مباشر

خبير أمريكي: إدارة بايدن ترفض إخبار الشعب الأمريكي بالحقيقة

تابعوا RT على
كتب الكولونيل الأمريكي المتقاعد دوغلاس ماكغريغور في "المحافظ الأمريكي" أن إدارة بايدن ترفض إخبار الشعب الأمريكي بحقيقة أن أوكرانيا لا تفوز بالحرب ولن تنتصر فيها.

وجاء في مقاله المنشور على موقع المجلة أن القادة السياسيين والعسكريين الذين ألزموا الولايات المتحدة الأمريكية بحروب فيتنام والبلقان وأفغانستان والعراق، فعلوا ذلك كقاعدة لأنهم كانوا مقتنعين بأن القتال سوف يكون قصيرا وحاسما.

وتابع ماكغريغور أن الرؤساء والمستشارين الرئاسيين وكبار القادة العسكريين لم يتوقفوا أبدا عن التفكير في أن الاستراتيجية الوطنية، إن وجدت على الإطلاق، تتكون من تجنب الصراع ما لم تتعرض الأمة للهجوم وإجبارها على القتال.

وجاء كذلك في المقال:

"آخر ضحية لهذه العقلية هي أوكرانيا. وفي غياب تحليل جذري حاسم للقوة الوطنية الروسية ومصالحها الاستراتيجية، نظر كبار القادة العسكريين الأمريكيين ورؤسائهم السياسيين إلى روسيا من خلال عدسة ضيقة التركيز أدت إلى تضخيم قوة الولايات المتحدة الأمريكية وأوكرانيا، إلا أنهم تجاهلوا المزايا الاستراتيجية لروسيا المتمثلة في العمق الجغرافي والموارد الطبيعية غير المحدودة تقريبا والتماسك الاجتماعي العالي والقدرة العسكرية الصناعية على زيادة قوتها العسكرية بسرعة.

أصبحت الآن أوكرانيا منطقة حرب تخضع لنفس المعاملة التي أخضعت لها الولايات المتحدة كل من ألمانيا واليابان خلال الحرب العالمية الثانية، وفيتنام في الستينيات من القرن الماضي، وفي العراق على مدى عقود. حيث يتم تدمير شبكات الطاقة والنقل والبنية التحتية للاتصالات وإنتاج الوقود ومواقع تخزين الذخيرة بشكل منهجي، ويواصل الأوكرانيون الفرار من منطقة الحرب بحثا عن الأمان، مع عواقب وخيمة على مجتمعات واقتصادات أوروبا.

في هذه الأثناء، ترتكب إدارة بايدن مرارا وتكرارا الخطيئة التي لا تغتفر في مجتمع ديمقراطي برفضها إخبار الشعب الأمريكي بالحقيقة: على عكس رواية وسائل الإعلام الغربية الشعبية بشأن "النصر الأوكراني"، والتي تمنع نشر أي معلومات تتعارض معها، فإن أوكرانيا لا ولن تنتصر في هذه الحرب. فقد أدت أشهر من الخسائر الأوكرانية الفادحة، الناتجة عن سلسلة لا نهاية لها من الهجمات التي لا طائل من ورائها ضد الدفاعات الروسية في جنوب أوكرانيا، إلى إضعاف القوات الأوكرانية على نحو خطير.

وكما هو متوقع، فإن أعضاء "الناتو" الأوروبيين، الذين يتحملون وطأة تأثير الحرب على مجتمعاتهم واقتصاداتهم، قد أصبحوا أكثر خيبة أمل من حرب واشنطن بالوكالة في أوكرانيا، بينما يتشكك السكان الأوروبيون علانية في صحة الادعاءات المنشورة في الصحافة حول الدولة الروسية والأهداف الأمريكية في أوروبا. ومع تدفق ملايين اللاجئين من أوكرانيا، جنبا إلى جنب مع مجموعة من النزاعات التجارية، بخصوص التربح من مبيعات الأسلحة الأمريكية، وأسعار الطاقة المرتفعة، يتحول الرأي العام الأوروبي ضد كل من حرب واشنطن وحلف "الناتو".

وبعد استنتاج أن الافتراضات الأساسية المتعلقة باستعداد واشنطن للتفاوض والتسوية كانت غير صحيحة، وجه بوتين رهانه إلى تطوير خطط ميدانية جديدة بأهداف جديدة: أولا، سحق العدو الأوكراني، ثانيا، إزالة أي شك لدى واشنطن والعواصم الأوروبية في أن روسيا ستحقق النصر وفقا لشروطها، وثالثا، خلق وضع إقليمي جديد يتناسب مع احتياجات الأمن القومي الروسي.

وبمجرد تقديم الخطة الجديدة والموافقة عليها، وافق بوتين كذلك على اقتصاد القوة للدفاع عن المكاسب الإقليمية الروسية بأقل عدد من القوات، حتى يتم تجميع الموارد والقدرات والقوى العاملة المطلوبة للعمليات الحاسمة. كما عيّن بوتين أيضا قائدا جديدا لمسرح العمليات العسكرية هو الجنرال سيرغي سوروفيكين، الضابط الكبير الذي يتفهم المهمة، ويمتلك عقلية تؤهله لتحقيق النجاح.

وسوف توفر المرحلة الهجومية القادمة من الصراع لمحة عن القوة الروسية الجديدة الناشئة وقدراتها المستقبلية، حيث تم تجميع، حتى كتابة هذه السطور، 540 ألفا من القوات القتالية الروسية في جنوب أوكرانيا وغرب روسيا وبيلاروس، وتستمر الأعداد في النمو، لكن الأرقام تشمل فعليا 1000 نظام مدفعي صاروخي، وآلاف الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة، إضافة إلى 5000 مدرعة قتالية، بما في ذلك ما لا يقل عن 1500 دبابة، ومئات الطائرات الهجومية ذات الأجنحة الثابتة المأهولة، ومروحيات وقاذفات قنابل، وهي القوة الجديدة التي لديها القليل من القواسم المشتركة مع الجيش الروسي الذي تدخل قبل 9 أشهر في 24 فبراير 2022.

من الممكن الآن توقع أن القوات المسلحة الروسية الجديدة التي ستتطور من بوتقة الحرب في أوكرانيا ستكون مصممة لتنفيذ عملية استراتيجية حاسمة، ومن المرجح أن تستلهم القوة الروسية الناتجة من تصميم القوة والإطار التشغيلي الموصى به في كتاب العقيد محمود غاريف "إذا كانت الحرب تأتي غدا؟ ملامح الصراع المسلح في المستقبل"، وستتألف المؤسسة العسكرية الجديدة من قوات أكبر بكثير، يمكنها إجراء عمليات حاسمة في غضون مهلة قصيرة نسبيا بأقل قدر من التعزيز والإعداد.

بعبارة أخرى، بحلول الوقت الذي ينتهي فيه الصراع، يبدو أن واشنطن ستكون قد دفعت الدولة الروسية إلى بناء قوتها العسكرية، على عكس الضعف القاتل الذي قصدته واشنطن عندما شرعت في مسار المواجهة العسكرية مع موسكو.

لكن، لا ينبغي أن تفاجئ هذه التطورات أي شخص في واشنطن العاصمة، وبدءا بخطاب بايدن في وارسو، الذي يطالب فيه فعليا بتغيير النظام في موسكو، رفضت إدارة بايدن رؤية السياسة الخارجية من حيث الاستراتيجية، مثل جنرال أحمق يصر على الدفاع عن كل شبر من الأرض حتى آخر رجل، وأكد الرئيس بايدن على التزام الولايات المتحدة الأمريكية بمعارضة روسيا، وربما أي دولة قومية لا ترقى إلى مستوى المعايير الديمقراطية المنافقة للعولمة، بغض النظر عن تكلفة ذلك بالنسبة للشعب الأمريكي سواء من حيث أمنه أو ازدهاره.

كان خطاب بايدن في وارسو حارا بالعاطفة وغارق في أيديولوجية إضفاء الطابع الأخلاقي على العولمة، التي تحظى بشعبية في واشنطن ولندن وباريس ولندن. لكن، بالنسبة لموسكو، كان الخطاب بمثابة خطة سلام قرطاجية، وسلوك بايدن بـ "عدم أخذ سجناء" يعني أن خطة السياسة الخارجية للولايات المتحدة تعني أن نتيجة المرحلة التالية من الحرب الأوكرانية لن تدمر الدولة الأوكرانية فحسب، وإنما ستقضي على آخر بقايا النظام الليبرالي في فترة ما بعد الحرب، وتنتج تحولا دراماتيكيا في السلطة والنفوذ في جميع أنحاء أوروبا، وخاصة في برلين، بعيدا عن واشنطن إلى موسكو، وإلى بكين إلى حد ما".

المصدر: The American Conservative

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا