من المثير للدهشة والدلالة أن الصحافة الغربية، ذات الموقف الواضح من روسيا، صعُب عليها القول ماذا يعني "مؤتمر السلام" في سويسرا بالنسبة لأوكرانيا. فبحساب من وقّع، ومن لم يوقع، وما الذي تم تضمينه في البيان الختامي، وما لم يُضمّن، نجد هدف المؤتمر قد ضاع. في الجوهر المواجهة الحالية، تظهر تقسيم العالم بوضوح.
من شأن نظرة إلى خريطة العالم وفق قائمة المشاركين وغير المشاركين في "المؤتمر"، يمكن رؤية الخريطة التي كان عليها العالم أيام الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية. ويمكن موافقة الكاتب زاخار بريليبين، على قوله "من السهل أن نلاحظ كيف أن القوى السياسية، بطريقة أو بأخرى، تركت لنا إرثًا من زمن الاتحاد السوفييتي، الذي لا يزال نفوذه وإن بحكم العطالة كبيرًا وسيظل كذلك. ولا يجوز التقليل من شأنه، فهو لم يأت إلى المؤتمر". وأود أن أضيف أن حركة العطالة هذه تلقت دفعة إضافية عندما أطلقت روسيا العملية العسكرية الخاصة وتجرأت لأول مرة على تحدي الغرب.
في روسيا، بدأوا يرون صورة الاتحاد السوفييتي- الدولة التي قادت الحركة المناهضة للاستعمار. ومن الواضح والطبيعي تمامًا أن أصدقائنا الحاليين هم بلدان ذات أنظمة اشتراكية يسارية، وبلدان تهيمن عليها الأيديولوجية الشيوعية، وبلدان تناضل من أجل الاستقلال وتحاول التحرر من أغلال الاستعمار الجديد.
وبالنتيجة، إذا نظرنا على نطاق أوسع، نرى كتلتين تتشكلان: البلدان التي تريد نظام حياة عادل، والبلدان التي تريد الحفاظ على الهيمنة على العالم، أي الاستعمار تحت شعارات مواجهة الدكتاتورية والاستبداد ونشر الديمقراطية.
وهذا التشكيل للكتلتين هو النتيجة الرئيسية لـ "مؤتمر سويسرا". وليس مهما ما يعنيه المؤتمر بالنسبة لأوكرانيا.