هل تحافظ "أرامكو" السعودية على صدارتها كأغلى شركة في العالم؟ وهل يحافظ النفط على ارتفاع أسعاره؟

أخبار الصحافة

هل تحافظ
معمل غاز الخرسانية ومحطة استخلاص الكبريت التابعة لشركة "أرامكو السعودية" - صورة أرشيفية
انسخ الرابطhttps://r.rtarabic.com/t14z

 أصبحت "أرامكو" السعودية، على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة وهبوط سوق الأسهم الأمريكية، أكبر شركة في العالم من حيث قيمة رسملتها Capitalization.

وتبدو آفاق النظرة المستقبلية قصيرة المدى للشركة ممتازة.

فأوروبا تحاول التخلي عن النفط الروسي، وروسيا بحاجة إلى وقت لإعادة توجيه إنتاجها إلى عملاء جدد في آسيا، ومن غير المرجح أن تكون قادرة على فعل ذلك خلال السنوات القليلة المقبلة دون أن تفقد جزءا من ذلك الإنتاج. أي أن ذلك سيؤدي إلى انخفاض في إنتاج النفط العالمي وسيقفز بالأسعار إلى أعلى.

الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا فقدوا عقولهم، وأثار إعلانهم عن التحول إلى الطاقة الخضراء أزمة طاقة عالمية، حيث تخشى شركات النفط الآن الاستثمار في إنتاجه، لما يتوقعونه من انخفاض الطلب عليه في السنوات القادمة. نتيجة لذلك، يشهد إنتاج النفط العالمي ركودا، ويتراجع في بعض البلدان المنتجة للنفط، وهو أيضا ما سيرفع أسعاره.

في الوقت نفسه، من غير المحتمل أن يتغير ذلك التوجه في المستقبل، حيث يتوقع المستثمرون حدوث ركود اقتصادي، ما يعني انخفاضا في الطلب على النفط وهبوطا في الأسعار.

كذلك، وبالتزامن، بدأ المستثمرون والمضاربون تدريجيا، وبسبب التضخم المتزايد حول العالم، بما في ذلك في منطقتي اليورو والدولار، في الانتقال من الفقاعات المتضخمة في سوق الأسهم إلى الأصول الملموسة، مثل الذهب والحبوب والنفط، وهو ما يدفع كذلك أسعار تلك السلع إلى الارتفاع.

في المقابل، أدى ارتفاع أسعار المواد الخام إلى ارتفاع أسهم شركات السلع.

هل تحافظ

كل العوامل سالفة الذكر لا يمكن سوى أن تؤدي إلى استمرار النمو في رسملة "أرامكو" السعودية.

وفي حالة ما إذا، أو بالأحرى عندما يتحول التراجع التدريجي في أسواق الأسهم في الغرب إلى انهيار مذعور يضطر البنوك المركزية في الغرب إلى استئناف سياسة التيسير الكمي، فإن أسعار المواد الخام وأسهم السلع ستستمر في الارتفاع.

ومع ذلك، فهناك مخاطر من شأنها أن تتجلى إلى حدودها القصوى على المدى المتوسط والطويل.

فقد بدأ الركود في العالم، بدأ رسميا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا زالت أوروبا تتأرجح حول الصفر، والصين تتباطأ معدلات نموها بشكل حاد. يقلل الانكماش الصناعي من الطلب على المواد الخام، وستنخفض أسعار النفط وفقا لذلك.

لكن ديناميكيات أسعار النفط سوف تتطور على هيئة موجات، ولن تؤدي كل جولة من الأزمات الاقتصادية إلى خفض الطلب على النفط فحسب، وإنما ستؤدي كذلك إلى زعزعة استقرار الوضع الداخلي وإخراج إنتاج النفط من التداول في أقل البلدان المنتجة للنفط استقرارا اقتصاديا، الأمر الذي سيقلل بدوره المعروض من النفط ويزيد من سعره في المرحلة التالية.

تتمتع المملكة العربية السعودية بالمرونة الكافية على المدى المتوسط، وحتى اللحظة التي يؤدي فيها التضخم العالمي المفرط إلى إغلاق التجارة الدولية لفترة من الوقت، لذلك فمن غير المرجح أن تكون من بين المرشحين الأوائل لزعزعة الاستقرار وخفض إنتاج النفط.

إلا أن الخطر الرئيسي على "أرامكو" السعودية هو خطر جيوسياسي.

فبعد الفوز المتوقع للجمهوريين في الانتخابات النصفية الأمريكية في نوفمبر المقبل، من المرجح أن يتبع ذلك تفاقما في التناقضات الأمريكية الصينية.

وكل ما نشاهده الآن من الغرب ضد روسيا، سيتكرر ضد الصين: فرض أشد العقوبات، قطعها عن نظام السويفت، حصار الطاقة. فقط في حالة الصين، سيكون ذلك حظرا لا على التصدير، وإنما على استيراد النفط والغاز.

وبطبيعة الحال، سيواجه الخليج والمملكة العربية السعودية خيارا بين الشريك الواعد، الصين، والغرب غير الموثوق به، والذي قرر التخلص من النفط خلال السنوات المقبلة.

في الحالة الأولى، قد يعني ذلك مصادرة الغرب للأصول السعودية، وعقوبات اقتصادية أخرى، ومحاولات أمريكية لزعزعة استقرار المملكة العربية السعودية، وصولا إلى "ثورة ملونة" أو الانقلاب ضد محمد بن سلمان. وفي أسوأ الأحوال قد يعني ذلك التدخل العسكري.

في الحالة الثانية، سيتعين على المملكة العربية السعودية دفع ثمن إنقاذ أوروبا. في الوقت الذي ستدفع المشاركة في حصار الطاقة ضد الصين الاقتصاد العالمي نحو الهاوية، ومعه الطلب على الطاقة وبالتالي سعر النفط.

في الوقت نفسه، تعد حقول النفط السعودية حاليا مصدرا للنفط بالنسبة للصين، وسوف يكون كل من يقاتل ضد الولايات المتحدة الأمريكية مجبرا على أخذ ذلك في الاعتبار. وبعد إعادة توجيه المملكة العربية السعودية بالكامل نحو أوروبا، سيصبح تدمير إمكانات إنتاج النفط السعودي، بالنسبة لعدد من اللاعبين الإقليميين هدفا مغريا للغاية.

وعلى الرغم من التلميحات المتبجحة من جانب المملكة العربية السعودية لواشنطن بشأن إمكانية التخلي عن الدولار في تجارة النفط، لا تزال احتياطيات السعودية تستثمر في الأصول الأمريكية، أي أننا لا زلنا لا نرى حتى الآن استعدادات جادة للطلاق مع الولايات المتحدة الأمريكية.

بالتالي، فإن السيناريو الثاني هو الأكثر احتمالا حتى اللحظة الراهنة، وهو ما يعني أن الآفاق المستقبلية لـ "أرامكو" السعودية على المدى البعيد لا زالت غامضة للغاية.

لكن، علينا انتظار زيارة الزعيم الصيني، شي جين بينغ، إلى المملكة العربية السعودية، والتي من المزمع أن تتم في مايو الجاري، وربما تحمل معها بعض المفاجآت.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

تويتر RT Arabic للأخبار العاجلة
موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا

أنباء عن "هجوم إسرائيلي محدود على إيران" وسط نفي إيراني- لحظة بلحظة