جاء ذلك في منشور له بقناته الخاصة على تطبيق "تليغرام"، وأشار بأنه يكتب عن قضية لم يكن من المعتاد التحدث عنها عادة، إلا أن ذلك أصبح "مقبولا تماما"، فهو على حد تعبيره "يحدث لدينا، ويحدث لديهم، والأسباب واضحة".
وتابع مدفيديف، الذي أصبحت قناته على "تليغرام" تضم 556 ألف متابع، في الوقت الذي أصبحت منشوراته تثير الجدل بين الحين والآخر: "لقد كنت أتواصل مع قادة أجانب لفترة طويلة، وأرى مدى انخفاض مستوى السياسيين الغربيين. كان ذلك يحدث أمام عيني على مدار العقدين الماضيين.
من الواضح أنه لم يعد يوجد في أوروبا أي أثر لشخصيات سياسية على مستوى هيلموت كول أو جاك شيراك أو مارغريت تاتشر. لا يتعلق هذا بالطبع بأولئك الذين يطلقون عليهم أحيانا شخصيات مؤيدة لروسيا، على الرغم من أن السياسيين الأقوياء لم يكونوا أبدا ممن يعانون من الروسوفوبيا، لكن السؤال مختلف تماما.
لقد تم استبدال الطبقة السياسية بأكملها، والتي كانت تجسد مسارا سياسيا قويا، وأحيانا حقبة بأكملها، بطبقة محدودة النمو، تطلق على نفسها تكنوقراط. بعضهم متخصصون ومؤهلون تماما، لكن لا شيء أكثر من ذلك. وهنا تكمن المشكلة! فهؤلاء الأشخاص قادرون على صياغة أفكارهم على نحو صحيح، وإعطاء تعليمات دقيقة لمساعديهم، لكنهم غير قادرين على تحمل المسؤولية، وسوف يختبئون، ويتلاعبون، ويشيرون إلى التعليمات، وظروف السوق، وربما حتى يعيدون الأمر إلى التغير المناخي، لكنهم لن يتخذوا قرارا. أو ربما يتخذون قرارا بتأخير كارثي وتلك كارثة متكاملة.
فالسياسي الحقيقي لا يخشى اتخاذ القرارات. نعم، بإمكانه أن يرتكب أخطاء، بل ويخسر، لكنها خسارة جديرة. وكل قائد فريد من نوعه، لكن السياسي هو الشخص القادر على اتخاذ قرار ربما غير شعبي، إلا أنه مسؤول عنه. والسياسي الحقيقي هو من يفهم أن العلاقات الدولية ليست مكتب مدير إقليمي لمدرسة أوروبية، حيث يتعرض فيها الطلاب للصفع والعقوبات.
لا أرغب في إهانة أحد، ولكن من الواضح للجميع أن ماريو دراغي ليس سيلفيو برلسكوني، وأولاف شولتس ليس أنغيلا ميركل. هؤلاء أناس جدد، وحقبة، في رأيي، ليست الأفضل بالنسبة للإدارة العامة في الاتحاد الأوروبي. ويوجد في الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، تكنوقراط معتدلون، وكذلك يوجد متعصبون مسعورون، يتساوون في الحجم تقريبا.
على هذه الخلفية تبرز الدول الكبيرة كعازفين منفردين، وبشكل عام، تبدو ألمانيا وفرنسا وإيطاليا بمظهر لائق على الخلفية العامة، إلا أن احترامهم قد تقوض. فهل كان من الممكن أن نتصور في يوم من الأيام أن يطلق السفير الأوكراني لدى ألمانيا على المستشار الألماني، هيلموت كول، وصف "سجق الكبدة الغضبان"؟ أو هل كان من الممكن أن يحضر الرئيس الأوكراني الحالي للقاء الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، بـ "تي شيرت" أخضر؟ بالطبع لا. يا للسخف. ولا أتحدث هنا أيضا عن المنبوذين السياسيين المهمشين، وأصحاب براءة الاختراع في الروسوفوبيا ممن يبصقون تيارات من البذاءات المعادية لروسيا، مثل الرجس الذي ينطق به أمثال كاتشينسكي (رئيس الوزراء البولندي الأسبق) ومورافيتسكي (رئيس الوزراء البولندي الحالي)، وغيرهم من المتقاعدين غير المعروفين وغير المهمين ممن يحاولون تقديم وصفاتهم البائسة للنظام العالمي مثل هويزغن (كريستوف هويسغن دبلوماسي ألماني يشغل منصب رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن)، وفيرشبو (ألكسندر فيرشبو دبلوماسي أمريكي ونائب الأمين العام السابق لحلف "الناتو"). يطلق عليهم فيلق.
إن مشكلة انحطاط السياسة الأوروبية في المقام الأول تعود إلى حقيقة أنها أصبحت جوقة خلفية للمغنيين الأمريكيين المنفردين. كان بإمكان شارل ديغول أن يعترض على أي رئيس أمريكي، الآن، أي من الأوروبيين بإمكانه أن يفعل ذلك دون أن ترتعش يداه؟ إنهم لا يفكرون في المستقبل. هم مقيدون فقط بأهدافهم الانتخابية المترهلة.
كذلك فإن الموجة الجديدة من القادة الأمريكيين لا يتألقون بأفكار جديدة أو استقرار عقلي. وهكذا سيستمر الأمر دون أن يكون هناك ضوء في نهاية النفق. إن ذلك يخلق مشكلات ليس فقط للعالم الغربي، ولكن أيضا لنا في روسيا. فمستوى السياسيين آخذ في الانخفاض بشكل مطرد، وكما أشار فلاديمير بوتين ذات مرة على حق: بعد وفاة المهاتما غاندي، لم يعد هناك من هو جدير بالحديث معه".
المصدر: تليغرام
*"ب5: أغاني وداع الأقزام السياسيين في بيندوستان" هي مجموعة من القصص القصيرة التي كتبها الكاتب الروسي، فيكتور بيلفين، وصدرت عام 2008، وتتضمن خمس قصص غير مرتبطة ببعضها البعض، تحمل عناوين: "قاعة غناء الكارياتيدس"، "إطعام التمساح خوفو"، "نيكرومنت"، "فضاء فريدمان"، "القاتل".