في دنيا الله بقاع خلقت الطبيعة حولها هالة علاجية سحرية تعيد للناس حيويتهم وتشفي أبدانهم من الأمراض ونفوسهم من العلل. ومن تلك البقاع المشهودة كالميكيا، او بلاد القلميق. كل من زارها ومتع أنظاره بسهوبها وبراريها المترامية الأطراف ، وسمع أجراس معابدها البوذية، لن ينسى هذه البقاع مدى العمر. الرحالة الذين زاروا هذه البلاد في القرن التاسع عشر الميلادي أشادوا بحسن الضيافة لدى سكان السهوب المستعدين لنجدة المحتاجين في الظروف الصعبة. قوة البدن والتحمل لدى رجال كالميكيا والجمال المميز والتواضع المصحوب بالأنفة لدى نسائهم موضع إعجاب ومثار دهشة . ألحان الطنبور الذي يعتبر اداة موسيقية قومية للكالميك، والشاي الذي يشبه الحساء من حيث التركيز ، وكثير من الأمور المدهشة الأخرى ، تشكل لمسات في الصورة الفريدة الأخاذة للشعب الكالميكي. رغم ما يبدو من قلة العشب والحيوان واختفاء مظاهر الحياة في سهوب كالميكيا إلا أنها نادرة المثال من حيث مجالها البيولوجي. وليس صدفة أن تقام هنا محمية "الأراضي السوداء"، المكان الوحيد في روسيا الذي تجري فيه دراسة تضاريس البراري والأراضي الصحراوية وشبه الصحراوية. يرتبط اسم المحمية بلون البراري هنا في الشتاء إذ لا يغطيها الثلج فتبقى سوداء. ولذلك استخدمت منذ القدم لرعي الماشية. أما مفخرة سهوب كالميكيا ورمز المحمية فهو أيل السهوب، أحد أنواع الأيائل النادرة في روسيا. لقد قضى الصيادون على مليوني حيوان منها، مما جعلها على وشك الانقراض. كانوا يقتلونها للحصول على اللحم والقرون، وخاصة أن القرون لها أهمية بالغة بالنسبة للطب الصيني التقليدي."وتران وعود واحد" بهذه اللهجةالمازحة يتحدث العامة عن هذه الآلة الموسيقية ، عن الطنبور الكالميكي. ولكنْ إذا كانت القضية بهذه البساطة فمن اين ينبعث هذا اللحن الرقيق والطنان في الوقت ذاته؟ صنع الطنبور فن حقيقي في الواقع. وليس معروفا ما اذا كان سيتقن صنعه الايطالي ستراديفاري صاحب أفضل آلات الكمان في العالم ام لا. ثم ان للكمان اربعة َ اوتار ، بينما في الطنبور وتران لا غير. ولكي يعطي الوتران لحنا لا أسوأ من الأربعة اوتار لا بد للعازف ان يمتلك مهارات كبيرة. ولذا تبين الحسابات البسيطة ان صنع الطنبور الحقيقي اصعب من صنع الكمان الجيد بمرتين. لا بد من مرور سنتين لتجفيف خشبة الصنوبر او السنديان المستخدمة في صنع هذا العود الرفيع. وهذا ليس كافيا بالطبع. ففي الطنبور الكالميكي الحقيقي يستخدم ايضا خشب البلوط والبتولا لنحت هيكل الآلة الموسيقية. اما الأوتار فتصنع من أمعاء الأغنام. ويقال ان صنع وتري الطنبور الجيد يتطلب انتقاء افضل نعجة في القطيع.