مباشر

هل تصبح روسيا عظيمة مرة أخرى؟

تابعوا RT علىRT
كانت روسيا قوة عظمى بلا منازع لفترة طويلة، وأحد مراكز الإنتاج العالمي إبان الحقبة السوفيتية.

كذلك كانت الإمبراطورية الروسية هي الأخرى قوة عظمى وفقا لمعايير ذلك الزمان (كانت متأخرة عن أوروبا فقط في مستوى التنمية الصناعية).

وكان الاتحاد السوفيتي، حتى عام 1988، يحتل المرتبة الثانية في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي بعد الولايات المتحدة بنسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، والثالث في العالم من حيث عدد السكان، بعد الصين والهند، متقدما على الولايات المتحدة.

اليوم، تحتل روسيا المرتبة التاسعة في العالم من حيث تعداد السكان، والثامنة من حيث الناتج المحلي الإجمالي (الرابعة إذا تم قياس الاقتصاد من خلال تعادل القدرة الشرائية).

ومع ذلك، فلدى روسيا فرصة، بل فرصة جيدة، لتصبح مرة أخرى أحد مراكز الإنتاج العالمية، وأحد أكبر البلدان على هذا الكوكب. وهي تقاتل من أجل هذا الآن، وحتى الآن يمكن القول إن الأمور تسير على ما يرام، ويعتمد النجاح في نهاية المطاف على أمرين:

الأمر الأول: حجم الاقتصاد وعدد السكان.

التالي هو حجم السكان وحصة أكبر مجموعة عرقية في أكبر 10 دول حول العالم:

الهند: 1459 مليون (هندوس-35%)

الصين: 1417 مليون (هان-90%)

الولايات المتحدة الأمريكية: 347 مليون (البيض غير اللاتينيين-58%)

إندونيسيا: 285 مليون (الجاوية-40%)

باكستان: 254 مليون (البنجابيون-45%)

نيجيريا: 236 مليون (الهاوسا-21%)

البرازيل: 213 مليون (برانكوس-47%)

بنغلاديش: 175 مليون (البنغاليون-98%)

روسيا: 146 مليون (الروس-81%)

إثيوبيا: 134 مليون (أورومو-17%)

بالتالي، فإن حجم الدولة وحجم السكان ليسا قمتين ثابتتين. فضلا عن ذلك، فإن الدول تتفكك أو على العكس تتوسع، وكثيرا ما يحدث هذا على نحو مفاجئ وبحدة، ولا يتطلب الأمر مئات السنين.

وأعود لألح على أن الدول المستقرة في العالم هي دائما نتاج وقشرة لمجموعات عرقية محددة، وعادة ما تكون الأكبر في البلاد، وهذا هو النواة، الهيكل العظمي، الذي ينمو حوله اللحم في شكل أقليات عرقية ودينية. ومن ثم، فلا بد من أخذ حصة المجموعة العرقية الأساسية في الاعتبار أولا وقبل كل شيء عند تقييم استقرار الدولة أو ميلها للانهيار.

ومن ثمان دول تفوق روسيا من حيث عدد السكان، ستة هي دول اصطناعية، أي أجزاء سابقة من إمبراطوريات لديها احتمالات هائلة للانهيار. وحتى تلك البلدان التي لا يمكن وصفها بأنها مصطنعة لديها أيضا إمكانية كبيرة للانهيار في حالة حدوث أزمة اقتصادية كبرى. وفي الصين وبنغلاديش فقط، تتجاوز حصة أكبر مجموعة عرقية الأرقام الروسية.

ولكن، يمكننا استقراء هذه القيم في الاتجاه المعاكس. على سبيل المثال، إذا توسعت روسيا لتشمل دول أخرى، بحيث تصل حصة الروس إلى مستويات نيجيريا (21%) فإن تعداد سكان روسيا سوف ينمو من 146 مليون نسمة إلى 563 مليون نسمة، ما سيضعها في المرتبة الثالثة بالعالم اليوم.

حسنا، دعونا إذن نجعل الحسابات أقل نظرية بعض الشيء، ونجعلها أقرب إلى الخرائط الموجودة. إذا كانت روسيا، في سياق التحول المقبل للعالم، تضم في تكوينها أو في منطقتها الاقتصادية (وهو الشيء الرئيسي) الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفيتي، فضلا عن المنطقة العازلة للدول الأوروبية (ومعظمها بالفعل كان تحت النفوذ السوفيتي)، وأعني هنا فنلندا وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وهنغاريا ورومانيا وبلغاريا ويوغوسلافيا السابق واليونان وألبانيا، فإن تعداد السكان لما يمكن أن تسميه كما تشاء، وليكن الإمبراطورية الروسية الجديدة أو منطقة النفوذ الروسي أو المنطقة الاقتصادية الروسية، سيصل إلى 432 مليون نسمة، وهو ما سيضع روسيا أيضا في المرتبة الثالثة في العالم اليوم.

وفي حالة الانهيار النظري للهند والولايات المتحدة، وربما الصين، فإن روسيا لديها فرصة نظرية لتصبح قوة مهيمنة عالمية بعد عقود عديدة قضتها في بناء الروابط داخل هذه المنطقة. حسنا، دعونا نخفض من توقعاتنا، ولكن حتى نصف الحد الأقصى الذي وصفناه سيجعل من روسيا أحد أقطاب العالم.

أتوقع تصريحات ساخرة متهكمة، لذلك أؤكد مرة أخرى أن ذلك ليس أكثر من فرضيات نظرية، فرصة، ولكن مع الأخذ في الاعتبار الانهيار الاقتصادي القادم، وهو الأكبر في تاريخ الحضارة الإنسانية، مع الأخذ في الاعتبار حجم التحول القادم في العالم، بما في ذلك انهيار الاقتصادات وتفكك أكبر البلدان (بما في ذلك الولايات المتحدة)، ومع الأخذ في الاعتبار أيضا الهجرات الكبرى الجديدة للشعوب، والتي بدأت بالفعل، فإن الخريطة السياسية للعالم في العقود القادمة ستتغير تماما.

لا يوجد شيء مستحيل، بما في ذلك الخيار الذي وصفته أعلاه. وعلاوة على ذلك، ونظرا لحرب روسيا الناجحة ضد الغرب، يمكننا بالفعل أن نقول بثقة إن هذه الفرصة تنتقل بسرعة من فئة النظرية إلى عالم التطبيق.

وعلى أقل تقدير، في رأيي المتواضع، فمكانة روسيا كأحد أقطاب العالم المستقبلي مضمونة تقريبا.

الأمر الثاني: هو العودة إلى الصفر الكبير، وتسوية الظروف الأولية، والقضاء على تأثير نموذج الأسماك الأولى التي جاءت إلى الأرض، ثم عمليات التطور، بعد أن نمت أقدامها وأسنانها، ومنعت المنافسين الجدد من الخروج إلى اليابسة. فالانهيار الاقتصادي الكبير القادم، والذي بدأ بانهيار هرم الديون العالمية، سيدمر السلاسل التكنولوجية القديمة، ما سيعيد البشرية عقودا إلى الوراء، وفي بعض الصناعات قرونا إلى الوراء. وستتاح الفرصة لجميع اللاعبين الرئيسيين المتبقين للتنافس على مكانة مميزة في تقسيم العمل العالمي.

بالتالي، فالإجابة هي نعم، لدى روسيا فرصة لتصبح عظيمة مرة أخرى، وربما أعظم من الاتحاد السوفيتي. في الوقت الراهن، يمكننا أن نتحدث عن هذا الأمر بوصفه ليس أكثر من مجرد فرصة أو إمكانية نظرية، ولكن من بين كل بلدان العالم، فقد بذلت روسيا حتى الآن أكبر جهد لتصبح عظيمة مرة أخرى.

إن الحرب العالمية التي بدأت ستحدد عدد وقوة الدول الكبرى. شاركونا.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تلغرام" الخاصة بالكاتب