تساورني شكوك شديدة بهذا الشأن.
أولا، ستكون مثل هذه الخطوة ضربة لما يبدو أنه حليف إيران في المقام الأول، الصين. وقد احتلت إيران، أكتوبر الجاري، المركز الأول في إمدادات النفط المنقولة بحرا إلى الصين، متجاوزة المملكة العربية السعودية، إلا أن الأخيرة، إلى جانب دول الخليج الأخرى هي أكبر موردي الطاقة للصين.
كما أن إغلاق مضيق هرمز من قبل إيران ورد الولايات المتحدة بوقف تبادل الصادرات الإيرانية سيكون كارثيا بالنسبة للصين. ومن الصعب التكهن بما يمكن أن تقوم به الصين من أجل استعادة إمدادات النفط من الخليج، إلا أن ذلك سيكون إعلانا رسميا عن اندلاع الحرب العالمية الثالثة. لكن، وعلى أية حال، فإن الصين ستحاول بكل قوتها تجنب هذا السيناريو، بما في ذلك من خلال الضغط على إيران.
ثانيا، ستكون تلك كارثة بالنسبة للهند والمملكة العربية السعودية ودول الخليج، بما في ذلك العراق، حيث تتمتع إيران هناك بموقف قوي. وستعمل هذه الخطوة بسرعة وحزم على تحويل كل هذه الدول من دول صديقة أو على الأقل محايدة ليس فقط إلى دول معادية لإيران وإنما ستدفع تلك الدول أيضا إلى التحالف مع الولايات المتحدة، وهو الحلف الذي سيفتح المضيق باستخدام القوة العسكرية.
ثالثا، ليس هناك شك في أنه إذا قامت الولايات المتحدة بالانتقام من خلال منع الصادرات الإيرانية، فإن الوضع في الاقتصاد الإيراني سوف يصبح كارثيا كذلك، فيما سيصبح الحصار تاما.
في الوقت نفسه، فإن هدف إيران، بتوجيه ضربة ساحقة للولايات المتحدة لن يتحقق، لأن الولايات المتحدة مكتفية ذاتيا بشكل عام في قطاع الطاقة. سوف يتم تدمير أوروبا، إلا أنها تدمر نفسها بنفسها على أي حال، بعد أن انخرطت في الحرب الأمريكية ضد روسيا بأوكرانيا، ولا أحد يهتم بأوروبا، كما أن المزيد من تراجع التصنيع فيها يعود بالنفع على الجميع.
أعتقد أننا بصدد سيناريو مختلف سوف يتحقق.
تواصل روسيا إمداد الأعداء بالنفط والغاز في الحرب الساخنة، بما في ذلك عبر أوكرانيا، وتدفع لها مقابل العبور.
وأعتقد أن صورة مماثلة لتحدث حال نشوب حرب بين إسرائيل و/أو الولايات المتحدة وإيران. وسيتبادل الجانبان الضربات الصاروخية، إلا أن الناقلات الإيرانية، في الوقت نفسه، ستستمر في نقل النفط الإيراني إلى المستهلكين، إذ يحتاج بايدن إلى النفط الرخيص للفوز بالانتخابات في نوفمبر المقبل، ولن يغلق مضيق هرمز كذلك.
أقصى ما يمكن أن تعتمد عليه إيران، إذا كانت تأمل ليس فقط في الانتقام والموت، بل في البقاء والانتصار، هو الإعلان عن وقف عبور السفن المتجهة إلى إسرائيل والولايات المتحدة، وربما لفترة ليست طويلة.
في رأيي المتواضع، أن الخطوة الأمثل بالنسبة لإيران هي الإعلان عن الإغلاق الكامل للمضيق وإغلاقه فعليا لمدة يومين أو ثلاثة من أجل إحداث صدمة في البورصات الغربية، وإثارة أزمة مالية. ومع الأخذ في الاعتبار الحالة العامة غير المستقرة للغاية للاقتصاد الغربي، فإن هناك احتمالا كبيرا أن تكون مثل هذه الضربة قاتلة بالنسبة للغرب. ولكن، وقبل أن تتاح الفرصة لأحد للرد، بعد ثلاثة أيام، يستبدل الإغلاق الكامل بإغلاق انتقائي للولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا، أو حتى بدون أوروبا، أو حتى إلغاء الإغلاق التام.
باختصار، فإن إغلاق مضيق هرمز هو "السلاح النووي" لإيران، سلاح يوم القيامة، عندما تتأكد إيران من أنها نفسها ستفنى، وستصبح مهمتها حين ذلك هي إفناء العدو معها. أعتقد أنه من غير المرجح، على الأقل في البداية، وربما طوال الحرب الإسرائيلية الأمريكية الإيرانية المحتملة، أن تكون القيادة الإيرانية قريبة إلى مثل هذا التقييم الكارثي للوضع.
إلا أن هذا برمته ليس أكثر من رأيي المتواضع، وربما لدى القيادة الإيرانية خطط أخرى.
كما أنني لا أستبعد إغلاق مضيق هرمز مستقبلا، خلال الحرب الأمريكية الصينية، إلا أن هذا لن يكون الآن.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف