مباشر

الحزب الديمقراطي الأمريكي يعود إلى مسار الحرب الأهلية

تابعوا RT على
مع ارتفاع التضخم وانخفاض مستويات المعيشة للأمريكيين، يزداد احتمال خسارة الحزب الديمقراطي في انتخابات الكونغرس أولا في نوفمبر من هذا العام.

وهو ما قد يؤدي إلى خسارة مجلسي البرلمان، ثم خسارة الانتخابات الرئاسية، عام 2024.

لقد حولت الأزمة النظامية الأمريكية مسرح العرائس إلى صدام حقيقي ليس بين حزبين فقط، وإنما بين المفاهيم وأساليب الحياة. ولدى الانعزاليين والمحافظين من جهة وأنصار العولمة والليبراليين من جهة ثانية أهداف حصرية للطرفين، إلا أن تحقيقها يمحو بالضرورة أسلوب الحياة وأساس وجود الطرف الآخر.

فقد بدأت القاعدة الانتخابية للجمهوريين تتلاشى تدريجيا، حيث بدأ البيض المحافظون، من مواليد الخمسينيات وحتى سبعينيات القرن الماضي يرحلون إلى عالم آخر. أنصار الحزب الديمقراطي من الشباب الليبراليين البيض، وبخاصة الأقليات العرقية، هم بالفعل في الأغلبية الانتخابية، والانخفاض المستمر في نسبة السكان البيض يقلل من فرص وصول الجمهوريين إلى السلطة في المستقبل إلى الصفر تقريبا..

ومع ذلك، فخلال فترة الانكماش الاقتصادي، تفقد الحكومة دائما شعبيتها بسرعة. وبينما لا يزال ميزان القوى قريبا من 50/50، تعطي الأزمة الاقتصادية الشديدة المتزايدة الجمهوريين فرصة أخيرة للعودة إلى السلطة ومحاولة "إنقاذ" الولايات المتحدة الأمريكية.

وما يزيد من تصميم وعزم القيادة الديمقراطية حقيقة أنه في حالة هزيمتها، سيواجه عدد منهم المحاكمة بسبب الأفعال غير القانونية ضد ترامب.

بمعنى أن الرهانات والمخاطر كبيرة للغاية، وعلى كلا الجانبين، وتنتشر أجواء "المعركة الأخيرة" أكثر فأكثر، النصر أو الموت.

في الوقت نفسه، يبدو السكان أكثر راديكالية من السياسيين أنفسهم. ووفقا لإحدى الاستطلاعات، يتوقع نصف الأمريكيين حربا أهلية، بينما يعتقد 80% ممن شملهم استطلاع الرأي، أن العنف مبرر لتحقيق أهداف سياسية.

ومن الواضح أن عمليات تفتيش مكتب التحقيقات الفدرالي لمقر إقامة دونالد ترامب الشتوي تهدف إلى منح الديمقراطيين فرصة لإيجاد طريقة قانونية لإبعاد ترامب عن الانتخابات الرئاسية لعام 2024. ومن المفترض أن الشرعية الرسمية لمثل هذا الاستبعاد يجب أن تحافظ على رد من جانب الجمهوريين كذلك في الإطار القانوني، من خلال سنوات عديدة من النزاعات والدعاوى القضائية. أي منع الجمهوريين، على أقل تقدير، من تغيير مصير ترامب، أو على الأقل منع فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية.

ولدى الديمقراطيين أسباب لمثل هذه الآمال، ففي الانتخابات الأخيرة تمكنوا بالفعل من الوصول إلى السلطة بمساعدة المضايقات والتلاعب في وسائل الإعلام والتقنيات القذرة والتزوير الانتخابي.

وقد رفض ترامب بالفعل ذات مرة مناشدة الجماهير التي تدعمه من أجل تحويل الوضع إلى مواجهات عنيفة، ومراجعة نتائج الانتخابات. ودفاعا عنه، يجب القول إن نخب الحزب الجمهوري انفضت عنه وهربت مثل الفئران من سفينة غارقة، ولم يدعمه في ذلك أيضا الجيش.

إن ترامب بالتأكيد مقاتل عنيد. ومع ذلك، أشك في أنه إذا تم تزوير نتائج الانتخابات لصالح الديمقراطيين، فيمكن لترامب محاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة. لقد جادل لينين بحق بأن الحزب الثوري ضروري للانتصار في الثورة، ولا يمكن لترامب الاعتماد على رأس الحزب الجمهوري، فهو لا يزال وحيدا.

وهذا سبب آخر للأمل لدى الديمقراطيين، في ألا يواجه الاغتصاب المحتمل للسلطة مقاومة منظمة وكافية من الحزب الجمهوري، إذا لم يتم انتهاك القانون رسميا.

من المرجح أن يسلك الحزب الديمقراطي طريق إضفاء الشرعية على مكائده، إلا أن ذلك يستدعي السيطرة على الكونغرس قبل عام على الأقل من الانتخابات الرئاسية.

على أي حال، فمن غير المرجح أن يساعد التحييد المحتمل لترامب الديمقراطيين على الفوز في انتخابات 2022 و2024. فالاستياء الأمريكي من الإدارة الحالية بسبب الوضع الاقتصادي مرتفع بالفعل، وسيزداد أكثر كل يوم.

وهكذا، فنحن أمام 3 سيناريوهات محتملة، مرتبة ترتيبا تنازليا، لاحتمالية حدوثها:

1) فوز الجمهوريين في الانتخابات، علاوة على أن وصول دونالد ترامب إلى السلطة ممكن في ظل ظروف الأغلبية الجمهورية في الكونغرس. وبعد كل التخريب والاضطهاد من قبل الديمقراطيين، فإن الجمهوريين يشعرون بالمرارة والراديكالية. وهو السيناريو الأسوأ، وغير المقبول إطلاقا، للحزب الديمقراطي وأنصار العولمة.

لقد رأينا ما كان الديمقراطيون مستعدين لفعله خلال ولاية ترامب الأولى، من شيطنة جامحة في وسائل الإعلام، وأعمال شغب من حركة "حياة السود مهمة" BLM، وكانت البلاد على شفا حرب أهلية.

في رأيي أن الديمقراطيين، في هذه المرة، سوف يكونون على استعداد للذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير. ولا أستبعد أن يتم تنظيم سيناريوهات "ثورات ملونة" مع سيطرة المتظاهرين على المباني الإدارية.

2) فوز ديمقراطي جدلي غير متوقع مصحوب بفضائح وتلاعبات في الانتخابات.

لم يعد معظم الجمهوريين يثقون في النظام الانتخابي، ولا يؤمنون بنزاهة الانتخابات. وأعتقد أن الرد على تزوير الانتخابات سيكون أصعب مما كان عليه بعد هزيمة ترامب عام 2020.

في كلتا الحالتين، يتم ضمان عملية الطعن وإعادة فرز الأصوات في عدد من الولايات، مع احتمال الضغط على اللجان الانتخابية من جانب حركة BLM، ومن الممكن حدوث اشتباكات بين الأطراف والضحايا.

3) تحييد ترامب وانتصار الحزب الجمهوري، وانقسام الجمهوريين إلى معتدلين وراديكاليين.

يعطي هذا السيناريو بعض الأمل في حل سلمي لقضية السلطة، إلا أنه مع تطور الأزمة الاقتصادية، تقل احتمالية التوصل إلى نتيجة سلمية.

ما يزيد الأمر تعقيدا حقيقة أن قوى ومزايا الأطراف ليست متكافئة، وأن نتائج نفس الإجراءات للأطراف ستكون مختلفة.

الديمقراطيون لديهم مشاة سهلة الحركة تتجسد في BLM، وراديكاليين من جميع المشارب، يمكن تعبئتهم بسرعة ونشاط والتلاعب بها بسهولة، لكنها غير قادرة على القيام بأعمال هادفة منهجية دون توجيه خارجي. في الوقت نفسه تقف وكالة المخابرات المركزية في صف الديمقراطيين، وهي تتمتع بخبرة واسعة في تنظيم الثورات الملونة، والتي يمكن أن تعمل على تنشيط أو، على العكس، كبح جماح الاحتجاج لدى المؤيدين، وتزيد قدرة التحكم في هذه العملية من احتمالية تطبيق هذه التقنيات.

بالنسبة للجمهوريين، على العكس من ذلك، فإن ناخبهم هو الطبقة الوسطى البيضاء التي تحترم القانون، لكنها مستقلة، ومتعلمة، ومسلحة جيدا، ولديها تاريخ غني في التنظيم الذاتي.

أي أن هؤلاء الناس لن يخرجوا إلى الشوارع لأي سبب عارض، لكنهم إذا خرجوا، فسيكونون قادرين، بدون قيادة الحزب الجمهوري، أو خلافا لموقفه، على تنظيم أنفسهم في هياكل منسقة، ومسيطر عليها ومسلحة جيدا من شأنها طرح مطالب سياسية على الفور، ولن يكون من السهل تحييدها.

المشكلة هي أن الخسارة من خلال الإجراءات القانونية تدفع الديمقراطيين إلى تجاوز المجال القانوني واستخدام الغوغاء.

لكن رد الفعل خارج المجال القانوني من جانب خصومهم سيؤدي إلى تنظيم هذا النضال، وستتجذر كل أنواع "الميليشيات"، لتصبح قوى مستقلة.

ومن ثم، تصبح الحرب الأهلية سيناريو محتمل للغاية.

السؤال الآخر هو: متى؟

يبدو لي أن السيطرة على الكونغرس هو أمر حيوي لكل من الحزبين، إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي في أوروبا هذا الشتاء، ثم في الولايات المتحدة، سيؤدي بالفعل إلى احتجاجات جماهيرية، ما يعني التطرف وتسريع جميع العمليات.

وبالتالي، يبدو لي أن هناك احتمال كبير ألا يبدأ التفاقم نهاية عام 2024، ولكن بعد انتخابات الكونغرس المقبلة في نوفمبر من هذا العام، وربما الشتاء المقبل.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا