مباشر

لماذا خفّض ترامب مهلة الـ50 يوما لروسيا لـ10-12 يوما وماذا بعد ذلك؟

تابعوا RT على
دعونا نتذكر أنه في 14 يوليو أصدر ترامب إنذارا نهائيا لروسيا يطالبها فيه بإنهاء الحرب مع الغرب على الأراضي الأوكرانية في غضون 50 يوما.

وإلا، ستفرض واشنطن على روسيا عقوبات ثانوية، وقبل كل شيء على شركائها التجاريين الذين يشترون نفطها. ولا يتضمن الإنذار أي مطالب على أوكرانيا أو التزامات من جانب الغرب، أي أن الإنذار في جوهره هو طلب استسلام غير مشروط لروسيا. ومن الواضح، بطبيعة الحال، أن هذا الإنذار لن يقبل، وهو ما تؤكده موسكو بتجاهلها العلي له. أي أن ترامب، إذا لم يصل بعد إلى حالة بايدن، فكان عليه أن يدرك العواقب، أي انعدام فرص موافقة موسكو وزيادة حادة في احتمالات اندلاع حرب نووية إذا تم فرض عقوبات ثانوية، والأهم من ذلك، إذا كانت هذه العقوبات فعالة.

 من الطبيعي أن تتناقض هذه الخطوة بشكل قاطع مع موقف ترامب كصانع سلام، بل وتتناقض أكثر مع رغبته المعلنة مرارا وتكرارا، والتي أعتقد أنها حقيقة، في تجنب الحرب النووية مع روسيا.

فما هو إذن هدف هذا الإنذار؟

في رأيي المتواضع، ينبغي النظر إلى هذه الخطوة في سياق حرب الرسوم الجمركية التي يشنها ترامب.

في واقع الأمر، لا يوجه ترامب إنذاره الموجه إلى روسيا لروسيا، التي لن تستسلم وهو أمر بديهي، ولكنه يطلق الإنذار للصين والهند، أكبر مشتري النفط الروسي، اللتين ستتأثران بشكل رئيسي بالعقوبات الثانوية التي وعد ترامب بفرضها بعد انتهاء المهلة. برأيي أن هذا الإنذار يعد ورقة رابحة أخرى لترامب في مفاوضاته مع الهند والصين بشأن الرسوم الجمركية، أي أنه أداة ضغط عليهما، ويمكن التخلي عنها أو تخفيفها إذا وافقت الصين والهند على تقديم تنازلات في مجال التجارة مع الولايات المتحدة.

كان من المقرر أن تنتهي مهلة الـ50 يوما في أوائل سبتمبر. وبحلول ذلك الوقت، كان ترامب يأمل أن يجبر حلفاءه على قبول تعريفاته الجمركية دون رد فعل انتقامي (وهو ما نجح فيه)، وهو ما اعتقد ترامب أنه سيقنع الهند والصين ودول أخرى للدرجة التي ستتضاءل معها مقاومتها.

إلا أن موضوعا جديدا برز على الساحة العامة وهو احتمال عقد لقاء بين ترامب وشي جين بينغ خلال احتفالات 3 سبتمبر بالذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية في الصين. وفي الوقت نفسه، سيزور بوتين الصين من 30 أغسطس إلى 3 سبتمبر، وهو ما سيسفر، حال استسلام الصين، عن إمكانية جعل انتصار ترامب أكثر دويا بصرف النظر عن انعقاد الاجتماع الثلاثي بين بوتين وشي جين بينغ وترامب من عدمه.

بالتالي، فإن ترامب يريد حقا لقاء شي جين بينغ، ولكن كي يكون الاجتماع ناجحا، فهو يحتاج إلى أوراق رابحة قوية، أي يجب أن يفرض عقوبات ثانوية بالفعل، ويجب أن تكون واشنطن قد نجحت بالفعل، إن لم يكن في فرضها، ففي الإعلان عن مجموعة من الخطوات الصارمة ضد الصين، بزعم أنها مرتبطة برفض روسيا وقف الحرب، وبسبب دعم الصين لروسيا إذا لم تستسلم الصين.

لهذا السبب، وبطبيعة الحال، ولتحقيق ذلك، كان لا بد من تقصير مهلة الإنذار لروسيا.

لذلك، فإنني لا آخذ هذا الإنذار على محمل الجد في الوقت الراهن، ومن المرجح ألا يتم تنفيذه، وأن يتم مقايضته على الأرجح بتنازلات تجارية من الصين والهند، أو تجاهلهما له، أو تخريبه من جانبهما حتى في حالة التوصل إلى اتفاق رسمي.

وإلا، فإذا تم تنفيذ الإنذار وكان فعلا، أي أنه إذا خفضت روسيا من صادراتها النفطية بشكل كبير، سيكون ذلك خطوة هائلة نحو حرب نووية، إذ أنه من الممكن أن يتحلى بوتين بالصبر الاستراتيجي فقط طالما كان اقتصاد روسيا يسمح له بشن حرب ضد الغرب مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي الداخلي. وبما أن ترامب لم يبد بعد رغبة في إشعال حرب عالمية نووية، وأعتقد أنه لا يسعى لذلك، فإن ذلك يدفعني في الواقع إلى اعتبار هذا الإنذار ورقة معادية للصين.

باختصار، لا أعتبر احتمال فرض عقوبات ثانوية على روسيا قريبا من 100% حتى لو حافظت موسكو على موقفها الصارم الحالي، ولا أتوقع بشكل خاص أن تكون العقوبات الثانوية فعالة، على الرغم من أنه قد يكون هناك الكثير من الضجيج حولها خلال المفاوضات الأمريكية الصينية.

وبناء على ما سبق، أرى أن التصعيد النووي هذا الخريف من غير المحتمل، رغم التهديدات المتبادلة. ومن المرجح أن يحدث لاحقا، عام 2027، عندما تخطط أوروبا لبلوغ مرحلة الاستعداد لمحاربة روسيا، أو فور سقوط أوكرانيا، إذا حدث ذلك في وقت أقرب.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تلغرام" الخاصة بالكاتب

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا