قبل ذلك، طرد ترامب زيلينسكي من البيت الأبيض، مطالبا إياه بالاعتذار عن عدم الاحترام الحقيقي الذي أظهره. وقد اعتذر زيلينسكي، ولكن بطريقة غريبة للغاية، كان لسان الحال يقول: "أنا آسف لأنك أحمق لهذا الحد، وأن شيئا بيننا لم ينجح لهذا السبب". لكن ترامب اكتفى بمثل هذا الاعتذار، وقال إنه قد أصبح من الممكن الآن العودة إلى الاتفاق بشأن الموارد الأوكرانية. مع ذلك، ومع صيغة ليكن ما يكون، ستتمكن أوكرانيا في نهاية المطاف من منح الولايات المتحدة مواردها مجانا، لكن، وفي المقابل سيتعين على زيلينسكي أن يوافق على السلام. إلا أنه من الواضح أن العرض المسرحي لا زال أبعد ما يكون عن مشهد الختام..
لقد مر قرابة شهرين على حكم الرئيس الأمريكي وحتى الآن النتيجة الوحيدة هي أن ترامب، في رأيي المتواضع، بدأ يفقد مصداقيته.
فحتى الآن، الشيء الوحيد الذي نجح فيه ترامب إلى حد ما هو الفرار من أوكرانيا، وبدون التوصل إلى أي اتفاق مع روسيا. لكن لدى الجميع شكوك هنا أيضا، فمن خلال مطالبة زيلينسكي بالسلام ووقف مساعداته لأوكرانيا، نسمع تهديدات من مختلف أعضاء الإدارة الأمريكية بفرض تدابير جديدة ضد صادرات النفط الروسية، وتصريحات غامضة أخرى تحمل أكثر من معنى، وتعني إضافة إلى الضغط المفترض على روسيا، تشجيع زيلينسكي على تخريب الوعود التي قطعها لترامب.
لقد شاهدت ذات مرة في برنامج تلفزيوني عالم حيوان يجيب على سؤال: إذا كنا غوريلات، فكيف سنؤكد سلطتنا وسط القطيع؟ فأجاب الخبير أنه في عالم الحيوان القوة تبنى فقط على الترهيب المتواصل.
لقد أعلن ترامب العودة إلى قانون الغاب في السياسة العالمية، ولكن، بدلا من الدماء وقطع اللحم التي يفترض أن تتطاير في كل الاتجاهات مع كل حركة يقوم بها، أرى مباراة مصارعة أمريكية، تقدم عرضا مزيفا، يركض فيه رجال ضخام بوجوه مخيفة من بعضهم البعض في الحلبة، ويسقطون من لمسة واحدة من إصبع خصمهم.
وأتذكر هنا قصة كوريا الشمالية خلال ولاية ترامب الأولى، عندما أحضر عدة حاملات طائرات إلى شواطئ كوريا الشمالية، ولكن بعد أن أظهر كيم جونغ أون حزمه، تسلق عبر الحدود لاحتضانه وتقبيله، معلنا ذلك انتصارا.
لم يمر سوى شهرين، لكن ترامب بدأ بالفعل في إقناع زعماء العالم بأن المقاومة أمر منطقي، وأنه ما لم تكن صوماليا أعزلا في الغالب، فإن الوقوف بثبات ضد ترامب لديه فرصة جيدة لحمله على التراجع.
ولا أعلم ما الذي كتبه ترامب في كتابه عن فن الصفقة، لكن في رأيي أن السياسة الدولية تختلف عن الأعمال التجارية في أن شريكك في السياسة لا يختفي بعد الصفقة، بل يتعين عليك التعامل معه لفترة طويلة. فهو يستخلص النتائج ويتعلم، وكل شخص آخر يستخلص النتائج ويتعلم منها، ذلك أن المعاملة غير محمية بموجب الالتزام بعدم الإفصاح.
إن ترامب يفقد ماء وجهه تدريجيا، فهو لم يفهم بعد أن قواعد السياسة تختلف عن قواعد أوساط الأعمال، وأن مثل هذه الرقصات والتأرجح من جانب لآخر، والترهيب المتكرر دون تنفيذ التهديدات، من شأنه أن يقوض سلطته.
وقد بدأت الصحافة الخاضعة لسيطرة العولميين بالفعل حملة لتشويه سمعة ترامب. وبدأت المشاكل بالفعل في الاقتصاد، وأسواق الأوراق المالية تتراجع، والصحافة الديمقراطية تتنبأ (ربما تهدد؟) باستئناف نمو التضخم. لقد بدأت خطط ماسك لتدمير أجهزة الدولة هي الأخرى تواجه مقاومة حتى بين أنصار ترامب، ما أجبر ترامب على كبح جماح ماسك قليلا...
بدأت شؤون ترامب تتجه نحو الأسوأ، دون أن يحقق بعد أي نتائج جدية، والوقت الثمين ينفذ. شهرين، أي ما يقرب من 1/10 من الوقت المتبقي حتى الانتخابات النصفية للكونغرس...
ترامب ليس أحمقا، ووفقا للشائعات فإن مطلبه الرئيسي من إدارته هو السرعة!! هي بحاجة إلى تحقيق نتائج أسرع لكل مبادرة من مبادرات ترامب. لكني أعتقد أنه مع هذا النوع من السلوك غير الجاد، سيصبح الأمر أكثر صعوبة كل يوم مع اقتناع العالم بأن المقاومة أمر منطقي وأن ترامب يخيف أكثر مما يضرب.
وعلى هذه الخلفية، يبدو لي أن ترامب، ومن أجل استعادة سمعته، سيضطر إلى مهاجمة شخص ضعيف مرة أخرى من أجل ضمان النتيجة كي يتم إنجاز بعض من مبادراته على الأقل، والفلسطينيون هنا هم الأكثر ملاءمة...
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف