وأكثرها إبداعاً. فهي لا تنقل المعنى فحسب، بل تحاول الحفاظ على الأسلوب، والإيقاع، والجماليات الأصلية للنص، ما يجعل المترجم شريكاً في الإبداع الأدبي.
الترجمة الطبية: تشمل نشرات الأدوية، والتقارير الطبية، والدراسات السريرية. وهنا، يصبح الدور مسؤولاً إلى أقصى حد، إذ قد يؤدي خطأ بسيط إلى عواقب وخيمة. لذلك، يتطلب هذا النوع معرفة دقيقة بمصطلحات الطب والصيدلة، وأحياناً باللغة اللاتينية.
الترجمة السمعية البصرية: تُعنى بإعداد الترجمة النصية (السبتايتل) للأفلام والمسلسلات، أو الدبلجة. ويجب على المترجم مراعاة طول الجملة، وزمن القراءة، ومزامنتها مع حركات شفاه الممثلين، ما يجعلها عملاً تقنياً وإبداعياً في آنٍ واحد.
المصدر: Dzen.ru