جاء في مقال الصحيفة:
في 16 مايو/أيار 1966، أصدر ماو تسي تونغ تعليماته باستئناف الصراع الطبقي. وكانت التعليمات موجهة في البداية ضد البيروقراطية الحزبية؛ ولكنها انقلبت فيما بعد إلى تنكيل دموي بالأبرياء ونشر للفوضى. وقد وصفت بكين هذه الحملة، بعد وفاة ماو تسي تونغ، بالخاطئة. أما اليوم، فإن الصين تفتقر مرة أخرى إلى اليد القوية، كما يرى أحد الخبراء. فيما لا يزال المحللون والكتبة السياسيون الصينيون يجادلون بشأن الأسباب التي أدت إلى تلك الهزات والاستنتاجات التي يمكن الخروج بها.
يقول المؤرخ الصيني تشانغ ليفان إن "الصين كانت تشبه مستشفى مجانين، ويجب أن يتحمل ماو تسي تونغ الجزء الأكبر من المسؤولية عن ذلك؛ ولكن هذا كان عملا جماعيا، وعلى البلاد بكاملها التطهر من نتائج الثورة الثقافية"، التي أسفرت، بموجب معطيات غربية، عن موت مليون ونصف مليون إنسان من سكان القرى بسبب الجوع والتعذيب والإعدامات، بمن فيهم أولئك الذين أقدموا على الانتحار.
أما صحيفة "ساوث تشينا مورنينغ بوست"، التي تصدر في هونغ كونغ، ومن دون سعي لرد الاعتبار إلى "الربان العظيم"، تشير إلى أن ماو اعتمد على حملة دعائية واسعة وعلى التلاعب بالحقائق التاريخية؛ وأن الدرس يكمن في أنه عندما يتحول القائد إلى شبه إله فإن طموحاته الشخصية تعود بآثار كارثية على الدولة.
ومن الواضح أن خلف شعار تطهير الحزب والدولة من "البرجوازيين المرتدين" توارت رغبة ماو البراغماتية بعدم التخلي عن مقاليد السلطة، ولا سيما أنه، في مسعى منه قبل ذلك لإثبات قدرة الصين على أن تكون الأولى في بناء الشيوعية نيكيتا خروشوف، أطلق حملة "قفزة كبرى إلى الأمام".
بيد أن الطرق البدائية في إنتاج الفولاذ، والتحول إلى "الطرق الثورية" في حرث الأرض وزراعتها، آلت إلى جوع أودى بحياة 30 مليون شخص. وتشوهت سمعة ماو تسي تونغ.
وعلاوة على ذلك، لم يكن هناك من يضمن ألا يسير براغماتيو الحزب بعد وفاته على خطى خروشوف في فضحه لعبادة شخصية ستالين؛ ولكن الحزب الشيوعي الصيني لم ينتهج طريق الحزب الشيوعي السوفيتي. فعندما انتخب دين سياو بين قائدا للحزب، وهو أحد المبادرين في الإصلاحات الاقتصادية، لم يسقط ماو عن عرشه؛ لأن 70 في المئة من إجراءات ماو كانت صحيحة، بحسب رأيه، فيما كانت 30 في المئة منها فقط خاطئة.
واليوم أيضا، ليست لدى المكتب السياسي للحزب رغبة في إحياء ذكرى الكارثة التي حلت بالبلاد.
ويشير الباحث في معهد الشرق الأقصى ألكسندر لارين إلى أن "الثورة الثقافية هي بقعة سوداء في تاريخ الصين. لأنها ترافقت مع عنف شامل وتدمير لقوى الإنتاج وإذلال الإنسان. وقد صرح دين سياو بين، بأن تلك كانت عشر سنوات ضائعة. وهي تلقي ظلالا من الشكوك على الحزب الشيوعي وعلى فكرة القائد القوي. لذلك، فإن الوقت ليس مناسبا الآن لأن تتذكر الصين هذه المسألة حاليا".
ويضيف: تجري في الصين عمليات معقدة في مجالي الاقتصاد والسياسة؛ وعلى الصين أن تبتكر نموذجا جديدا. وهي لذلك تحتاج إلى سلطة مركزية قوية، والرئيس شي جين بينغ يعزز هذه السلطة باطراد. ولذلك، لا يرغبون في الصين بتركيز اهتمام المجتمع على الثورة الثقافية في مثل هذه الظروف.
وقد طلبت صحيفة "الشعب" من المواطنين عدم الخروج عن الإطار الذي صاغه الحزب عام 1981، والذي يتضمن إشارة إلى خطأ القيادة حينها، والذي استغلته "الجهات المعادية للثورة".