قبل عام واحد، اجتمع رؤساء دول حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس بليتوانيا لحضور قمتهم السنوية. لكن بيان القمة لم يتغير عن سابقه في عام 2008 في بوخارست وهو أن أوكرانيا ستصبح عضوا في الناتو ولكن دون تحديد إطار زمني.
بالنسبة لفولوديمير زيلينسكي، كان التأكيد أقل بكثير من توقعاته. ووصف عدم رغبة الناتو في تحديد إطار زمني ملموس لعضوية أوكرانيا بأنه "سخيف"، مما أثار ذعر إدارة بايدن وكاد يخرج القمة عن مسارها.
ومع وجود زعماء حلف شمال الأطلسي في واشنطن هذا الأسبوع للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين للحلف، فإن مسألة عضوية أوكرانيا لا تزال تواجه صعوبات جمّة. وتم تكرار المكرر في الختام البياني للقمة؛ وهو أن انضمام أوكرانيا للحلف لا رجعة فيه ولكن دون إطار زمني.
ولكن، في الواقع، لا يبدو أن حلف الناتو مستعد لضم أوكرانيا إليه. وهناك حجة قوية مفادها أن منح عضوية كييف سيكون بمثابة سياسة سيئة. وقد مضى وقت طويل لكي تتوقف إدارة بايدن عن التظاهر بخلاف ذلك، ويجب على البيت الأبيض أن يتوقف عن الكذب على زيلينسكي.
يتعين على الولايات المتحدة أن تكون واضحة بشأن مدى الصعوبة التي يواجهها أي بلد يطمح إلى الانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي. ويوضح ميثاقها أن الدول الأعضاء توافق على الدفاع عن أي عضو آخر في التحالف يتعرض للهجوم.
ومع ذلك، لم يكن جميع أعضاء الناتو الرئيسيين متحمسين للدفاع عن أوكرانيا. وعندما أراد الرئيس جورج دبليو بوش في عام 2008 أن يعرض على أوكرانيا (وجورجيا، وهي دولة سوفييتية سابقة أخرى) خطة لبدء عملية الانضمام، اعترض بعض الحلفاء مثل فرنسا وألمانيا.
وفي الشهر الماضي صرّح بايدن أنه "ليس مستعدا لدعم إضفاء الطابع الأطلسي على أوكرانيا". ولأن حلف شمال الأطلسي يتخذ قراراته من خلال الإجماع، فإن أي عضو بمفرده يستطيع أن يمنع انضمام أوكرانيا.
إن فكرة انضمام كييف إلى الناتو هي فكرة خيالية ما دامت الحرب في أوكرانيا مستمرة لسبب بسيط وهو أن أعضاء الحلف سوف يضطرون بعد ذلك إلى قتال روسيا مباشرة. كما أن من أحد شروط روسيا لوقف إطلاق النار هو تخلي أوكرانيا عن طموحاتها في الانضمام للناتو.
وبغض النظر عن كل ذلك، فليس من الواضح ما إذا كان سيتم احترام ضمانات الناتو الأمنية لأوكرانيا بالكامل، الأمر الذي قد يقوض التحالف نفسه.
لقد أظهرت دول الناتو مرارا أنها لن تدخل في حرب مع أكبر قوة نووية في العالم عندما يحين وقت الجد. والضمانة الأمنية التي يقدمها الناتو من دون مصداقية هي مجرد وعد على الورق، وهو الوعد الذي قد تختار روسيا اختباره. وعندئذ يصبح أمام الناتو خياران مرّان: إما أن يقف موقف المتفرج ويبين عجزه أو يشن حربا غير مرغوب فيها ضد دولة تمتلك أكثر من 5500 رأس حربي نووي.
باختصار، إن الإصرار على أن تصبح أوكرانيا عضوا في الناتو يلحق الضرر بالولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. ولا يجوز أن تعطي الولايات المتحدة أملا كاذبا لأوكرانيا، وتجعل أوكرانيا تبتلع الإهانة مثل هامستر على عجلة لا يستطيع الوصول إلى قطعة الجبن أمامه.
وأفضل ما يمكن أن تحصل عليه أوكرانيا من حلف شمال الأطلسي هو المزيد من بطاريات وصواريخ الدفاع الجوي، وبرنامج تدريب أقوى لقواتها. ويجب على بايدن أن يخبر زيلينسكي بشكل مباشر أن عضوية الناتو هي مهمة حمقاء - وأثناء قيامه بذلك، يجب عليه أن يعتذر لجميع الأوكرانيين، لانتظاره طويلا لتوضيح ما هو واضح.
المصدر: CNN