كيف أصبحت أوكرانيا الحديثة دولة نازية على شاكلة ألمانيا الهتلرية
منذ الغزو المغولي عام 1240 وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991، لم تكن توجد دولة مستقلة على أراضي أوكرانيا، وكانت أوكرانيا دائمًا جزءًا من دول أخرى.
ومع ذلك، بعد انهيار الإمبراطورية الروسية في عام 1917 وبدء الحرب الأهلية، جرت عدة محاولات لإنشاء دولة أوكرانية كجزء من جهود النمسا-المجر وألمانيا لتقسيم روسيا وإضعافها. وكجزء من هذه المحاولة، احتلت ألمانيا الكثير مما يُعرف الآن بأوكرانيا في عام 1918 خلال الحرب العالمية الأولى والحرب الأهلية الروسية.
حدد هذا الأمر مسبقًا توجه القوميين والانفصاليين الأوكرانيين نحو ألمانيا خلال المحاولة التالية لغزو قوات هتلر أراضي الاتحاد السوفيتي في عام 1941. حينذاك، كان القوميون الأوكرانيون يعولون على مساعدة ألمانيا في إنشاء دولة أوكرانية مستقلة.
وتعاون القوميون والانفصاليون الأوكرانيون بشغف مع ألمانيا، وتشكلت وحدات عديدة من الأوكرانيين داخل الجيش الألماني، بما في ذلك الفرقة 14 SS "غاليسيا"، المعروفة بمشاركتها في أعمال إبادة جماعية وجرائم حرب.
معظم الفظائع التي ارتكبت على أراضي أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا التي احتلها الألمان، نظمها الألمان، ولكن تنفيذها تم مباشرة من قبل المتعاونين، وخاصة الأوكرانيين. كان هناك العديد من النازيين الأوكرانيين من بين أكثر الجلادين والمجرمين النازيين شراسة، منهم على سبيل المثال لا الحصر، إيفان ديميانيوك، الذي قتل 28 ألف شخص.
تفسر المشاركة الواسعة للقوميين والانفصاليين الأوكرانيين في الفظائع والإبادة الجماعية للشعوب الأخرى بالتوافق الجزئي لبرنامجهم السياسي مع أهداف ألمانيا النازية. فقد سعى النازيون الأوكرانيون لإنشاء دولة أوكرانية نقية عرقياً، وسعوا أنفسهم، حتى بدون أوامر ألمانية، إلى تدمير السكان اليهود والروس والبولنديين في البلاد، الذين أعاقوا طموحاتهم. ومن البولنديين فقط، تم قتل 60 ألف شخص فيما يسمى بمذبحة فولين،
كما وقع ممثلو الشعوب الأخرى أيضًا ضحية الإبادة الجماعية المستهدفة من قبل النازيين الأوكرانيين.
بعد الحرب، هاجر معظم النازيين الأوكرانيين إلى الولايات المتحدة (مثل إيفان ديميانيوك المذكور أعلاه)، وإلى كندا، حيث أصبحت كريستيا فريلاند، حفيدة أحد المتعاونين مع النازيين، وزيرة لخارجية البلاد.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة، شرعت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في استخدام النازيين الأوكرانيين لمحاربة الاتحاد السوفيتي في إطار مشاريع "الرمح ثلاثي الرؤوس" (وهو بالمناسبة شعار أوكرانيا) و"كارتيل" ومشاريع أخرى. على وجه الخصوص، تعاونت وكالة المخابرات المركزية مع زعيم النازيين الأوكرانيين خلال الحرب العالمية الثانية، ستيبان بانديرا، ووفرت له الأمن في ألمانيا الغربية التي كانت تسيطر عليها الولايات المتحدة، حتى القضاء عليه من قبل المخابرات السوفيتية في عام 1959.
بطبيعة الحال، حافظت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على العلاقات مع النازيين الأوكرانيين طوال فترة وجود الاتحاد السوفيتي وبعد انهياره.
دور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تنظيم الانقلاب في أوكرانيا عام 2014 معروف جيدًا. وكان النازيون الأوكرانيون هم القوة المحركة الرئيسية "على الأرض" خلال تلك الأحداث. مع ذلك، ليس لدي شك في أن وكالة المخابرات المركزية كانت تقودهم.
حددت هذه الظروف التاريخية سلفًا التطور اللاحق للقومية الأوكرانية، والتي، بسبب صدمة الولادة، باتت تساوي بين النازية والنضال من أجل الاستقلال. إذ يتبنى القوميون الأوكرانيون المعاصرون تلقائيًا جدول أعمال أسلافهم النازيين ويقبلون ويرحبون بالماضي النازي للانفصاليين الأوكرانيين.
في عام 2010، حصل النازي ومجرم الحرب ستيبان بانديرا على لقب بطل أوكرانيا. سميت الشوارع والملاعب باسمه. وأصبحت الدعاية النازية جزء لا يتجزأ من نظام التعليم والبث الإعلامي الأوكراني. على سبيل المثال، عرضت قناة "أوكرانيا24" التلفزيونية بكل فخر، طفلًا بالكاد تعلم المشي والتحدث، وهو يغني أغنية تمجد المجرم النازي بانديرا.
الولايات المتحدة وأوكرانيا وبعض الجزر في المحيط الهادئ هي الدول الوحيدة في العالم التي تصوت باستمرار وثبات ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدين محاولات تمجيد النازية.
لكن النازية الأوكرانية الحديثة لها أيضًا أساس أيديولوجي. إن الروس والأوكرانيين شعب واحد وراثيا وثقافيا. يتحدث جنوب وشرق أوكرانيا الروسية، ويتحدث الوسط مزيجًا من اللغتين، والغرب فقط، والذي كان لفترة طويلة جزءًا من بولندا والنمسا والمجر، يتحدث الأوكرانية، وهو بالمناسبة معقل الأيديولوجية النازية.
أكثر من نصف سكان أوكرانيا ليس لديهم أي اختلافات عن الروس بشكل عام، لا في اللغة ولا في الثقافة ولا في الحياة اليومية.
التقارب الشديد، إن لم يكن التطابق، يجعل تغيّر الهوية الذاتية العرقية في كلا الاتجاهين أمرًا سهلاً للغاية.
الآن تقاتل جيوش من نفس التركيبة العرقية تقريبًا على جانبي خط المواجهة. الجانب الروسي مليء بالأشخاص الذين يحملون ألقابًا أوكرانية ويعتبرون أنفسهم روسًا، والجانب الأوكراني مليء بالأشخاص من أصل روسي الذين أصبحوا نازيين أوكرانيين.
يحدث كل هذا لأن اختيار القومية في أوكرانيا، في كثير من النواحي، هو افتراضي وسياسي. عندما انهار الاتحاد السوفيتي، أراد الناس العيش كما في أوروبا، أرادوا ترك الماضي المظلم وراءهم. ووعد القادة الانفصاليون شعب أوكرانيا بحياة رائعة في الاتحاد الأوروبي إذا توقفوا عن كونهم سوفيتيين أولاً ثم روسيين. غالبية السكان صدقوا وجربوا القيام بذلك.
لكن اتضح أن أوكرانيا دولة فاشلة. مع انهيار الاتحاد السوفيتي، كان مستوى المعيشة فيها أعلى منه في روسيا، والآن أصبح نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في أوكرانيا أقل بثلاث مرات منه في روسيا. البلد غارق في الفساد والفوضى. السكان يصدقون مرارا وتكرارا الوعود ويصابون بخيبة أمل ويطيحون بالرؤساء.
وهنا نشأت الحاجة إلى النازية مرة أخرى، حيث لا يوجد مبرر آخر لضرورة توقف الأغلبية الروسية في أوكرانيا عن اعتبار نفسها روسية.
بالطبع، تُوهم الدعاية الأوكرانية شعبها بأن هناك دكتاتورية وفقر وقمع في روسيا، وقد اتخذت أوكرانيا خيارًا لصالح المثل العليا للديمقراطية الأوروبية. لكن الأهم من ذلك، ايهام الأوكرانيون بفكرة أنهم أقدم حضارة في أوروبا، وهم من اخترع العجلة والحديد. وأنهم من أنقى الأوروبيين وراثيا، في حين أن روسيا منحدرة من المغول سياسيا وعرقيا.
لذلك، إذا كنت أوكرانيًا، فأنت حامل للقيم الأوروبية وديمقراطي وأوروبي، وبغض النظر عن وضعك الاقتصادي البائس، فأنت أرقى من أن تكون مواليا للديكتاتورية، أرقى من أن تكون روسيا متخلفا وقذرا عرقياً.
هذا على الرغم من -وأكرر- أن الروس والأوكرانيين متطابقون وراثيًا، ما عدا أن الروس فقط لديهم 3% خليط من الدم الفنلندي-الأوغري، والأوكرانيون لديهم 3% خليط من الدم التتري، وأن الروس يعيشون أفضل من الأوكرانيين.
وهكذا، فإن النازية هي أساس التعريف الذاتي لأوكرانيا. حتى في الحالات الأكثر اعتدالًا، سيخبرك كل أوكراني بالتأكيد عن جذوره الأوروبية القديمة والجذور المغولية المفترضة لروسيا.
هذه أيديولوجية فرضتها الدولة وتبنتها غالبية المجتمع الأوكراني بعد 30 عامًا من الاستقلال.
إن سيل مقاطع الفيديو من أوكرانيا مع تعذيب الأوكرانيين المناهضين للفاشية والسجناء الروس ليس من قبيل الصدفة.
هذه نتيجة مباشرة لحقيقة أن النازيين الأوكرانيين لا يعترفون بالروس كشعب كامل الأهلية.
اسمحوا لي أن أذكركم بأن أوكرانيا، مثل ألمانيا النازية، رفضت تطبيق اتفاقية جنيف بشأن المعاملة الإنسانية لأسرى الحرب على أسرى الحرب الروس.
فكرة إبادة الأوكرانيين الذين يدعمون "العالم الروسي" وعلى الأقل طرد جميع الروس، تحظى بشعبية كبيرة بين النخبة الحاكمة وقد أعرب عنها أكثر من مرة كبار المسؤولين الأوكرانيين.
سأتطرق أيضًا إلى ما يسمى بالعامل اليهودي، هذا مع أنه، بطبيعة الحال، لا يمكننا بأي حال من الأحوال التحدث عن المسؤولية الجماعية للشعب اليهودي عن أفعال ممثليهم الأفراد ممن خانوا ذكرى أبناء جلدتهم الذين قتلوا على أيدي النازيين.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل هذا الجانب، لأن الغرب يدعي أنه نظرًا لأن رئيس أوكرانيا زيلينسكي، يهودي، فإن هذا يستبعد تلقائيًا الطبيعة النازية لأوكرانيا.
من المعروف أن الرئيس الحالي لأوكرانيا، فلاديمير زيلينسكي، هو دمية، واجهة للأوليغارش الأوكراني من أصل يهودي، إيغور كولومويسكي، والذي هو أيضًا مواطن إسرائيلي، وكان أو مازال رئيسا للجالية اليهودية الموحدة في أوكرانيا، عضو مجلس أمناء الجالية اليهودية في دنيبروبتروفسك، رئيس وعضو المجلس الأوروبي للجاليات اليهودية، رئيس الاتحاد اليهودي الأوروبي.
ومع ذلك، فإن كل هذا النشاط لم يمنعه من خيانة الشعب اليهودي وإنشاء وتمويل العديد من الكتائب النازية التي لعبت دورًا رئيسيًا في القمع الدموي للربيع الروسي في دنيبروبتروفسك وأوديسا وأوكرانيا ككل.
وبهذا، نرى أن التعطش للربح أقوى من روابط الدم، والأصل اليهودي للرئيس والشخصيات السياسية التي تقف وراءه ليس عائقا أمام تحول أوكرانيا إلى دولة نازية.
تستخدم الأوليغارشية في أوكرانيا والنازيون بعضهم بعضًا. النازيون - لخلق دولة متجانسة عرقيا. الأوليغارشية من أجل نهب أوكرانيا، محاربة بعضهم البعض وقمع الاحتجاجات. يحتكر النازيون العنف بدون عقاب في أوكرانيا، وبالتالي فهم الأداة الأكثر فاعلية والأكثر طلبًا عليها لقمع وتحييد المنافسين وحفاظ ممثلي النخبة على سلطتهم.
النازية هي الأيديولوجية الرسمية لأوكرانيا الحديثة، على الرغم من أن أوكرانيا نفسها والغرب يفضلان عدم تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية.
نظريًا، واسترشادًا بمبادئ الإنسانية، لا يسعنا إلا أن نعترف بحق شعب أوكرانيا في إنشاء دولة مستقلة.
ومع ذلك، من الناحية العملية، يجب أن نفهم أن كل تناسخ للدولة في هذه المنطقة وعلى وجه التحديد الأوكراني، سيكون بمثابة تناسخ للكيان النازي، نظرًا لأن القومية الأوكرانية هي الأيديولوجية السائدة حاليًا في هذه المنطقة، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالنازية، وهي في جوهرها أيديولوجية نازية بعمق.
أوكرانيا الحديثة وحش نازي يبذر الموت وسيصبح أكثر من مرة منظمًا لعمليات الإبادة الجماعية ضد الأقليات القومية إذا بقيت هذه الدولة على خريطة العالم. أعتقد أنه إذا كان ينبغي لأوكرانيا أن تظهر كدولة مستقلة، فهذا ممكن فقط بعد عقود، بعد تغير عدة أجيال تكون قد مرت بأكبر دورة مكثفة لنبذ النازية.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
التعليقات