مباشر

أهداف وتوقعات الحرب الأمريكية الإسرائيلية الإيرانية

تابعوا RT على
ما هي أهداف الأطراف في الحرب الأمريكية الإسرائيلية الإيرانية المقبلة؟

لست خبيرا في الشأن الإيراني، ولا أعرف الاحتياطيات الداخلية للبلاد، وربما أكون مخطئا بشأن عقلية الشعب الإيراني، لذلك لا أعتمد في تقييمي للحالة الإيرانية واحتمالات هزيمة أو انتصار إيران على معرفتي الضئيلة وإنما أعتمد على رأي المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

فالموافقة على ترشيح الرئيس مسعود بزكشيان الموالي للغرب، ورفض إنقاذ الحلفاء في محور المقاومة، واتهام نائب الرئيس جواد ظريف لـ "حماس" في منتدى دافوس بعرقلة اللقاء الإيراني الأمريكي، كل هذه الإشارات، وأنا مضطر مع الأسف للاعتراف، تلخص المحاولة المستمرة من قبل السلطات الإيرانية الحقيقية لتطبيع العلاقات مع "الشيطان الأكبر"، وهي ما أراه انهيارا داخليا، واعترافا بالهزيمة، وهو أمر ممكن في الظروف السلمية فقط مع إدراك استحالة الحفاظ على المسار السابق لأسباب داخلية.

ربما لا تكون الأمور سيئة إلى هذا الحد، لكنني أعتقد أن تحولا كاملا بـ 180 درجة في اتجاه السياسة الخارجية الإيرانية لا يمكن أن يحدث دون تقييم شامل من جانب قيادة البلاد لاستقرارها وآفاق قوتها.

لهذا السبب أقدر احتمال دخول الولايات المتحدة إلى أتون الحرب بأنه مرتفع للغاية، ويقترب من 100%.

لقد فشل ترامب في جميع مساعيه، وأثبتت الأيام أن كلماته خاوية ولا يحسب له حساب. في هذه الحالة، فإن الدخول في حرب طويلة فاشلة مع عدو عنيد، تتطلب موارد هائلة، بالنسبة له، يعني إجراءات عزل سريعة للغاية. لهذا، يبدو لي أن ترامب قاوم الحرب في البداية، إلا أن نتنياهو ضغط على زر البدء بيد من حديد، متجاهلا رئيس "أقوى دولة في العالم".

فإذا كانت الحرب قصيرة وناجحة، لا شك أن هذا يغير مجرى الأمور بالنسبة لترامب، وسيعزز موقفه بشكل كبير. وأعتقد أن نتنياهو، معتمدا على النجاحات التي لا يمكن إنكارها لإسرائيل في الأيام الأولى للحرب، بذل قصارى جهده في محادثاته اليومية مع الرئيس الأمريكي لغرس الإيمان في ترامب بتحقيق نصر سريع، وهو ما يفسر تحول خطاب ترامب إلى خطاب عدواني مفرط بعد أيام قليلة من بدء الحرب.

ولن يقاوم ترامب إغراء القضاء على إيران، المنهارة داخليا، بتكلفة زهيدة. وكل يوم من المقاومة العنيدة، وكل نجاح تحققه إيران يقلل من احتمالية دخول الولايات المتحدة الحرب. لكن، وفي الوقت الحالي، تقاتل إيران بتصريحات مدوية في الغالب، لكنها لا تتعجل في تطبيقها على أرض الواقع. فآمال تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة كبيرة لدرجة أن القيادة الإيرانية تجاهلت التهديدات وخدعت نفسها بالآمال، وتكبدت خسائر فادحة بسبب الهجوم الإسرائيلي المفاجئ.

يبدو لي أن النظام الإيراني ليس مستعدا للموت، وليس مستعدا للقتال حتى النهاية، لكنه فقط يساوم على شروط الاستسلام، وهو ما يتضح في تصريحات من عينة: "حسنا، قصفونا بعض الشيء وكفى، إن توقفتم نتوقف. وإلا ستتذكر البشرية الليلة المقبلة لقرون قادمة...". وفي تلك الليلة لا يحدث شيء، وهو ما يعزز شهية ترامب لدخول الحرب.

الآن، لنتحدث عن الأهداف. بطبيعة الحال، تدمير البرنامج النووي الإيراني ليس سوى ذريعة. بل وأذهب لأبعد من ذلك أن حتى الهدف المعلن لتغيير النظام ليس سوى هدف وسيط لنتنياهو. أما الهدف الحقيقي والرئيسي فهو تدمير إيران على صورتها السابقة، والقضاء على دولة كبيرة تمثل تهديدا خطيرا محتملا. كانت إيران بالفعل رصيدا أمريكيا، تحولت في يوم من الأيام إلى عدو قوي لإسرائيل، لذلك فإن تغيير النظام وحده لا يكفي لضمان أمن إسرائيل على المدى الطويل.

ونحن نرى يوما بعد يوم كيف تتزايد الجهود، وتتعزز توجهات الإعداد لانتفاضة في الداخل الإيراني. وها هو نجل الشاه الإيراني السابق رضا بهلوي يوجه نداء بهذا الشأن إلى الإيرانيين. ونتنياهو يدعو إلى ثورة، في الوقت الذي تدمر فيه إسرائيل عمدا ومع سبق الإصرار والترصد مراكز الشرطة والأجهزة الأمنية، بينما تتم مناقشة الاستعدادات لتصفية القيادة العليا جهارا نهارا، ما قد يحرم البلاد من السلطة الشرعية، ويفكك الحكومة تماما، ويغرق البلاد في حالة من الفوضى. ولا بد من الافتراض أن البنية التحتية للطاقة ستدمر أو تتضرر بشكل يسبب كارثة اجتماعية تدفع الناس إلى الشوارع.

من الصعب في هذه الحالة تخيل أن ثورة محتملة ستغير النظام هكذا ببساطة، لكنها قد تدفع إلى حرب أهلية على الأرجح، ستتفكك البلاد خلالها. وبناء على سلوك السلطات الإيرانية، أعتقد أن هذا السيناريو مرجح جدا.

في المقابل، وإضافة إلى أهدافه قصيرة المدى المتمثلة في تعزيز سلطته بنصر خاطف في حرب صغيرة، تتمثل أهداف ترامب في وقف أو تقليص إمدادات الطاقة من الخليج إلى الصين، وعزل روسيا عن الجنوب، مع احتمال زعزعة استقرار مناطق جنوب روسيا، وتحييد إيران كحليف عسكري محتمل لروسيا والصين.

بالتزامن تحلق النسور في صورة رئيسي تركيا وأذربيجان (وصل إلهام علييف يوم أمس لمقابلة أردوغان) فعليا فوق إيران، وهي ترى في الأحداث القادمة فرصا تاريخية لإنشاء أذربيجان العظيمة على أنقاض إيران، وبالتالي فتح ممر تركي إلى آسيا الوسطى، وكل ما يحمله ذلك من محاولات لاحقة لإنشاء إمبراطورية تركية ضخمة، مع التوسع المحتمل نحو الجنوب والشمال.

يقيني أن الإمكانات العسكرية الإيرانية مرتفعة رغم القصف الإسرائيلي، وأنا على استعداد للاعتراف بأن إسرائيل تبالغ في تقدير نجاحاتها بعدة مرات. ومع ذلك، تظل نقطة ضعف إيران الكبرى في وضعها الداخلي غير المستقر، وقد اختارت إسرائيل هذه النقطة تحديدا بالتعاون مع الولايات المتحدة لتركيز جهودها. ويبدو أن لديهما الموارد الكافية لتحقيق النجاح، أو على الأقل أرى أن خطتهم واقعية.

وتحسبا لسخط من يتوقعون مني أن أملأ ثلاث صفحات بشعارات "بالروح، بالدم، نفديك يا إيران" أقول لهم: أنا نفسي لا أحب هذه الاستنتاجات. فإيران حليف مهم لروسيا، وحلقة وصل مهمة في مقاومة الولايات المتحدة الأمريكية. لكنني أفضل أن أصدق ما أراه لا ما أحلم به. وسأكون أسعد السعداء لو نجحت إيران في مقاومة العدوان الأمريكي الإسرائيلي لأشهر أو حتى لسنوات. بل، والأفضل من ذلك، لو قامت بإغلاق مضيق هرمز وأسقطت أسواق الأسهم الغربية.. حقا، سأكون سعيدا لو أخطأت في توقعاتي.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تلغرام" الخاصة بالكاتب

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا