يمكن توضيح موقف السلطة القضائية من أوامر ترامب التنفيذية من خلال ما حدث للأمر التنفيذي الذي أصدره دونالد ترامب في يناير الماضي، والذي يحظر التحاق الأفراد المتحولين جنسيًا بالجيش. فقد جاء في إحدى الفقرات أن كون الشخص متحولًا جنسيًا "يتعارض مع التزام الجندي بأسلوب حياة شريف وصادق ومنضبط"، و"لا يتوافق مع التواضع والإيثار المطلوبين من الجندي".
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أوقف قاضٍ فيدرالي الأمر المذكور. وبرر القاضي سبب تعليق أمر ترامب التنفيذي هو أن الأمر كان مليئًا "بأحكام غير منطقية مبنية على التخمين"، واصفًا حجج الحكومة بأنها "مضللة تمامًا".
ولو أمكن تقسيم إدارة ترامب إلى عصور مصغرة، لربما أطلقنا على هذه الحقبة اسم "الانقلاب الكبير". فحزمة الأوامر التنفيذية والأفكار الشاذة التي أُطلقت خلال الشهرين الماضيين تُجمع الآن بأحكام قضائية. وقد أفادت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرًا أن 46 مبادرة من مبادرات الرئيس قد أوقفتها المحاكم مؤقتًا على الأقل.
لقد استند ترامب إلى قانون "الأعداء الأجانب" لعام 1798 كأساس لترحيل مهاجري أمريكا الوسطى، ثم أمر قاضٍ فيدرالي بإعادة الرحلات الجوية. وفصلت الإدارة عشرات الآلاف من العمال المتدربين، ثم اضطرت إلى اتخاذ إجراءات لإعادتهم إلى وظائفهم بعد أن قرر قاضيان فيدراليان أن عمليات الفصل غير قانونية. وتم إغلاق الإدارة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، ثم خلص قاضٍ فيدرالي إلى أن هذه الخطوة قد تنتهك الدستور على الأرجح.
وحاول ترامب تعليق البرنامج الأمريكي لقبول اللاجئين؛ فقام قاضٍ بمنع التعليق. وهدد ترامب بوقف التمويل الفيدرالي للمرافق الطبية التي تُقدم رعايةً تُؤكد النوع الاجتماعي للأفراد دون سن 19؛ فقام قاضٍ بمنع الأمر. كما حاول ترامب إنهاء حق المواطنة بالولادة؛ فرأى قاضٍ أن ذلك "مخالفٌ للدستور بشكلٍ صارخ".
وقال قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية، جيمس إي. بواسبيرغ، بأنه ربما لا يحق لهذا الرئيس الاستعانة بسلطة زمن الحرب من عام 1798، والتي استُخدمت آخر مرة لسجن عشرات الآلاف من الأمريكيين اليابانيين الأبرياء خلال الحرب العالمية الثانية. وكان رد فعل ترامب عنيفا لدرجة أنه دعا إلى عزل بواسبيرغ. كما حشد إيلون ماسك الدعم لعزل القاضي الذي عرقل قرار ترامب بشأن مشاركة الأفراد المتحولين جنسيًا في الجيش.
ربما يصمد الفرع القضائي للديمقراطية الأمريكية، ويواصل عرقلة أكثر الأوامر التنفيذية فظاعة. أو ربما سنضطر للبدء في إخفاء المهاجرين في أقبية منازلنا.
وربما يقرر بعض القضاة توجيه صفعة خفيفة للمحامين في وزارة العدل المكلفين بالدفاع عن أوامر ترامب. وفي هذا السياق قال قاضي المحكمة الجزئية الأمريكية جون سي. كوغينور، في قضية الجنسية بالولادة: "بصراحة، أجد صعوبة في فهم كيف يمكن لعضو في نقابة المحامين أن يصرح صراحةً بأن هذا أمر دستوري. إنه أمر يذهلني". أو ربما نحتاج جميعًا إلى تشكيل فرق غنائية صغيرة، ثم الانطلاق في رحلة نحو الحرية عبر جبال الألب السويسرية.
ليس من المفترض أن تسير الديمقراطية على هذا النحو، حيث يستيقظ الرئيس بفكرة، فتتحول هذه الفكرة إلى أمر. فنحن في عالم يتم فيه إقالة قاضية دائرة في واشنطن، كارين هندرسون، التي تبلغ من العمر 80 عامًا، بسبب طرحها لبعض الأسئلة الذكية على محامي وزارة العدل الذي يترافع في القضية أمامها.
إن شعورنا تجاه ما يجري يشبه شعور أحدهم وهو على قمة أفعوانية في مدينة الألعاب ثم يكتشف أنه لم يتم فحص سلامتها مؤخرا. وفعلا إن ما نشعر به مريع حقا.
المصدر: واشنطن بوست